اﻹنسان هو اﻹنسان سواء ان كان من أميركا العظمى أو من المانيا الجميلة أو من سويسرا اﻷنيقة أو من أفريقيا المنهكة أو من أفغانستان التعيسة الكئيبة أو من سوريا الممزقة المشتتة الضائعة بين أنياب الجميع ...
والحقوق اﻹنسانية هي نفسها للجميع ، كذلك الواجبات طبعا إن كان منه أو عليه ...
فليس من المنطق ولا من اللائق ان نعلن وفاة مئات اﻷشخاص في مكان ، بنفس جرعة الحزن واﻷسف على شخص واحد في مكان آخر ، فهذا ليس من العدل واﻹنسانية واﻷخلاق ...
نحن لا ننشد هنا ولا نبحث الا عن المساواة التي على أساسها تستمر وتصل بنا الحياة الى اعلى المرتبات ...
ما نعرفه نحن بخبرتنا المتواضعة بأن الطائرة الطاهرة النظيفة الحضارية المتطورة جدا ، قادرة على اصابة هدفها بدقة فائقة ، ولا تخطئ أبداً إلا إذا شاء الله ذلك ، بحسب التبريرات التي تجيء فيما بعد للتخفيف من حجم المصيبة ...
ولطالما قال لنا كبارنا إذا رأيتم الطائرة في السماء ، فلا تخافوا وأنتم على اﻷرض ، فالطائرة لا تخطئ ، وهي لا تطير الا بهدف ، تقصده من أخر الكون ، وتصيبه بدقة متناهية دون ان تزعج سواه ...
وعلى هذا الأساس بقينا نلعب في أماكننا نحن الصغار ، حتى كبرنا وما زالت الفكرة تدور في رأسنا وتلازمنا حتى يومنا هذا ...
لكن الفكرة بدأت تتبدد شيئا فشيئا بعد كل تلك المشاهد العنيفة المؤلمة التي نراها لقصف جوي بأحدث الطائرة من ابناء الوطن الواحد يطال أبناء الوطن الواحد من كبار في السن ، من نساء وأطفال أبرياء لم يتخطوا عامهم اﻷول بعد ...
إذا نحن نجينا بأعجوبة .. ولطالما ركضنا تحت الطائرات بلا أي خوف او تردد ، ولطالما شتمناها ورشقناها بحجارتنا الصغيرة دون أن تأبه لنا ..فهل كل ذلك فقط مصادفة وبأننا كنا طوال تلك السنين ندور ونجول في حقول الموت الملعون دون أن ندري ...
حقا لقد نجونا بأعجوبة ..عكس كل المساكين الذي نشاهدهم على التلفاز يشتعلون ويمزقون وتحت بيوتهم يدفنون ...
وهكذا تتغير اﻷفكار وتتبدل الصور .. وهكذا تنتهي الحكايا التي لطالما صدقناها .... (بقلم : بقايا )
|