الكويت - أحمد الحافظ:علاقة عمرها من عمر الاستقلال. وككثير من العلاقات الدولية خضعت علاقة البلدين للمؤثرات السياسية على مر العقود الماضية وما زالت حتى اليوم. فانتصار الثورة الاسلامية شكلت بداية للتحول في العلاقة نحو السلبية رغم اعتراف الكويت بالنظام الجديد. الا انها وككل الدول الخليجية بقيت حذرة من نظام قال انه يرغب بتصدير ثورته الى البلدان المجاورة ما يعني تصدير الارهاب وزعزعة استقرار جيرانها. لكن التحول الاكبر كان بعد اندلاع الحرب العراقية الايرانية، اذ اقدمت الكويت على دعم بغداد بمليارات الدولارات من دون فوائد الامر الذي استفز ايران وتم على خلفيته تخفيض مستوى العلاقات الى ادنى المستويات. لكن وصول الاصلاحيين الى سدة الرئاسة في ايران في العام 1997 فتح بابا جديدا لعلاقات اكثر مرونة. في العام 1961، وغداة اعلان استقلال الكويت سارعت ايران الى الاعتراف بالكويت ثم فتحت سفارتها في البلاد في مطلع العام التالي اي في يناير من العام 1962. أعلنت ايران في العام 1973 بأنها ستقف الى جانب الكويت ضد محاولة العراق ضمها الى اراضيه رافضة اي محاولة لتغيير النظام الجيو-سياسي في المنطقة.
لكن مع انتصار الثورة الاسلامية في العام 1979 والقضاء على نظام الشاه، بدأت الامور تتحول تدريجيا بين البلدين نحو السلبية. ورغم اعتراف الكويت بالنظام الجديد الا انها ابدت حذرا وترقبا من اهداف الثورة الوليدة في طهران خصوصا بعد اعلان زعماء الثورة رغبتهم بتصدير الثورة الى خارج الحدود الايرانية. وشكلت الحرب العراقية الايرانية الشعرة التي قصمت ظهر البعير بين الطرفين لا سيما بعد اقدام الكويت على دعم العراق في الحرب ففتحت له منافذها وأقرضته 4 مليار دولار بلا فائدة (تساوي 10 مليارات دولار في 2014).
وللاشارة فإن موقف الكويت الداعم للعراق سبقه محاولة كويتية لإنهاء الحرب بين الطرفين حيث قال ولي العهد الكويتي آنذاك أن الكويت مُستعدَّة للتوسط بين الدولتين للوصول لتسوية تُرضي كلا الطرفين.
وبعد احتلال العراق للكويت في اغسطس 1990، أعلنت ايران رفضها للاحتلال مؤكدة عدم السماح للعراق باحتلال هذا البلد حتى ولو فشلت الدُول العربية في التعامل مع الموضوع بشكل حاسم. كما اعلنت دعمها لكل العقوبات الاقتصادية التي تؤدي الى اخراج القوات العراقية من الكويت.
ومع وصول التيار الاصلاحي في ايران الى الحكم في العام 1997 وتبوأ الرئيس محمد خاتمي عرش الرئاسة شهدت العلاقات تحسنا كبيرا وعرفت تبادلا للزيارات الديبلوماسية بشكل كبير وفي العام نفسه زار وزير الخارجية الإيراني الكويت بهدف تعزيز علاقات إيران مع دول مجلس التعاون الخليجي.
واستمرت العلاقات في التطور الى ان تم الاعلان عن الاتفاق النووي بين ايران والدول الغربية في يوليو الماضي وعلى اثرها هنأت قيادة الكويت طهرات بالاتفاق معربة عن تطلعاتها بأن يُسهم الاتفاق في تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة ونهضة دول المنطقة
العوضي لـ»المستقبل»: العلاقات حافظت على نموها
لكن العلاقة اليوم وكما يقول رئيس رابطة الصداقة الايرانية الكويتية الدكتور عبدالرحمن العوضي لـ»المستقبل» حافظت علی نموها وتطورها رغم الازمات المریرة التی تعصف بالمنطقة مشيرا الى ان العلاقات تغيرت بمرور الزمن، مشيرا الى مبادرة صاحب السمو لزيارة ايران والتي تم على اثرها توقيع العديد من الاتفاقيات.
كما رأى أن الخطوة التی أقدمت عليها رابطة الصداقة الکویتیة الإیرانیة بزیارة طهران فی نوفمبر الماضی جاءت بهدف تعزیز الثقة بین الجانبین ورفع مستوی التعاون الشعبي فی شتی المجالات الانسانیة ‹وهی خطوة أیدتها القیادة والحکومة الکویتیة وتبشر بالخیر›.
وبالنسبة الى العوضي فإن ايران دولة اسلامية قویة یسعی الغرب لتشویه سمعتها وتقلیص دورها الحضاري وتجاهل مکانة علمائها الشباب الذین حققوا إنجازات علمیة مبهرة یشهد بها القاصي والداني لاسیما فی تطویر الطاقة النوویة السلمیة مشددا على ان العلاقة بین البلدین الصدیقین قائمة علی روح الثقة المتبادلة ومد جسور التواصل بین الشعبین .
الاستفزازات الايرانية
أما المحامي عمر العيسى رئيس جمعية المحامين الكويتية سابقا وفي حديثه لـ»المستقبل» اعترف أن ايران تقوم ببعض الاستفزازات للكويت ولدول المنطقة «ولكنها امور طبيعية تحدث في كل مكان، والكويت تتعامل بحكم الجيرة وباخلاق دمثه وعالية مع الجار الايراني». واضاف ان «الكويت تمتلك افضل السياسات المتوازنة والعاقلة مع جيرانها، وهذا الامر عرف عن الكويت في المحافل الدولية، وتلقى ثناء عالميا، لانها تلعب دور الناصح والهادئ وهذا الدور وضعها في مركز متميز بين الدبلوماسية الدولية».
العيسى لـ «المستقبل»: علاقة مميزة تربط بين الشعبين
«الشعب الايراني طيب ومحب للعمل والنشاط واتضح هذه الامر من خلال التعامل معهم»، بهذه العبارة وصف العيسى الشعب الايراني في حديثه لـ»المستقبل»، مشيرا الى ان الكويتيين يسافرون كثيرا الى كافة ارجاء ايران «فنرى يوميا ما يقارب 4 رحلات كويتية متجهة الى مطارات ايران». كما لفت الى وجود علاقة اجتماعية تربط العائلات من البلدين الصديقين «فهناك علاقة نسب اذ ان الكثير من العائلات الكويتية تتزوج من عائلات ايرانية والعكس صحيح».
وتسعى رابطة الصداقة الايرانية الكويتية الى ارساء المحبة والاخاء بين الشعبين الايراني والكويتي، من خلال توطيد العلاقات الشخصية في اكثر من مجال ومنها التعليم والطب والثقافة والفنون والحقوق، وتفعيل الزيارات المتبادلة واقامة الامسيات المشتركة المتبادلة.
150 مليون دولار فقط حجم التبادل التجاري
لم ترتق العلاقة الاقتصادية بين البلدين الى المستوى المرغوب به من الطرفين بعد، اذ ان حجم التبادل التجاري بين البلدين وصل العام الماضي الى 150 مليون دولار فقط، ووصف وزير التجارة والصناعة الكويتي المستقيل عبد المحسن المدعج هذا المبلغ بأنه اقل كثيرًا من المتوقَّع.
وتطرق العيسى في حديثه لـ»المستقبل» الى حاجة الكويت لمزيد من العمل على الصعيد الاقتصادي لرفع حجم التبادل مع ايران «وهذا الامر ينطبق على الحكومة الايرانية التي ايضا هي مقصرة في هذا الجانب، فبحكم المسافة القريبة بين البلدين، يفترض ان تكون الاسواق والموانئ مفتوحة للطرفين لما فيه مصلحة الشعبين الكويتي والايراني، وعلى سبيل المثال ، فان الصادرات الايرانية تذهب لدبي كمحطة ترانزيت، على الرغم من ان الكويت الاقرب لها
كما لفت الى ان الشعبين يحتاجان الى فتح الموانئ بصورة اكبر ، لا سيما بعد رفع العقوبات الدولية على ايران ، بحيث يستوعب السوق الكويتي البضاعات التي تمر لصالح ايران، وان يتم توسعة البنية التحتية لبيع ونقل السلع الايرانية.
العيسى رأى ضرورة ان يكون هناك تحرك شعبي لتوصية الحكومة بان يكون هناك حركة تجارية اكبر مع ايران ، منوها الى ان روابط الصداقة الكويتية لها دور فعال مع شعب دول العالم كرابطة الصداقة اليابانية والكورية وغيرها التي تضم نخبة من الشخصات المحلية لا سيما الوزراء السابقين
العيسى لـ»المستقبل»: ايران تدفع نحو التهدئة بالمنطقة
ورغم الاتهامات التي توجه الى ايران على خلفية مساعيها الى زعزعة الامن والاستقرار في المنطقة، ودعمها للحركات التي تسعى الى نشر الفوضى والخراب لا سيما في الدول الخليجية، الا ان العيسى يؤكد ان جميع الاطراف بما فيهم ايران، تدفع باتجاه الاستقرار في المنطقة، خصوصا ان منطقة الشرق الاوسط بحاجة الى التهدئة التي تعود بالفائدة على جميع شعوب المنطقة ، لافتا الى انه سرعان ما سيتم ازالة العقبات التي تحدث بين حين واخر.
|