الفاروق يقول لـ"المستقبل" أن الكويت تمارس سياسة مستقلة والموسى يؤكد ان التقارب بين البلدين ضرورة في هذه الظروف
عبير النحاس– اسطنبول: على مبدأ الاحترام والمحبة، شهدت العلاقات الكويتية التركية مؤخرا اندفاعة قوية. ورغم النشاط السياحي الكويتي باتجاه تركيا والذي وصل الى 100 الف سائح سنويا، إلا ان هذه العلاقة الاقتصادية لم تستطع وحدها ان تدفع باتجاه تطوير العلاقات بين البلدين، إنما لعبت التطورات السياسية والامنية المتلاحقة التي شهدتها منطقة الشرق الاوسط دورا محوريا في الانفتاح التركي على الكويت ودول الخليج عموما. ولكن رغم ذلك فإن الكثير من المحللين يقولون ان العلاقات لم ترتق بعد الى مستوى العلاقات التاريخية والتي تمتد لأكثر من 50 عاما، لكنها في طريقها الى النمو.
الفاروق لـ"المستقبل": الكويت تمارس سياسة مستقلة
يتحدث الدكتور "عمر الفاروق" مستشار الرئيس التركي السابق أربكان، وإعلامي ومحلل سياسي ومدير مركز الصفة للدراسات في تصريح خاص لـ"المستقبل" عن العلاقة بين تركيا والكويت فيقول انها كانت دائما متميزة. فالكويت كما يقول لها سياسة مستقلة اذ انها لا تتدخل في العديد من المشاكل الموجودة في الشرق الأوسط أو القضايا السياسية مشيرا الى ان التطورات الجديدة جعلتها أكثر قوة ويجب أن تكون أكثر ارتباطا لمواجهة الأزمات معا.
المحلل السياسي الكويتي علي الموسى وفي حديثه لـ"المستقبل"، لم يكن بعيدا في مواقفه عن الفاروق، فأكد على العلاقات التاريخية بين البلدين مشيرا الى الاهمية الاستراتيجية لموقع تركيا الجغرافي والذي يساعدها على لعب دور هام في المنطقة من الناحية الجغرافية حيث تقع بين الشرق والغرب وبين القارتين اسيا واوروبا.
الموسى لـ"المستقبل": مستوى تنسيق رفيع بين البلدين
واشاد بمستوى التنسيق الحاصل بين البلدين على مستوى الاجتماعات الثنائية والمحافل الاقليمية والدولية مؤكدا ان من شأن ذلك ان يزيد من التقارب بين البلدين.
ويرتاد غالبية اهل الكويت تركيا حتى باتوا يعرفونها شبرا شبرا في سياحتهم وتجارتهم، خصوصا ان تركيا سهلت لهم التملك والتأشيرات والاستثمارات وكل ما يجعل وجودهم أكثر راحة على أراضيها.
الفاروق يرى ان قيام مثل هذه العلاقات وزيادة الصلات لا بد منها ومن تطويرها أكثر في المستقبل خصوصا انه لا توجد فجوة بين البلدين والشعبين. فالعلاقات بين الجانبين بحسب الفاروق متميزة وتعد مثالا يحتذى في العلاقات الدولية وتكللها اتفاقيات مشتركة في مجالات عديدة هامة وحيوية، ووحدة في الرأي بما يخص الوضع الإقليمي والدولي.
هذا وقد شهدت العلاقات التركية الخليجية تطورا لافتا في السنوات الأخيرة، وأكد محللون أن قيام مثل هذه العلاقات ومتانتها لا بد منها لمواجهة الأزمات التي تمر بها المنطقة وتهدد استقرارها وأمنها.
مبدأ الاحترام
المدير العام لمديرية الصحافة والنشر والإعلام التركية وكبير مستشاري رئيس الوزراء التركي" جمال الدين هاشمي" سبق له ان أوضح في تصريح صحافي أن المنطقة العربية مهمة جدا لتركيا وتجمعها مع الدول العربية علاقات جيدة جدا خاصة في ظل التطورات التي يشهدها الشرق الأوسط، مؤكداً أن هدف السياسة الخارجية لتركيا في الآونة الأخيرة يركز على دعم العلاقات بينها وبين الدول العربية على مبدأ الاحترام والمحبة".
زيارات لترسيخ التقارب
تبادل الزيارات الديبلوماسية بين البلدين شهدت تطورا لافتا مؤخرا اذ جرت على اعلى المستويات مما يشير بوضوح إلى نوع العلاقة وحجم الارتباط الذي يوثق عرى التعاون المشترك، ومنها زيارة الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" الأخيرة بصحبة وفد من رجال الأعمال الأتراك.
ويقول المحلل السياسي علي الموسى ان الزيارات بين المسؤولين والبرلمانيين من كلا البلدين تُعتبر فرصة لتبادل الرؤى والتشاور حيال المسائل محل الاهتمام المشترك مؤكدا ان من شأن هذا التنسيق تعزيز اشكال التعاون بين الكويت وتركيا ويرسخ التقارب الكبير بينهما، الذي ترجمته الزيارات المتبادلة لكبار المسؤولين من البلدين والاتفاقيات الثنائية الموقعة.
الاتفاقيات المشتركة بين البلدين بلغت 36 اتفاقية في مجالات حيوية وهامة وتتعلق بالمجالات الاقتصادية والتجارية والثقافية والعسكرية وفى مجالات التدريب العسكري والنقل التجاري البحري والصحافة والإعلام وكذلك المجال الصحي وتبادل الأيدي واتفاقية التعاون العلمي والفني وتشكيل لجنة عليا مشتركة للتعاون على مستوى وزراء الخارجية وغيرها من مجالات التعاون المشترك كافة.
التعاون الاقتصادي
حجم التبادل التجاري بين البلدين بلغ بحدود 600 مليون دولار منذ عامين وتضاعف في الوقت الحالي ليبلغ حجم الواردات الكويتية إلى تركيا 196 مليون دولار مقابل صادرات تركيا إلى الكويت بقيمة 372 مليون دولار لعام 2014. هذه الارقام تشكل دليلا مهما على مستوى العلاقات الاقتصادية التي بلغها البلدين رغم ان موسى يرى انها لا تعكس حقيقة النمو في العلاقات الثنائية بين البلدين مطالبا برفع حجم التبادل التجاري والاستثماري بين البلدين. وتستورد تركيا من الكويت مواد البلاستيكية والكيميائية، وتصدر تركيا للكويت المفروشات والمواد الغذائية والسجاد والمجوهرات والشاحنات والحديد الصلب والمواد الانشائية والطبية.
الكويت من اكبر المستثمرين في تركيا
وفي المجال الاستثماري تعد الكويت من أكبر المستثمرين في تركيا بمجالات اقتصادية عديدة وبحسب الأرقام تزيد استثمارات الهيئة العامة للاستثمار الكويتية فى تركيا عن 56ر1 مليار دولار -بحسب أرقام وزارة الاقتصاد التركية- تتوزع فى مجال العقارات، ومراكز التسوق، والقطاع المصرفى، والاستثمار فى البورصة التركية، ومجالات النقل الجوي.
ويبلغ عدد الشركات الكويتية المستثمرة في تركيا 190 شركة كويتية من القطاع الخاص الكويتي، فيما بلغ حجم الاستثمارات الكويتية في تركيا عام 2014 قرابة 234 مليون دولار مقابل مليوني دولار حجم الاستثمار التركي في الكويت.
الموسى اشار الى ان الجانب الكويتي يبحث عن سوق جديد غير عربية في الوقت الراهن، ويوجد في تركيا فرصا استثمارية ولذلك لن تتردد الكويت في دخول هذا السوق.
وتقدم تركيا تسهيلات ومزايا عديدة لجذب المستثمرين، خصوصاً الكويتيين وأبناء دول مجلس التعاون.
100 الف سائح كويتي الى تركيا
أما سياحيا فتشكل تركيا قبلة محببة للكويتيين وقد بلغ حجم الاقبال السياحي الكويتي على تركيا العام الماضي الى 100 الف سائح وهو رقم لا يستهان به يضاف الى قيمة الاتفاقيات .
اما جهود القطاع الخاص في البلدين فما زالت بحسب الموسى تحتاج الى مزيد من التنسيق، من اجل الاستفادة من فرص الاستثمار العديدة التي يزخر بها السوق التركي، مقابل الفوائض المالية الكبيرة في الكويت ودول مجلس التعاون، مشيراً إلى أن المطلوب تطوير التعاون بين القطاع الخاص في الجانبين وتحويله الى شراكة، تعمل لتحقيق اقصى استفادة ممكنة، من الخبرات والإمكانات المشتركة، وما تحقق من نجاح خلال الفترة الماضية، لمزيد من النمو والتوسع في المستقبل، ويكون هدفها استثمارا استراتيجيا بعيد المدى، يحقق قيمة مضافة ومنفعة متبادلة.
وأفاد أن هذا النوع من الاستثمار الاستراتيجي طويل الأمد، يجب ألا يخضع للظروف ولكن يجب أن يكون مبنياً على أسس راسخة ورؤية واضحة.
كما تربتط الكويت بتركيا باتفاقيات أخرى عديدة منها اتفاقية وكالة كونا الكويتية مع وكالة الأناضول التركية والتي تم عقدها في عام 2004 وتجدد بشكل مستمر.
تعاون امني
أما على الصعيد الامني، فإن التعاون بين البلدين قائم ومستمر وكذلك تبادل معلومات بشأن الكويتيين الذين يتوجهون إلى سورية للانضمام الى التنظيمات الإرهابية ومنها "داعش". "/المستقبل/" انتهى ل . م
|