سألت أباها الطفلة التي لم تبلغ الخمس سنوات بعد : أبي إن متنا إلى آين نذهب .. قال لي مرة جدي بأننا حين نموت نذهب الى عند الله ..هل هذا صحيح يا أبي ...؟!
طأطأ الوالد رأسه وقال بصوت مسكون بالقلق والحيرة .. نعم يا طفلتي الجميلة جميعنا يوما ما سنذهب الى عند الله ..جميعنا يوما سنسكن جنته التي عرضها عرض السموات واﻷرض ..جميعنا يا إبنتي ...
إبتسمت الطفلة بعد ان اطمأنت وقالت : إذا لماذا تفعلون كل هذا كي تبقون على قيد الحياة لماذا انتم قلقون كثيرا من الموت ..؟!
سألها اﻵب الذي بدأ يشتد حول عنقه حبل اﻹحراج .. وهل تريدين يا ابنتي ان نموت عمدا كي نستحق مرضاة الله ..هل ترين ان نبقى حتى ضربات الطائرات التي لا ترحم كي ندخل باب الموت الذي يأخذنا نحو الله ...
قالت الطفلة : وهل ركوب البحر بقارب صغير ﻻ يستحق ان نمتطيه برحلة صغيرة وببعض اﻷشخاص ليس انتحارا .. هل عبور المسافات والركض من بلد الى بلد حيث يرمى لنا الطعام كما نفعل نحن في حديقة الحيوانات ليس موتا .. يا أبي ما دمتم لا تثقون كثيرا بأن الله سيرعانا ويحمينا فلماذا اذا تعبدونه وتقضون العمر هدرا ..
وهل الموت يا أبي يكون فقط بمغادرة الروح من الجسد....
يا أبي تعالوا نبقى هنا ونسلم امرنا الى الله ونصلي .. تعالوا نصدّق وبقوة بأن الله سيحمينا أينما كنا .. تعالوا نموت بكرامتنا وعزة نفسنا بدل العيش عراة الا من ثيابنا ..
نظر اﻵب ليتأكد من ان ابنته تتكلم وليس سواها .. وقال لها .. يا طفلتي كلامك جعلني أعيد النظر بترتيب افكاري .. يا ابنتي كتب علينا ان نكون يوما ما حطبا في نار اﻵخرين .. تعالي لأضمك يا صغيرتي ..لا أريد ان اشعر الا بك ...لا اريد ان اشعر الا بك .... "/المستقبل/" انتهى
|