(نأسف على قسوة المشاهد ولكنها الحقيقة)
هي أشبه بمجزرة صبرا وشتيلا، وربما أشد بشاعة، هي تلك المجزرة التي وقعت فجر أمس الأحد، في حي الشجاعية لقطاع غزة، مخلفة عشرات الشهداء، الذين وصل عددهم حتى تاريخ إعداد الخبر 60 شهيداً معظمهم من النساء والأطفال في الحي فقط، وأكثر من 300 جريح، بعدما قصفته قوات الاحتلال الإسرائيلي عشوائيا مع دخول العدوان يومه الـ14.
ومنذ ساعات صباح أمس، بدأت مئات العائلات بأكملها، هجرة جماعية باتجاه مناطق يعتقدون أنها أكثر أمناً، هرباً من قصف إسرائيلي جعل من حي الشجاعية بأكمله هدفاً لصواريخه ومدفعياته.
ووجهت مئات العائلات نداءات استغاثة للصليب والهلال الأحمر لإخراجها من منازلها تحت القصف الإسرائيلي، لكن عمل الطواقم الطبية يواجه صعوبات كبيرة في الميدان، جراء كثافة القصف الإسرائيلي من جهة وتزايد النداءات من جهة أخرى، لا تستطيع معها الطواقم الطبية والإسعافية تلبية تلك النداءات.
في السياق قالت الناطقة الإعلامية باسم الصليب الأحمر نادية الدبسي إن هناك حاجة لتأمين سريع لحركة سيارات الإسعاف، وذكرت الأطراف أن هناك قوانين للحرب تفرض احترام المدنيين.
وذكر مسؤولو وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (أونروا) أنهم فتحوا مخازن الوكالة لتقديم المساعدات الموجودة للعدد الكبير من الجرحى والنازحين، ودعوا المجتمع الدولي للمسارعة إلى تقديم المساعدات الضرورية لتفادي كارثة إنسانية محققة. وطالبت الوكالة بتوفير 60 مليون دولار فورا لتوفير دعم عاجل لسكان القطاع.
وقال أبو أحمد المتحدث باسم سرايا القدس الذراع العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي للجزيرة إن عدد الشهداء بحي الشجاعية قد يتجاوز المائة، مؤكدا أن جثث الشهداء مقطعة وصارت أشلاء.
وأعلن أن الاحتلال لا يحارب مقاتلي المقاومة، بل يستهدف النساء والأطفال والشيوخ بغرض رفع عدد الضحايا، وأعلن أن الاحتلال يقصف المنطقة منذ السابعة من مساء السبت حتى ظهر الأحد بمعدل يتراوح بين ثلاث وأربع قذائف كل دقيقة.
وأكدت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) أن مجزرة الشجاعية جريمة حرب لن تكسر إرادة الشعب الفلسطيني وأنها لن تسمح للاحتلال بأن تطأ قدمه أرض غزة. كما أعلنت أن إسرائيل رفضت طلب لجنة الصليب الأحمر تنفيذ هدنة لثلاث ساعات لسحب الجثث من الشجاعية.
وصرح سامي أبو زهري، المتحدث باسم حركة "حماس"، أن مكتب الصليب الأحمر اتصل بحركة "حماس" وعرض التوسط لعقد تهدئة إنسانية لمدة ثلاث ساعات لتمكين سيارات الإسعاف من إخلاء الشهداء والجرحى. وأضاف أبو زهري أن حركة "حماس" وافقت على ذلك، لكن الاحتلال رفض، وهو لا يسمح لسيارات الإسعاف بالقيام بدورها.
بدورها دانت الرئاسة الفلسطينية في بيان بثته وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية "المجزرة الجديدة التي ارتكبتها الحكومة الإسرائيلية فجر أمس".
وطالب المتحدث باسم الرئيس الفلسطيني نبيل نبيل أبو ردينة "الحكومة الإسرائيلية بإيقاف عدوانها على القطاع فورا وحذرها من استمراره."
وتابع: "معظم الشهداء من النساء والأطفال والمسنين، والاحتلال يحاول تركيعنا ومنعنا من الدفاع عن شعبنا.. وهذا لن يحدث، فالمقاومة محتضنة من شعبنا، وهم الذين يطالبون المقاومة بالرد على هذه الجرائم". وأشار القيادي في "حماس" إلى أن مطالب حركته ليست تعجيزية بل هي مطالب إنسانية تنهي الحصار المتواصل على قطاع غزة منذ سنوات وتنهي أشكال العدوان على غزة والضفة الغربية.
فيما أعلنت الأمم المتحدة في غزة أنها استقبلت أكثر من 62 ألف نازح، وهو عدد أكبر مما استقبلته في نزاع 2008-2009 الذي أوقع حوالي 1400 قتيل فلسطيني.
وأعلنت إسرائيل عن توسيع عملياتها البرية وخصوصاً ضد الأنفاق التي لا يمكن استهدافها بالغارات الجوية. وحركت إسرائيل 53200 جندي من أصل 65 ألف جندي احتياط وافقت على استدعائهم الحكومة.
وبحسب متحدث عسكري فإن القوات الإسرائيلية، من مدافع ودبابات، لا زالت في "ضواحي" المناطق المدنية القريبة من الحدود.
فإن قرار تل أبيب شن العدوان البري على قطاع غزة، جاء بعد فشل الغارات الحربية في تحقيق أي نتائج في وقف صواريخ المقاومة الفلسطينية من الانطلاق لدك المستوطنات والمدن "الإسرائيلية" التي بات مستوطنوها يسكنون الملاجئ خوفاً من الصواريخ وسط فشل "القبة الحديدية" والتشكيك المتصاعد في إدارة حكومة بنيامين نتنياهو.
التوغل البري والقصف الهمجي لـ"إسرائيل" على قطاع غزة، وخاصة أمس الأحد، أعاد للفلسطينيين ذكريات مجزرة صبرا وشاتيلا التي راح ضحيتها مئات المدنيين، وذلك بارتكابه مجزرة شنيعة بحيّ الشجاعية شرق القطاع وسقط خلالها 60 شهيداً ومايزيد على 400 جريح.
العقل المدبر لهذه المجزرة، والتي نفذها بدم بارد دون مراعاة لسقوط مدنيين شهداء أو جرحى، عربي الجنسية ويدعى غسان عليان وهو قائد لواء "غولاني" الإسرائيلي"، الأمر الذي يُغضب ويشكل بصمة عار لدى العرب جميعاً، وقد اختارته "القيادة العسكرية "الإسرائيلية" بالتحديد لأنه عربي لإيصال رسائل إلى العرب بأن التطبيع مع كيان الاحتلال يجب أن يكون أمراً واقع، وأن هناك عرب في صفوفها لا يتهاونون مع الفلسطينيين إذا تعرضت مصالح أو شعب تل أبيب للخطر.
وحصل العقيد عليان على ترقيته الأخيرة فقط قبل نحو شهر ليصبح أول عربي يُعيّن قائداً لقوات "غولاني"، وقد أصيب بجراح بين متوسطة وطفيفة في الاشتباكات مع المقاومة الفلسطينية شرق الشجاعية اليوم الأحد، فيما كان يشغل منصب قائد لواء "منشيه" وهو اللواء المسؤول عن منطقة جنين.
والجدير ذكره أن العقيد غسان (41 عاماً) شغل في الماضي قائد كتيبة "الهدهد" ونُصب نائب قائد لواء جولاني، وخلال الأعوام 2008- 2009 شغل منصب قائد كتيبة في لواء جولاني. في العام 2009 عُين قائداً للواء الاحتياط "الكسندروني" وكقائد للواء "مناشيه" وشغل منصب نائب اللواء الجنوبي في غزة، وشارك العقيد عليان في حرب لبنان الثانية كقائد لكتيبة "روتيم" وأصيب خلال الحرب مع حزب الله، ويعتبر بمثابة أول قائد عربي يتم تعيينه في هذا المنصب.
وعلى الصعيد الدبلوماسي لم يسجل أي تقدم من أجل التوصل إلى وقف إطلاق نار بعدما رفضت حركة "حماس" قبل أيام مبادرة مصرية للتهدئة.
ولكن وبعد هذه المجزرة الدنيئة، اختلطت الدموع بالاهازيج والدماء النازفة بالتكبير وسط ابتهاج بلسم قليلا من جراح المكلومين جراء مجزرة القرن حي الشجاعية فجر أمس.
المئات خرجوا في شوارع غزة والضفة ابتهاجا باعلان المقاومة اسر الجندي شاؤول ارون، حيث عمت الاحتفالات مختلف المدن في القطاع والضفة الغربية المحتلة، حيث اطلقت ابواق السيارات، فيما قام اخرون بتوزيع الحلوى ابتهاجا واطلاق الالعاب النارية التي طغت اصواتها على اصوات الانفجارات التي تضرب قطاع غزة.
فقد اعلنت كتائب القسام الجناج العسكري لحركة "حماس"، مساءً، انها تمكنت من أسر جندي اسرائيلي خلال العملية التي نفذها مقاتلوها فجر اليوم الاحد في محيط حيي الشجاعية والتفاح شرق غزة.
وقال الناطق باسم كتائب القسام "ابو عبيدة" في مؤتمر صحافي مقتضب، ان الجندي الاسير يدعى شاؤول ارون ويحمل الرقم العسكري : 6092065، موكدا ان الجندي المختطف بات في قبضة كتائب القسام.
واضاف "فإذا استطاعت قيادة العدو أن تكذب في أعداد القتلى والجرحى، فعليها أن تجيب جمهورها عن مصير هذا الجندي الآن".
واستعرض أبو عبيدة خلال مؤتمره الصحافي العمليات التي نفذتها الكتائب خلال الساعات الأخيرة، مؤكدا أن عدد القتلى في صفوف جيش الاحتلال أكثر مما اعترفت به إسرائيل.
إعداد: إيمان شلالة
