التعريف المتعارف عليه للسياسي يتمثل في أنه الرجل الذي يحدثك بما تحب ثم يدفعك لتفعل ما هو يحب هو...
هذا التعريف الذي يتّصف بالدعاية، يقارب الحقيقة في كثير من الاحوال، خاصة عندما يمتاز السياسي بطلاقة اللسان والقدرة على المناورة الكلامية، ومعرفة اللغة المشتركة مع العقل الجماعي للذين يستمعون له.
أما فحوى الخطاب السياسي تعبيراً عن خطة نهوض اجتماعية اقتصادية شاملة لها أسبابها وادواتها وتكون عادة في الانظمة الحزبية حيث تتبارى الاحزاب في كسب ودّ الجماهير، فيتم مخاطبتها بأرقام الخطط التي كثيرا ما تكون ما لا يدل على حصول عمل في النهاية.
ويمكن أن يكون الخطاب السياسي مرتكزاً الى مخاطبة العقل الجماعي مع ما يشتمل هذا الامر من شمولية وديماغوجية يمكن أن تستفز الغرائز وتستفز الكوامن الدفينة، أو تستثير العواطف، هذا ما يمكن ملاحظته في المجتمعات التي لا تتمتع بما يكفي من العقلانية والتنوير.
كذلك يمكن أن يخاطب هذا السياسي أو ذاك المواطنين محاولاً ايقاظ الاحساس القومي والعنصري بحيث يتحلق حوله المواطنون ويكونون مستعدين للتضحية من أجل عصبياتهم القومية، ولا يكترثون للخدمات التي قد يكونون محتاجين لها.. والكوارث التي حصلت في الحروب الدينية في اوروبا، في القرون الوسطى.
أضف اليها الحربين العالميتين وما استتبع هذه الحروب من مآسي وكوارث وراء حصولها.
أما في العصر الراهن فقد تراجعت الاسباب القومية والدينية التي كانت وراء تلك الحروب الكبيرة والمدمرة لتمهيد الطريق أمام الخطاب السياسي المرتكز الى المصالح الاقتصادية وايجاد السبل أمام استحداث الاسواق الاستهلاكية، والحصول على المواد الأولية لتسيير عجلة الصناعة.
وهنا تبرز قدرة الدعاية الاعلانية وتطوير منابر الاعلام، لتكون بديلاً عن الخطاب السياسي والتنظير للمبادئ والقوانين والبرامج والخطط لدى الاحزاب السياسية في زمن صارت التكنولوجيا بديلاً عن جميع الايديولوجيات ذات الافكار والمناهج.