يخطئ كثيراً من يظن بأن التدخل الروسي في سوريا لم يكن بسبب الضغط السوري اﻹيراني المتواصل ، ويعتقد بأن هذا التدخل هو وليدة قرار مستقل بعيدا عن أي لقاءات أو اتصالات جانبية .. فطهران لعبت على مدى أشهر طويلة وهذا ليس بسر دوراً مهماً جداً في اقناع الروس بالتدخل المباشر، ولهذه الأسباب استقبلت موسكو قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني الجنرال قاسم سليماني في آب الماضي . وفي ذروة المفاوضات النووية ، كانت طهران ترسل مبعوثيها الى موسكو وتصرّ وتعمل على التدخل المباشر ووضع يدها على اﻷرض في سوريا للوصول الى الحل الجذري الحاسم ...
حتى ان حزب الله نفسه لم يتفاجأ بالتدخل الروسي، وهذا بحد ذاته دليل قاطع على انه كان في قلب اﻷجواء منذ عدة أشهر . ومن غير المنطقي أن يحصل ما حصل الا بعد لقاءات تنسيقية على الأرض السورية وإن لم يقر بها الجميع ، وهذه اللقاءات بين ضباط وخبراء روس، وبين خبراء وكوادر اساسيين من «حزب الله» وضباط من الجيشين السوري واﻹيراني . 
وقد أدى هذا التدخل الى قلب جميع الموازين في المنطقة ، والى اعادة النظر في حسابات الكثيرين ..
ومن الطبيعي ان يؤدي اﻷمر الى رفع معنويات النظام السوري وحلفاء بشار الاسد والجيش السوري المنهك المهترئ المفكك داخليا وخارجيا ، يقابلها كسر معنويات أعداء النظام السوري في الداخل، وأضعاف موقف حلفائهم الذين باتوا على يقين بأن الطبخة أصبحت واضحة،
اﻷمر الذي قد يبدل أصول اللعبة وفتح الباب على اعادة تموضع القوات العسكرية في سوريا بنقلها من حالة الدفاع الاستراتيجي عن المدن الكبرى وخطوط المواصلات الرئيسية، الى حالة الهجوم واستعادة المواقع ، واﻹمساك بزمام اﻷمور .
وربما هذا قد يفتح الباب على عملية عسكرية برية واسعة النطاق، بالتنسيق ما بين الروس والجيش السوري النظامي و «حزب الله» حيث تؤكد المؤشرات والمعطيات المتوافرة ان الاسابيع القليلة المقبلة حاسمة على هذا الصعيد، والعين على ريف ادلب، وجسر الشغور التي قد تكون جسر عودة تلك المنطقة الى حضن الدولة السورية،
خاصة بعد أن أدت الضربات الجوية الروسية الى نتائج كارثية على المجموعات الإرهابية، وأجبرتهم على الهرب من مواقع تمركزهم إما في اتجاه العراق، وإما في اتجاه تركيا، وتبعاً لذلك هل من الممكن ان تؤدي الضربات الجوية الروسية العنيفة الى استعادة جسر الشغور وأريحا وغيرها بمعركة سريعة، أو بالأحرى من دون معركة حقيقية؟ وهل سيؤدي ذلك في وقت لاحق الى فك الطوق عن بلدتي كفريا والفوعة من دون أية اثمان؟
نحن أمام الكثير من اﻷسئلة والتساؤلات التي قد تكون أجوبتها موجعة ومفرحة في آن ..
الحلول تبدو في اﻷفق وهي تمد يدها ، فإلى أن نمسك بها هل سيبقى بين أيدينا ما يجعلنا قادرين على رهانات جديدة .. وإلى ذلك الوقت لا بد أن نقول بأن انتهاء معركة غير كاف ﻷن نبتسم .. بإنتظار ان تلملم الحرب كل نيرانها ودخانها وتغادر .... "/المستقبل/" (بقلم : ميسون منصور)