الكويت- ودّعت الكويت أمس النائب السابق سالم عبدالله حمود الحماد العازمي الذي وافته المنية عن عمر يناهز الـ 81 عاما (من مواليد 1934م).

كان، رحمه الله، «نجما برلمانيا حكيما» يمثل الدمنة «السالمية»، حيث بدأ حياته البرلمانية عن دائرة السالمية سنة 1975 وحقق المركز الأول بعدد 1195 صوتا ليواصل بعدها مسيرة إنجازات في تاريخ مجلس الأمة الكويتي، كان آخرها في عام 2003، ويعد واحدا من جيل الرعيل الأول في الحياة البرلمانية وأحد أبرز رواده من الجيل المخضرم الجميل..

وسالم الحماد سياسي مستقل لم ينتم إلى أي تيار سوى الكويت التي عمل لأجلها دائما بعيدا عن الضجيج الإعلامي، محققا الانجازات لأبناء دائرته خاصة والكويت عامة.

عُرفت عنه الطيبة والفزعة لأهل الكويت، وسعى جاهدا خلال ربع قرن من العمل البرلماني إلى إيجاد حلول لأبناء دائرته ووطنه.

للكويت في قلبه مكانة متميزة، وكان له دوره المشهود في أثناء الاحتلال الصدامي العراقي للكويت، وله أيضا موقف مشهود ومعلن من قضية إشهار الأحزاب من باب الأفكار التي تناسب الكويت وبيئتنا لدفع عملية التنمية وخدمة المواطنين.

رحل سالم الحماد عاشق الزراعة والنخيل والخضرة بكل بساطته وتواضعه، فهو الذي اعتاد أن يزرع ليحصد وحصد اليوم حب الناس بعد رحلة كفاح طويلة عمل فيها بكل أنواع المهن فأكسبته صفات الصبر والجلد والتحمل في أحلك الظروف وهو اسم على مسمى برئ من كل العيوب سالما ومسالما معافى.

الرثاء اليوم لشيخ البرلمانيين سالم الحماد البرلماني المخضرم الذي شارك في عضوية مجالس 1975، 1981، 1985، 1992، 1999، وآخرها 2003 وهي مسك الختام لحياة برلمانية طويلة منجزة.

وبهذه المناسبة الأليمة، تتقدم «الأنباء» بأحر التعازي إلى أسرة النائب الراحل سالم عبدالله حمود الحماد العازمي، داعين الله عز وجل أن يتغمده بواسع رحمته ويلهم ذويه الصبر والسلوان، إنا لله وإنا إليه راجعون.

إضاءة على مسيرة الراحل

 النائب الراحل برلماني مخضرم شارك في عضوية مجالس 1975 و1981 و1985 و1992 و1999 و2003، عرف عن النائب الراحل رغبته في الابتعاد عن الضجيج الإعلامي، مفضلا ان تتكلم إنجازاته عنه، كما عرف بانشغاله الدائم بهموم وتطلعات أبناء دائرته خصوصا وأبناء الكويت عموما.

سياسي مستقل لم يلتحق بأي تيار طوال مسيرته السياسية التي تميزت بالهدوء، كما شخصيته، مفضلا الابتعاد عن الإثارة والصراخ، متبعا نهج الوسطية والاعتدال والتعقل والحكمة وتبني القضايا العالقة والتي شكلت هاجسا وقلقا للمجتمع مثل مشكلات البطالة ودفع عجلة الاقتصاد نحو مزيد من الرخاء وإتاحة الفرص كاملة للشباب الكويتي لكي يجدوا مكانتهم نحو النهوض بالوطن الى جانب قضايا إعادة تأهيل البنية التحتية لمختلف مرافق الدولة والتي تصدى النائب الراحل لها طوال مسيرته.

وكان النائب الراحل أكد خلال أحاديثه على ضرورة التعاون بين السلطتين التنفيذية والتشريعية لتحقيق المصالحة العامة لأجل رفعة الكويت وتقدمها سواء على المستوى السياسي او الاقتصادي او الاجتماعي، وهذا الانسجام بدوره يحقق الإنجازات ـ حسبما قال النائب الراحل ـ «رحمه الله»، وبالتالي المحافظة على وقت المجلس ولا يدخل في مهاترات تضيع وقته، مشددا على ضرورة التنسيق بين مجلس الأمة والسلطة التنفيذية، وهذا لا يعني الموافقة على الخطأ والتغاضي عن التجاوزات بل تغليب المصلحة العامة على المنافع الشخصية.

رحلة العمر

ولد النائب الراحل سالم عبدالله الحماد عام 1934 وتلقى تعليمه وهو في سن الخامسة في المدارس الأهلية المنتشرة في ذلك الوقت لتعليم القراءة والكتابة وقراءة القرآن الكريم وحفظه والسيرة النبوية وأحاديث السلف الصالح والحساب، ثم واصل دراسته في المدارس النظامية حتى الثانوية العامة ثم توجه لمساعدة والده ومواجهة الحياة وتكوين أسرة كريمة حيث تزوج في أواخر الخمسينيات من القرن الماضي وأنجب من الذرية الصالحة خمسة أولاد هم: عبدالله، وحربي، ونايف، ونواف، وصالح،ومن البنات أربع، وقد حرص على تربية أبنائه التربية الصالحة من أجل مواجهة الحياة ومصاعبها وخدمة الوطن والاخلاص له.

مسيرة حافلة

شارك العضو سالم الحماد ـ رحمه الله ـ في المؤتمرات البرلمانية الدولية العديدة، كما ترأس مرات عدة وفد مجموعة الصداقة البرلمانية، تم البحث خلالها في تعزيز اللقاءات والحوار بين المجالس النيابية العربية والعلاقات البرلمانية في سبيل العمل المشترك وتنسيق الجهود البرلمانية العربية في مختلف المجالات وتبادل الخبرات التشريعية وبحث القضايا العربية المشتركة في النطاق القومي والدولي واتخاذ التوصيات والقرارات ذات الأهمية بشأنها، ومنها العمل على تعميق المفاهيم والقيم الديموقراطية في الوطن العربي وكذلك العمل على توحيد تنسيق التشريع في الدول العربية وتوحيده، والعمل على تدعيم التعاون بين شعوب العالم من أجل سلام قائم على العدل، كما شارك النائب سالم الحماد ضمن الشعبة البرلمانية في الاجتماع البرلماني الدولي لرؤساء البرلمانات.

شارك النائب سالم الحماد ـ رحمه الله ـ في لجان عديدة لمجلس الأمة منها:

٭ لجنة شؤون الزراعة ـ رئيسا

٭ لجنة شؤون الإسكان ـ عضوا

٭ لجنة العرائض والشكاوى ـ عضوا

وقد تقدم باقتراحات عديدة منها:

1 ـ إنشاء شركة مساهمة كويتية يكون المساهمون فيها من المزارعين تطرح أسهمها لاكتتاب المزارعين على ان يكون لكل صاحب مزرعة في الوفرة أو العبدلي عدد معين من الأسهم وتتبنى إدارة هذه الشركة لفترة مؤقتة جهة حكومية مشاركة مع شركة اجنبية متخصصة في مجال التسويق الزراعي حتى يتم تأهيل كوادر وطنية من المزارعين لإدارتها.

2 ـ إعادة توزيع حصص الحكومة في شركة المنتجات الزراعية على المزارعين بحيث تطرح أسهمها على المزارعين وترك إدارة هذه الشركة لإدارة جديدة فترة ثلاث سنوات، وبهذا تتحقق خطوة نوعية وجدية في التخصيص لأصحاب العلاقة، ويمكن خلال هذه الفترة الاستعانة بشركات اجنبية متخصصة في مجال التسويق الزراعي.

كما شارك النائب الراحل مع زملائه في تقديم اقتراح لمجلس الأمة بشأن تعديل بعض أحكام المرسوم الأميري رقم 5 لعام 1959 بقانون التسجيل العقاري حول خفض رسوم تسجيل العقار عام 2008.

فعندما صدر المرسوم الأميري رقم 5 لعام 1959 بقانون التسجيل العقاري حدد في الفقرة الاولى من المادة 58 قيمة رسوم التسجيل المستحقة على عمليات بيع العقارات بنسبة 2%، من قيمة العقار، وهي نسبة مرتفعة في ذاتها وتتزايد تلقائيا كلما ارتفعت قيمة العقارات الى تجنب أداء هذه الرسوم عن طريق أسلوب الوكالات التي تفضي أحيانا الى عواقب قد تؤثر على استقرار حق الملكية ذاته.

ومن ثم لزم تخفيض الرسوم المقررة على هذا النوع من البيوع الى الحد العملي المعقول بجعله 1% من قيمة العقار مع تقدير حد أدنى لهذا الرسم مقداره مائة دينار.

رئيس السن

كما تولى النائب الراحل ـ رحمه الله ـ رئاسة جلسة افتتاح دور الانعقاد الاول من الفصل التشريعي العاشر، الاولى لمجلس الأمة، في التاسع عشر من يوليو 2003 بصفته الأكبر سنا بين النواب.

ورست رئاسة السن على الحماد حينها ليتولى استقبال أمير البلاد الراحل الشيخ جابر الأحمد، رحمه الله.

حديث الذكريات

في حديث سابق للنائب الراحل، رحمه الله، ذكر أنه عمل شرطيا لمدة 7 أشهر براتب 100 روبية ثم ترك الشرطة قائلا:

تركت الشرطة لأنها كانت مقيدة للحرية الى حد ما وكنا آنذاك شبابا وقد شجعني زملائي على العمل في مكان آخر، خصوصا أننا لم نكن نرتاح في نهاية الاسبوع، إذ كان عمل الشرطة متواصلا.

وعن الزراعة ومشاكلها قال في حديثه يرحمه الله عام 2000:

بلا شك فأنا أعايش مشاكل الزراعة والمزارعين ولقد أكرمني اخواني أعضاء اللجنة وزكوني وشرفوني برئاسة اللجنة ولعلي أكون عند حسن ظنهم إن شاء الله.

وعن إسهاماته قال رحمه الله: أنجزنا بمشيئة الله مشروع توصيل المياه المعالجة للمزارعين سواء المنطقة الجنوبية أو الشمالية، وقد قابلنا الاخوين وزيري الكهرباء والاشغال، وأيضا قابلنا المسؤولين في الهيئة العامة لشؤون الزراعة والثروة السمكية وأبدوا جميعا كامل استعدادهم من خلال تنفيذ دراسات علمية تنفذ الرغبة السامية لصاحب السمو الأمير.

واعتبر النائب الراحل أن نقطة ضعفه رؤية مريض يتألم، ومكمن قوته الحفاظ على مبادئه ودينه.

رحم الله الراحل الذي حافظ طوال مسيرته على مبادئه ودينه، وأسكنه فسيح جناته.

انتهى ع.د