بين أردوغان وبوتين حوار غير متكافئ ، وصراع غير موضوعي ، وحرب كلامية قد تتطور لتصل الى اﻷرض المشتعلة ، لكن لا علم لبوتين بها ...
فأردوغان الرجل القوي العنيد بحسب الصورة التي يريد الظهور بها ، والذي ذكر ربما متباهيا بأنه عضو في الناتو، متجاوزاً إسلاميته المفترضة .
فهدد الروس الذين يعانون ما يعانون اقتصاديا بقطع مشترياته من الغاز الطبيعي منهم، وبفسخ عقد إنشاء محطة نووية في مدينة آككويو من قبلهم ، اﻷمر الذي أزعج الروس ، وهو ما استدعى انتقاداً حاداً من محرم إنجه معاون رئيس حزب الشعب الجمهور أكبر أحزاب المعارضة، الذي استخف بعدم معرفة أين يضع قدميه وقال ساخرا ، أن أردوغان لا يعرف مضمون العقد النووي الموقع مع الروس ، حيث أنه وقع العقد مع الروس دون طرح مناقصة، وفرض على نواب حزبه في البرلمان المصادقة عليه. وطالبه بكشف ما سيفعله بهذا العقد، في إشارة إلى البند الجزائي الذي لا بد وأن يكون موجوداً والذي يتوقع أن يحمل تركيا أعباءً لا قبل لها على تحملها، حيث أن صفقة سفن ميسترال بين الروس وفرنسا كادت أن تكلف فرنسا ملياراً ونصف المليار يورو، عندما فسخت فرنسا العقد بناءً على ضغوط أمريكية، واعتبر الفرنسيون أنهم حققوا إنجازاً هاماً ببيع ميسترال إلى مصر بتمويل سعودي، فتقلصت خسائرهم إلى مائتين وخمسين مليون يورو ...
ومن جهة ثانية فإن تجارة الغاز الطبيعي وحجم التبادل التجاري بين البلدين ، تجعلنا نتأكد بصعوبة فسخ هكذا علاقة متينة مبنية على صناعة صمود اقتصادي قد يؤدي التلاعب بها الى زعزعة استقرار البلدين ..لكن وعلى الرغم من أن تركيا زبون مهم جداً لروسيا، وهو الشريك السادس له في حجم التجارة الخارجية إلا أن روسيا أكثر أهمية بكثير بالنسبة لتركيا، حيث أن حجم تجارتها معها يتجاوز 400 مليار دولار، وهي بالتالي أهم دولة بعد ألمانيا في التبادل التجاري معها، يضاف إلى ذلك أن تركيا تستورد 55% من احتياجاتها من الغاز من تركيا . وبغياب البديل من الصعب أو من المستحيل التنبؤ يفسخ اي عقد مهما كانت شروطه سهلة .
فدخول الطيران الروسي اﻷجواء التركية هو أمر من الممكن معالجته إذا ما راجع أردوغان مواقفه وأدرك في أي رمال متحركة يضع قدميه ، خاصة وأنه يجول كما يشاء في اﻷراضي العراقية ويقصف من يسميهم باﻷعداء ويدمر ما يدمر ، ويقتل ما يقتل ... ( بقلم : ميسون منصور )
|