الكويت - هادي العنزي: ولي ولي العهد السعودي سمو الأمير محمد بن سلمان أعلن في الرابع عشر من شهر ديسمبر الجاري عن تحالف اسلامي عسكري يهدف لمحاربة الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره أيا كان مذهبها أوتسميتها، بقيادة المملكة العربية السعودية، وبغرفة عمليات مشتركة مقرها الرياض، ويضم التحالف العسكري خمسة وثلاثون دولة.
كثير من الأسئلة دارت حول التحالف الاسلامي العسكري، لعل من بينها أهدافه وكيفية محاربته للإرهاب، والاستراتيجية التي سوف يتخذها في محاربة بؤر الارهاب لاسيما في أكثر دولتين تضررا من الإرهاب والإرهابيين وهما العراق وسورية.
"المستقبل" طرحت الكثير من الأسئلة على الخبير الأمني اللواء الطيار المتقاعد يوسف الملا المتخصص في إدارة الأزمات والمخاطر، وكلها تتعلق قضية الساعة (التحالف الاسلامي العسكري)، والذي أخذ وقتا طويلا من البحث والتحليل من قبل السياسيين والمختصين بالشأن الأمني.
الاعلان عن التحالف مفاجئ
الخبير الأمني اللواء متقاعد يوسف الملا أكد لـ "المستقبل" بأن الاعلان عن التحالف الاسلامي العسكري جاء مفاجئا، فلم يكن هناك تميهد يسبق الاعلان عن هذا التحالف، لا سيما وأن أمر مهم وحاسم كهذا يكون له تمهيد ودراسة وافية بين الدول، بحسب الخبير الأمني.
وعما اذا كان هناك تنسيق بين دول التحالف مع القوى العظمى ومجلس الأمن، قال الخبير الأمني لـ المستقبل "لا أعتقد بأن هناك تنسيقا تم قبل الاعلان عن التحالف الاسلامي العسكري، لأن الخبر اتى من تلك الدول بالمباركة فقط"، ولفت اللواء المتقاعد الملا الى وجود تحديات وتساؤلات كثيرة قائلا انه ليس من الصعب ايجاد اجابة عليها بسهولة، لكن هذا لا ينفي ترحيبنا بالتحالف العسكري الاسلامي، مؤكدا ان تلك الأسئلة يجب أن تكون محل طرح بحث عميق ومناقشة مستفيضة.
التحالف الاسلامي العسكري برأي الخبير الامني لديه عدد من الايجابيات وفيه ايضا تحديات وفيه ايضا تساؤلات، لكنه يحتاج إلى رؤية واضحة المعالم تحدد الاهداف وسبل تنفيذها، وفق استراتيجية معتمدة من قبل الدول المتحالفة.
ويقول بأن الايجابيات تتمثل بكونه عمل اسلامي مشترك وهذا أمر جيد ويستحق الاشادة، خاصة وأنه يأتي لمحاربة الإرهاب بكافة اشكاله، ويأتي بعد أن شهدت المنطقة عمليات إرهابية كثيرة طالت العديد من الدول سواء الغربية أو العربية منها، بحسب اللواء متقاعد يوسف الملا.
رسالة التحالف: الإرهاب لا يمثلنا
الخبير يقول إن رسالة التحالف الاسلامي العسكري تأتي واضحة ومتميزة لجميع شعوب العالم ومؤكدة بأن الاسلام بعيد عن هذه الأنشطة الارهابية بل ويحاربها بحسب الخبير الأمني يوسف الملا، وأضاف "نتمنى ان يصل التحالف الاسلامي إلى هذا المستوى والأهداف النبيلة التي انشأ من أجلها، بالإضافة إلى توحيد الجهود الاسلامية والتعاون في المعلومات سواء المتعلقة بالإرهاب أو الأمنية منها، وهذا له ايجابيات كبيرة، ويعود بفائدة عظيمة سواء على الدول المتحالفة ذاتها أو كافة دول العالم وخاصة تلك التي تضررت من الارهاب".
وعن التحديات التي تواجه التحالف التحالف الاسلامي العسكري ذكر اللواء المتقاعد يوسف الملا لـ "المستقبل" بأن هناك تحديات جوهرية تعترض التحالف أولها ايجاد تعريف واضح للإرهاب، ومن تنطبق عليه المواصفات والعناصر الارهابية، ومن ثم يتم التعامل مع كل من تنطبق عليه الصفات المعتمدة من قبل الدول المتحالفة على الارهاب، على الرغم من أن أغلب دول العالم وكذلك منظمة الامم المتحدة اتفقت على تعريف الارهاب، واتخذت خطوات كبيرة في هذا الشأن.
الخبير الأمني يوسف الملا استطرد موضحا بشأن تعريف الارهاب، قائلا "بعض الدول ترى بأن هناك عدد من الانشطة أو المنظمات ليست ارهابية، ولنأخذ على سبيل المثال جماعة الاخوان المسلمين، فهناك من يرى بأنها منظمة ارهابية يحظر التعامل معها بل ويحاربها مثل تركيا والامارات، بينما هناك دول اخرى في التحالف العسكري الاسلامي يراها غير ذلك مثل تركيا".
الميزانية وكيفية محاربة الارهاب ابرز التحديات
"المستقبل" سألت المتخصص في إدارة الأزمات والمخاطر اللواء المتقاعد يوسف الملا عن ابرز التحديات أو المشاكل التي تواجه التحالف العسكري الاسلامي، فقال إن "المشكلة التي تواجه التحالف الاسلامي العسكري تكمن بعدم وجود سورية والعراق والجزائر وكذلك اندونيسيا، وهي دول تعاني من الارهاب، ولا اعتقد بأن التحالف الاسلامي موجه ضد سوريا أو غيرها، وإلا لكان أعلن عنه في حينه".
التحدي الآخر الذي يراه اللواء متقاعد الملا هو كيفية تسليح هذه القوات العسكرية، وأضاف "هل ستكون هناك قوات عسكرية؟، واذا كانت ما هو التسليح لهذا القوات العسكرية؟، فهل يتم تسليحها بأسلحة ثقيلة، أم بأسلحة نوعية خفيفة"، واستشهد الخبير الأمني بقول جون ماكين رئيس لجنة الدفاع في الكونغرس الأمريكي والذي يقول بوجوب تكوين تحالف اسلامي سني، ويجب ان يكون تعدادهم 100 ألف عسكري بالإضافة إلى 10 آلاف جندي امريكي.
بحسب الخبير فإن هناك تحد آخر بحسب الخبير الأمني اللواء متقاعد يوسف الملا ويتمثل بالتكلفة المادية للتحالف العسكري الاسلامي، وتساءل الملا عمن يتكفل بتحمل التكلفة المادية الباهظة لانشاء هذا التحالف، لاسيما في ظل هبوط اسعار النفط لأقل من 30 دولارا للبرميل، وتساءل "من سيدفع هذه الميزانية الضخمة؟".
التصدع العربي
يوسف الملا لفت إلى تصدع بين دول العالم العربي، بدأ أولا بالتطبيع مع العدو الصهيوني وخروج مصر من الجامعة العربية، تلاه الغزو الصدامي للكويت، وهو أحدث شرخا في الجسد العربي، وتحرير العراق ومحاربة الاخوان المسلمين أيضا سبب تصدع واضح بين دول التحالف، وتمنى الملا أن يلتئم الجسد العربي مرة أخرى لأن التحديات التي تواجهه كبيرة، بحسب قوله.
التحدي الثاني الذي يراه المتخصص في إدارة الأزمات والمخاطر يتمثل بسؤال، كيفية تحرك قوات التحالف الاسلامي العسكري؟ سواء كانت متمركزة في المملكة العربية السعودية أو في مكان آخر، هل سوف تتحرك خارج الحدود، وهل سيكون تحركها بموافقة حكومات الدول التي ستتجه نحوها، وأضاف اللواء متقاعد يوسف الملا "الآن الارهاب موجود وبشكل كبير سواء في سورية أو ليبيا أو العراق أو تونس أو مصر، وعليه هل سندخل هذه الدول بطلب أو موافق هذه الدول، وهذه تحديات صعبة لدرجة يكون معها ليس بالسهل تحقيقها".
الملا لـ "المستقبل": الارهابيين لم يأتوا عبر الزمن
اللواء متقاعد الملا لفت إلى ضرورة تعريف الارهاب أولا قبل البدء بمحاربته، وأشار الخبير الأمني إلى أن محاربة الارهاب تتطلب عدة محاور، أولا من ناحية العملية بالإضافة إلى ثلاثة محاور يجب أن تكون متساوية في النشاط والحيوية، ولعل أهم واجباتها تحديد أسباب توجه الشباب إلى الارهاب، وليس فقط محاربة الارهاب بمواجهته بالسلاح مباشرة، لاسيما بعد أن تجاوز عدد الارهابيين في سورية والعراق وحدهما 110 ألف ارهابيا، وشبه اللواء المتقاعد تكاثر الارهابيين بخرير الماء، وعليه يجب معالجة مصدر الخرير وليس محاولة تنشيف الأرض.
ولفت الخبير الأمني إلى أن هناك نوع من الحضانة الفكرية تغسل ادمغة الشباب، وتساءل الملا هل الارهابيين يأتون ويتكاثرون عبر الزمن، أم أنهم يدخلون عبر الحدود المشتركة لبعض الدول المجاورة للعراق وسورية؟! "/المستقبل/" انتهى ل . م
|