الكويت - هي علاقات تاريخية وأسرية واخوية تلك التي تجمع الكويت بالبحرين. علاقات ارتباطها يمتد عبر الزمن لمئات السنين، بصلة أنساب وروابط عائلية، وعلاقات مميزة ربطت حكام البلدين، فتُرجمت هذه العلاقات تضامنا ودعما في محطات مفصلية من تواريخ الجانبين، ابرزها الدعم البحريني اللامحدود للكويت ضد الغزو العراقي، قابله دعما كويتيا كبيرا للبحرين بعد ان عصفت الاحداث بها في فبراير 2011. ولكن العلاقات الاقتصادية بين البلدين لم تستطع ان ترتق حتى اليوم الى حد الطموح المرتجى من الطرفين رغم المساعي لتطويرها.
الحريجي لـ"المستقبل": علاقة خاصة
سعت الكويت والبحرين باستمرار على الوصول بعلاقاتهما الى اعلى المستويات بما يخدم مصالح الشعبين. وعلى مدار السنوات المتلاحقة، كانت التصريحات الصادرة عن قادة البلدين تؤكد هذا التوجه وتعترف بأن العلاقة بين البلدين اكبر من الديبلوماسية وتستند الى ترابط شعبي واخوي خاصة أن البحرين والكويت تربطهما علاقات نسب وقربى تفسر التلاحم الاجتماعي والثقافي والأسري. فالكثير من العوائل في البحرين على صلات قربى من نظيراتها في الكويت، وتتشابه عاداتهما وثقافتهما وتقاليدهما. ومن المعروف ان الكثير من أهل الكويت يعيشون في البحرين منذ فترات طويلة والعكس صحيح، ويتفاعلون مع كل المناسبات الوطنية في البلدين.
وفي هذا السياق يقول النائب سعود الحريجي لـ"المستقبل" ان العلاقة التي تربط الكويت بالبحرين لها طابع خاص بغض النظر عن العلاقة التي تجمع البلدين في اطار المنظومة الخليجية، حيث ان هناك شعور متبادل وكأن البلدين مجتمع واحد في ولكن بتكوين جغرافي مختلف، مشيرا الى ان الكويت ومملكة البحرين ممتزجين في امور كثيرة من الناحية التاريخية حيث التقارب عميق بين الشعبين.
ففي مناسبات عدة أكد الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين ، والأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء البحريني، والأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد، نائب القائد الأعلى، النائب الاول لرئيس مجلس الوزراء، حرص المملكة على توطيد العلاقات وفتح مجالات أوسع للتعاون مع الكويت سواء في الإطار الثنائي أو على مستوى مجلس التعاون.
ويصف الخبير الاستراتيجي والامني الدكتور فهد الشليمي وهو عقيد ركن متقاعد ومحلل سياسي، ورئيس المنتدى الخليجي للأمن والسلام بكوغر ومنسق عام منظمات كوغر في الكويت، العلاقة بين الكويت والبحرين بأنها أسرية اكثر من كونها علاقات دولية مشيرا في حديثه لـ"المستقبل" الى ان الاسر الحاكمة بين البلدين ترتبط بعلاقة اخوية، كما هو الحال مع شعبي البلدين الذين تتشابه اسماء العائلات فيهما كثيرا ، ومتقاربين بشكل كبير جدا ، كما توجد الروابط التاريخية بين البلدين الشقيقين.
عزز البلدان علاقاتهما المميزة هذه، عبر الزيارات المتبادلة بين قيادتي البلدين وشعبيهما الشقيقين التي أعطت مؤشرات قوية على حرص الطرفين على الانطلاق بالعلاقات نحو مجالات أرحب، بما يعود بالخير والنفع على شعبي البلدين.
محطات مفصلية
اذاً نجحت العلاقات البحرينية الكويتية في تقديم نموذج ناجح وبارز للعلاقات التاريخية الأخوية الوثيقة على كافة الأصعدة، زادتها رسوخا المواقف المتشابهة بين البلدين تجاه القضايا الإقليمية والدولية.
هذا الترابط تجلى بصورة واضحة في اغسطس من العام 1990 عندما تعرضت الكويت للغزو العراقي الغاشم فوقفت مملكة البحرين قيادة وشعباً ضد الاحتلال منذ لحظة وقوعه داعية الى خروج القوات الصدامية فورا من الكويت وشاركت الى جانب الدول الشقيقة والصديقة في عملية التحرير فأرسلت البحرين قوة عسكرية مجهزة لتشارك ضمن قوات درع الجزيرة في عملية التحرير ودخلت إلى الكويت لحظة التحرير كما شارك سلاح الجو البحريني في الحرب واستضافت مطارات البحرين بعض طائرات سلاح الجو الكويتي من طائرات نقل ومقاتلات.
لم يقف الدعم البحريني عند حدود المشاركة العسكرية بل فتحت المملكة ابوابها وحدودها لاستضافة مئات الكويتيين الذين هربوا من القمع الصدامي، وتمت معاملتهم بالحسنى وأمّنت لهم المملكة جميع المستلزمات الضرورية لحياة كريمة الى ان تم تحرير الكويت وعادوا الى بلادهم سالمين غانمين حاملين الكثير من المودة لمملكة وشعب دعموا قضيتهم العادلة.
في العام 2003 العلاقة الوثيقة والقوية تجلت مرة اخرى عندما شاركت البحرين عبر مجموعة القتال السابعة البحرينية في الحفاظ على الحدود الكويتية اثناء دخول القوات الاميركية الى العراق لخلع نظام صدام حسين. واعلن حينها الملك حمد بن عيسى آل خليفة أن أي اعتداء على الكويت هو اعتداء على البحرين، مشدداً على أن القوات البحرينية الموجودة في الكويت للمشاركة في حمايتها براً وبحراً وجواً تعبر أصدق تعبير عن التلاحم والتميز الذي يربط البحرين وشقيقتها الكويت.
الكويت تدعم البحرين بأحداث 2011
هذه المواقف البحرينية الداعمة للكويت بادلتها الاخيرة بأحسن منها فكانت مواقفها المشرفة في العام 2011 غداة الاحداث التي وقعت في المنامة في فبراير 2011.
يتحدث الشليمي لـ"المستقبل" عن هذا الموقف الكويتي ازاء ازمة البحرين فيشير الى ان البلاد لعبت دور الناصح لخلق بيئة من التوازنات في عملية الاصلاح السياسي بين اطياف الشعب البحريني الصديق، مضيفا انه "لو عدنا الى متانة العلاقة بين البلدين فاننا نجد صعوبة في وصفها واعطائها حقها اللازم والمستحق، ولكن لو سلطنا الضوء على الغزو العراقي الغاشم للكويت فان البحرين من اوائل الدول التي اسدت الحق الكويتي وطالبت بعودة الشرعية الكويتية." فبعد تطور الاحداث في المنامة في ال2011 شاركت القوات البحرية الكويتية تحت مظلة قوات درع الجزيرة في البحرين، في حفظ الأمن في البحرين.
ويؤكد الشليمي على ضرورة حل الازمات في البحرين عبر وساطات خليجية لحفظ امنها لا سيما بعد الحوادث الارهابية التي ارتكبت على اراضيها، ورشح الكويت لان تلعب دورا هاما في المباحثات بين الاطراف البحرينية لكونها تملك علاقة وطيدة وجيدة مع ابناء الطائفة الشيعية والطائفة السنية، بحيث تستغل الكويت سمعتها التي تتمع بها في انهاء حالة عدم الاستقرار في المملكة ، وان تتم العملية بمصداقية واضحة.
|