لا يمكن لأي عمل رسميّ أن يكون شفافاً ونزيهاً ما لم يقابله جهة متخصّصة تراقبه وتحدّ من التجاوزات والمخالفات؛ ولا يمكن للقطاع المالي العام الإستقرار والإستمرار ما لم يقابله عمل رقابي يحدّ من الفساد والهدر المالي والصرف غير المبرّر لأموال الدولة. ويُعدّ ديوان المحاسبة في كلّ دولة هو المراقب والعين الساهرة على الأموال العامة، وهو جهاز رقابي مستقل يراقب الأموال التي تصرفها الدولة في عدد من المشاريع والهيئات الحكومية.

ويُعتبر الهدف الأساسي لديوان المحاسبة تحقيق رقابة فعالة على الأموال العامة لصونها ومنع العبث بها والتأكد من استخدامها عبر الاستخدام الأمثل في الأغراض التي خصصت لها. وبمعنى آخر، فإن أهمية ديوان المحاسبة تكمن في صون المال العام واستخدامه الاستخدام الأمثل في الأوجه التي خصص لها.

ويُمارس ديوان المحاسبة في أي دولة وُجد فيها، دوراً رقابياً يهدف إلى حماية الأموال العامة بهدف منع إساءة استخدامها ومراقبة كافة أوجه التصرفات التي تتم عليها. ويقوم كل ديوان محاسبة بإعداد تقارير رقابية توضح أوجه استخدام الأموال العامة ومدى تحقيقها للأهداف التي صُرفت لأجلها، فضلاً عن إظهار أي غشّ أو استعمال غير مبرر للأموال العامة أو صرفها دون وجه حق.

وفي الكويت، يُعدّ ديوان المحاسبة هيئة مستقلّة عن السلطتين التشريعية والتنفيذية، رغم أنه يؤدي كافة ما يكلف به من مهام رقابية من قبلهما وفقاً لما نصت عليه المادة 25 من قانون إنشائه، ويتمتّع بإستقلاقية تمكّنه من القيام بواجباته المنصوص عليها قانونا. ويُذكر أنه تم إنشاء ديوان المحاسبة في 7 تموز 1964 بمقتضى القانون رقم 30 لسنة 1964 وذلك تنفيذاً لما ورد في المادة 151 من دستور دولة الكويت والتي نصت على أن ينشأ بقانون ديوان للمراقبة المالية يكفل القانون استقلاله ويكون ملحقاً بمجلس الأمة.

ورغم إختلاف القانون بين دولة وأخرى، والذي ينظّم العلاقة بين الأجهزة الرقابية والدولة ويحدد مهام الأولى، فإن أي ديوان محاسبة يهدف في الأساس إلى التدقيق والرقابة والتحقيق للتأكد من أن موارد الدولة تتم إدارتها بطريقة مالية سليمة، ويتم استخدامها طبقاً لقوانين وأنظمة وموازنات الحكومة، ويتم احتسابها بشفافية لضمان تحمّل المسؤولية. وتشمل مهام دواوين المحاسبة عمليات التدقيق المالي، ومراقبة الالتزام، والتدقيق بالمشاريع وغيرها من الأمور المالية، مع العلم أنه لا يمكن لأية دولة أن تستقيم ما لم تُفعّل أجهزتها الرقابية التي تلجم الفساد والهدر، وعلى رأسها الأجهزة الرقابية المالية المتمثلة بديوان المحاسبة.

وهذا كله، هل اليوم ديوان المحاسبة في دولة الكويت يقوم بمهامه بفاعلية عالية وفق ما تتطلبه المصحلة الوطنية؟ أم هذا الديوان بصلاحياته ودوره عاطل عن العمل؟ فلو كان فعالاً لما كنا اليوم أمام تنصيب الفاسدين في مناصب سياسية واقتصادية متعددة؟

نضع كل هذه الاسئلة برسم الرأي العام والجهات المعنية.

جهاد الرافعي