الرباط – أحمد برطيع: "لو تأملت وجه الضحية و فكرت كنت تذكرت أمك في غرفة الغاز كنت تحررت من حكمة البندقية وغيرت رأيك..ما هكذا تستعاد الهوية.." أستعير العنوان من شاعر القضية والأبيات أيضا، وهن أبلغ من أي كلام، قد أوجهه إليك. تستطيع أن تقدم على الموت وتخشى الحياة، كيف؟ إن من أغراك بالحور العين لم يسابقك إليهن، بل بقي يراقب ما تأتيه أنت بالغنائم من السبايا، وإن قضيت بحث عن شرِه آخر يرسله في أثرك ليس للبحث عنك، وإنما ليتأكد أنك لا تتدخر شيئا في جيوبك، وإن كنت تملك شيئا ثمينا يجلبه إليه، أم أن حياتك في كتيبة إعدامه كلفته بعض الطحين الممزوج بوهم البعث، كنت أنت تلتهمه وكأنه قطعة بسكوت مطلية بمربى التين، وإن لم يجد..، حفّز الباحث عنك ليواصل المسير إلى نفس حورِك اللواتي لم تبلغهن. أتدري.. يمكنك أن تعيش سعيدا فوق الأرض أيضا؟ دون أن تحتاج الضغط على الزناد، أو تضخ قنينات الغاز بالبارود، ودون أن تبحث عن الفتيلة لتشعل اللهب في تلابيبك، يكفيك، أن تؤمن أنك إنسان.. أبدا لن تهان. يمكنك أن تصير غنيا بنظارات الحب التي ستتبادلها مع كائنات تقاسمك الثرى والماء..لتذكرك أنه: قبلة الله على الأرض.. يمكنك أن تصادق نفسك، وتسترد عنفوانها وعشقها للوجود بعيدا عن سواد الموت المحيط بك في كل زوايا الكهف الذي خرج منه أهله بعد أن ناموا يوما أو بعض يوم، وبقيت أنت تلاحق خفافيش الظلام..لما لم تخرج أنت أيضا؟ وهل تحلو الحياة إلا في الضياء. إن كنت تهوى الرماية، أشبِع شرّك بالتصويب على الأشرار مثلك، ودع عنك جماجم الأطفال والنساء والكهول، ومارس عنفك ضد أفكارك، واقتلع أخر جذورها واغرس مكانها شتلة زيتون وإن كنت لا تعرفها، ابحث عن صور الشهيد أو عمار قاهر العبريين بغصن في يد وكوفية. بدل رموزك، لا مكان للقتلة فوق الأرض، واحجز لنفسك موقفا يحميك من الغضب، وإن ملكت الزناد فغيرك يملك مادة رمادية صنعت البندقية التي تمتشقها بحقد..ألا تعرف أنها خلقت للأعداء؟ وفي الأخير..أستودعك سبيلا قد يهديك، وقلبا قد يرقك، وعيونا قد تبصر بها ويدا لتتضرع ورأسا تطأطئها تحسرًا، وقدمين تحملك إلى إحدى البيوت أُعدت للعبادة بدل أن تدوس بها على الأبرياء، وعقلا يخلصك من الرصاص المتبقي في جيوبك؟ فسارع إلى "مغفرة من ربك" وحضن أمك المصاب بالحنين والشوق إلى ابن اعتبرته صدقة جارية..هآ أنت تصير قاتلا باسم الفضيلة. "/المستقبل/" انتهى ا.ع
|
المصدر : المستقبل