الرباط -أحمد برطيع: قدم الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في الجلسة الأخير لمجلس الأمن، تقريره السنوي، عمــلا بقـرار مجلــس الأمـن 2152 الصادر في 2014 والــذي مـدد المجلـس بموجبه ولاية بعثة الأمم المتحدة للإستفتاء في الصحراء المغربية حتى 30 نيسـان/أبريل 2015، وطلب المجلس من الأمين العام تقديم تقريـرا عـن الحالـة في الصـحراء المغربيـة قبـل نهايـة فتـرة الولايـة بوقـت كاف.

وعرض بان كي مون التطـورات التي شهدتها المنطقة، في الفترة الممتدة بين تقريـره المـؤرخ  بين 10 أبريل 2014 إلى الأن، واصفا الحالة على أرض الواقع ووضـع المفاوضـات المتعلقـة بمسـتقبل الصـحراء المغربيـة والتقـدم المحـرز فيهـا، وتنفيـذ القـرار 2152 الصادر 2014، مبرزا التحـديات الراهنـة الـتي تواجـه عمليـات البعثـة والخطـوات المتخـذة للتغلـب عليهـا، علـى نحـو مـا طلبـه المجلس.

التطورات الأخيرة في الصحراء

وتطرق تقرير الأمين العام للأمم المتحدة إلى الحالة العامة في الصحراء المغربية، مؤكدا، أن الأوضاع هادئة بشكل عام، حسب ما لاحظته بعثة الأمم المتحدة، حيث أن قرار وقف إطلاق النار لا زال قائما، ولم يكـن لمظـاهر التـوتر بـين الطـرفين والحـوادث والمظـاهرات الـتي وقعـت بـين الفينة والأخرى تأثير يذكر في الوضع العام خلال الفترة المشمولة بالتقرير.

 وأقر  التقرير الذي حصلت "المستقبل"على نسخة منه، على الطابع السلمي الذي تطبعت به الحياة العامة على الجانب الغربي من الجدار الرملي، وشمل الطابع السلمي التجمعات الكبيرة المنظمة في إطار المناسبات الاجتماعية التي تشهدها المناطق الحضرية، ولم تسجل أية حوادث.

وسجلت البعثة الأممية خلال المناسبات التي عاينتها وجود واسع  لقـوات الأمن المغربية. مؤكدة استمرار استفادة المناطق الجنوبية من الاستثمارات المغربية، في البنيات التحتية العمومية، خصوصا المرافق الصحية والطرقات والمرافئ مدينتي  "بوجدور" و"الداخلة".

وتطرق التقرير إلى الزيارة التي قام بها 13 وفـــدا أجنبيـــا مـــن الهيئـــات التشـــريعية الوطنيـــة والبعثـــات الدبلوماســـية والمؤسسات الحكومية وغير الحكومية، وكـذلك عـدد مـن ال صـحافيين والبـاحثين الأكـاديميين، بزيارة مقر البعثة أثناء فترة التقرير وأُطلعـوا علـى ولايـة البعثـة وأنشـطتها. وحسـب مـا ذكرتـه السلطات المحلية، فـإن زهـاء 50 وفـدا إضـافيا قـاموا بزيـارات. وحسـب مـا ذكرتـه السـلطات المحليـة أيضـا تم إقصـاء أو طـرد 18 وفـدا و 8 أفـراد مسـافرين، معظمهـم أوروبيـون يؤيـدون تقرير المصير في الصحراء الغربية، وباحثين وعاملين في وسائل الإعلام، أخفوا الغرض  الحقيقــي مــن زيارتهم أو قــاموا بالتشــويش علــى النظــام العــام أو رفضــوا التنســيق مع السلطات.

الملك يؤكد على مغربية الصحراء

وذكر المصدر ذاته أن الملك محمد السادس، قال بمناسبة الذكرى الأربعين للمسيرة الخضراء التي نظمها المغرب إلى الأقاليم الجنوبية عام 1975، (قال) إن "الصـحراء سـتبقى جـزءا مـن المغـرب إلى أن يـرث الله الأرض ومـن عليهـا " أمـا فيمـا يتعلـق بعمليـة التفـاوض، فقـد قـال "إن اختيـار المغـرب للتعاون مع جميع الأطراف بصدق وحسن نية لا ينبغي فهمه على أنه ضعف أو اتخـاذه كـدافع لطلب المزيد مـن التنـازلات " وتـابع قـائلا "فمبـادرة الحكـم الـذاتي، هـي أقصـى مـا يمكـن أن يقدمه المغرب .... من أجل إيجاد حل نهائي لهذا النزاع الإقليمي."

 وأكد كـذلك أن "سـيادة المغـرب علـى كامـل أراضـيه ثابتـة وغـير قابلـة للتصـرف أو المسـاومة " وأشـار أيضـا إلى أن المغرب “مستعد للانفتاح أكثر علـى مختلـف الهيئـات والمنظمـات الحقوقيـة الدوليـة الـتي تعتمـد الحيـاد والموضـوعية في التعامـل مـع قضـاياه ”، فيمـا أعـرب عـن رفضـه “ لأي محاولـة لمراجعـة مبادئ ومعايير التفـاوض، ولأي محاولـة لإعـادة النظـر في مهـام البعثـة أو توسـيعها بمـا في ذلـك مسألة مراقبة حقوق الإنسان”. وأكد الملـك دعمـه للخطـط الـتي اقترحهـا المجلس الاقتصـادي والاجتمــاعي والبيئــي المغــربي في تشــرين الأول/أكتــوبر 2013 لتنميــة الأقــاليم الجنوبية  والمتعلقـة بالصـحراء والمنـاطق الواقعـة باتجـاه الشـمال.

 وأشـار إلى الحاجـة إلى  تصحيح اختلالات تـدبير شـؤون تلـك المنـاطق وأعلـن أيضـا عـن تفعيـل "الجهويـة المتقدمـة"

 أنشطة المبعوث الشخصي كريستوفر روس وبعثة المينورسو

وأعرب المغرب عقب  صـــدور التقريـــر الأخـــير المؤرخ 10 في  نيســـان/أبريل 2014  تحت رقم  S/2014/258 2014 عن تحفظات كبيرة حيال بعـض عناصـر التقريـر، ومـن صـيغة عمليـة التفـاوض وولاية البعثة. وقد وافق مبدئيا علـى اسـتمرار المشـاورات الثنائيـة والدبلوماسـية المكوكيـة الـتي يقوم بها المبعوث الشخصي وعلى إيفاد ممثلتي الخاصة للصحراء الغربية ورئيسة البعثـة الجديـدة، إلا أنه طلب إجـراء حـوار بشـأن القضـايا الـتي تشـغله قبـل الانخـراط مجـددا، وقـال إنـه يلـتمس توضيحات من أجل كفالة أن تتم عملية التفاوض بطريقة سلسة، بما في ذلك ما يتعلق بإعـداد هـذا التقريـر.

أما عن  أنشطة بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء المغربية أوضح التقرير أمام عدم تكمن الممثلة الخاصة لبان كي مون الخاصة من الالتحـاق بالبعثـة بـتقلّص التفاعـل بين البعثة والسلطات الموجودة غرب الجدار الرملي. وشمل ذلك انحسار الاتصـالات مـع كبـار المسؤولين، نظرا إلى أن محاورهم المعتاد فيما يتعلق بتنفيذ ولاية البعثة هو الممثل الخاص.

 الأنشطة الإنسانية وحقوق الإنسان في الصحراء المغربية

 وواصلت اللجنة الدولية للصـليب الأحمـر، بصـفتها وسـيطا محايـدا، العمـل مـع الطـرفين ومع الأسر المعنية في بحث حـالات الأشـخاص الـذين لا يـزال مصـيرهم مجهـولا بالارتبـاط مـع ـالنزاع السابق- حيث تقوم البعثة بتقديم المساعدة إلى لاجئي الصحراء الغربية وحمايتهم، وفي انتظار أن يتم تسـجيل اللاجـئين في المخيمـات القريبة من تندوف، ظلـت المسـاعدة الإنسـانية المقدمـة مـن المفوضـية وبرنـامج الأغذيـة العـالمي قائمـة علـى أسـاس مؤشـر تخطـيط سـكاني بلـغ 90 ألف لاجـئ مـن الفئـات الضـعيفة، حيـث يقـدم برنـامج الأغذيـة العـالمي 35 ألف وجبة غذائيـة إضـافية للأشـخاص الـذين يعـانون مـن حالة تغذوية سيئة في المخيمات.

وفي القطاع الصحي، واصلت المفوضية وشـركاؤها تغطيـة مـا يصـل إلى 60 في المائـة من الاحتياجات في مخيمات اللاجـئين . وظلـت الأمـراض المزمنـة، مثـل داء السـكري وارتفـاع ضـغط الـدم وفقـر الـدم وأمـراض القلـب والتـهاب الكبـد الوبـائي مـن الفصـيلة بـاء، تشـكل الشواغل الصحية الرئيسية. وكانت الثغرات الرئيسية المسـجلة في مجـال تـوفير الرعايـة الصـحية الأساسية مرتبطة بصـيانة البنيـة التحتيـة الصـحية وتطو يرهـا. وقـدمت المفوضـية دعمهـا للجـان الطبيـة متعـددة التخصصـات مـن أجـل تـوفير فحـوص متخصصـة للاجـئين في المخيمـات علـى أسـاس ربـع سـنوي ووزعت لوازم النظافة الصحية على حوالي 450 ألف امرأة وفتاة في سـن الإنجـاب. ووفـرت المفوضية أيضا، عن طريق شركائها، المواد الخـام لإنتـاج مـواد الـتطهير والصـابون الـتي وزعـت على مرافق الصحة والمياه والتعليم .

الإشادة بجهود المغرب للنهوض بحقوق الإنسان

ولاحظت المفوضة السامية الخطوات الحثيثـة الـتي خطاهـا المغـرب نحـو النـهوض بحقـوق الإنسان وحمايتها على نحو أفضل. وفي الوقت نفسـه، أثـارت شـواغل تتعلـق بحقـوق الإنسـان، بما في ذلك في الصحراء الغربية. وشجعت حكومة المغرب على كفالـة حمايـة حقـوق الإنسـان والحريات الأساسية بـنفس القـدر في المغـرب وفي الصـحراء المغربيـة.

وأكـدت أنـه لكـي يتسـنى للمجلـس الـوطني لحقـوق الإنسـان النــهوض بحقـوق الإنسـان وحمايتـها بفعاليـة في الصــحراء المغربية، يتعين على السلطات المحلية والوطنية إبداء التعاون التام مع تلك المؤسسة، بسـبل منـها الرد على الشكاوى بسرعة. وأعربت المفوضة السامية عن اسـتعداد المفوضـية لتقـديم المسـاعدة التقنية للّجنتين الجهويتين للمجلس الوطني لحقوق الإنسان.

وواصلت لجنتا المجلس الوطني لحقوق الإنسان في العيون والداخلـة الاضـطلاع بطائفـة من الأنشطة، بما في ذلك رصد المظاهرات وزيارة السجون والمراكز الطبية وتنظيم أنشطة بنـاء القدرات لجهـات مختلفـة مـن أصـحاب المصـلحة . وتابع المجلس رصـد تنفيـذ توصـيات هيئـة الإنصــاف والمصــالحة فيمــا يتعلــق بالضــحايا الســابقين لانتــهاكات حقــوق الإنســان .

 وفي عــام 2014، تلقــت لجنتــا المجلــس 415 شــكوى بشــأن ادعــاءات بانتــهاك الحقــوق المدنيــة والسياســية والاقتصــادية والاجتماعيــة في الصــحراء الغربيــة.

 واضــطلعت اللجنتــان بمــا عــدده 20 بعثة لتقصي الحقائق على سبيل متابعة بعض من تلك الشكاوى،  وخـلال الفتـرة المشـمولة بـالتقرير، وجهـت حكومـة المغـرب دعـوات إلى عشـرة مـن المكلفـين بولايـات في إطـار الإجـراءات الخاصـة لـمجلس حقـوق الإنسـان. غـير أنـه لم يضـطلع المكلفون بولايات في إطار الإجراءات الخاصة بأي زيارة في الجانب الغربي مـن الجـدار الرملـي لأسباب يتعلق معظمها بمسائل الجدولة الزمنية. وبالمثل، لم يضطلع المكلفون بولايات في إطـار الإجراءات الخاصة بأي زيارة إلى مخيمات اللاجئين القريبة من تندوف.

 وفي آذار/مــارس 2015، دعــت حكومــة المغــرب رسميــا المفــوض الســامي لحقــوق الإنسان، زيد رعد الحسين، لزيارة المغـرب في بحـر السـنة.

وخلال الفترة المشمولة بـالتقرير، ظلـت بعـض منظمـات حقـوق الإنسـان الصـحراوية العاملة في الجانب الغربي من الجدار الرملي تواجه صعوبات، ومن ذلك ما يتعلق بتمكينها مـن الوصول إلى المباني الرسميـة وتنظـيم الأنشـطة العامـة وتنظـيم المظـاهرات. وكانـت إحـدى هـذه المنظمات، وهي الجمعية الصحراوية لضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، قد قـدمت طلبــا للحصــول علــى مركــز قــانوني. وفي آذار/مــارس 2015، أعلنــت السلطات المغربيــة تسجيلها رسميا بنـاء علـى توصـية مـن المجلـس الـوطني لحقـوق الإنسـان. وأتـيح التسـجيل أيضـا لمنظمة أخرى، هي جمعية الغد لحقوق الإنسان .

توصيات وملاحظات با كي مون

وأنهى بان كي مون تقريره بالتوصيات وجهتها إلى الأطراف المعنية بملف الصحراء ادعوها إلى العمل المشترك والتعاون مع مبعوثه الخاص ومع البعثة الأممية "المينيرسو" لتسهيل مهامها الإنسانية لضمان تطبيق "وقف إطلاق النار" ودعت إلى ضرورة إحراء إحصاء للسكان في المخيمات المنصبة على الأراضي الجزائرية، لتحقيق الاستقرار في المنطقة أمام تزايد خطر الإرهاب في دول جنوب الصحراء.

"/المستقبل/" انتهى ا.ع