الرباط – أحمد برطيع: درج المتتبعون للأوضاع في الأقطار العربية، في الشرق الأوسط، وللدول في شمال إفريقيا على اعتبار الوضع في المغرب الأقصى استثناء، يشذ عن القاعدة السائدة في باقي بلدان المتجاورة والبعيدة، الإسلامية منها والمسيحية.

يتجلى الإستثناء المغربي في العديد من مظاهر التميز عن البلدان الإسلامية الأخرى، العربية وغيرها، يبدأ من حيث توقف الزمن التركي، حيث أن المغرب كان السد المنيع الذي تكسرت على أسوار قلاعه أطماع العثمانيين، الإمبراطورية الكبرى التي أصبحت تسمى بالرجل المريض، لم يستطع الأتراك استعمار المغرب رغم وصولهم إلى تخومه في أقصى نقط حدود الجزائر المتاخمة للمغرب، مشكلا الإستثناء آنذاك عن الوسع العثماني الذي توغل في شمال إفريقيا.

ويستمر الإستثناء باستيعابه لأكبر جالية يهودية مغربية، رفض السلطان محمد الخامس تسليمهم إلى هتلر الذي كان يفتش عن نسل اليهود في كل مكان، ورد السلطان المغربي آنذاك أن اليهود هم مغاربة قبل أن يكونوا يهودا.

كما أن المغرب يتميز باستثناء في نظامه السياسي، فهو الملكية الوحيدة التي لم تختف مع الزمن منذ تأسيس الدولة المغربية الحديثة قبل 12 قرنا مع ادريس الأول الذي لجأ إلى المغرب هاربا من حكم بني أمية الذين كانوا يطاردون أهل البيت، الذي يعتبر مؤسس أول دولة شيعية في المغرب.

وقبل قدوم ادريس الأول الذي أسس دولة الأدارسة كانت هناك ملكيات أمازيغية صمدت لقرون ضد الرومان والبيزنطيين والفينيقيين والعرب، ومن أشهر ملوكهم الملك يوبا والملكة ديهيا المعروفة بالكاهنة والتي حكمت شمال افريقيا لعقود، والملك شيشونغ الذي غزا مصر وهزم الفرعون ووحد مصر السفلى مع مصر العليا.

المذهب المالكي، استثناء ديني تبناه المغرب كمذهب وحيد يجمع عليه المغاربة مما حقق نوع من الإستقرار الروحي والعقدي للمغاربة، دون أن يقصي أو يحارب الديانات الأخرى المسيحية واليهودية.

المغرب البلد الوحيد الذي تجاوز محنة ما سمي بـ"الربيع العربي" الذي انقلب خريفا، تعامل مع حركة 20 فبراير الذي خرجت في توقيت الثورات العربية بنوع من الحكمة، إذ دفع بتعديلات قانونية ودستور جديد وحكومة إسلامية امتصت غضب الشارع.

يضاف إلى كل هذا، أن المغرب هو البلد الوحيد الذي أثبت مراقبو الفلك أن نسبة الخطأ لديه صفر في رصده ومشاهدته لهلال رمضان، طيلة 12 قرنا، أي مدة الدولة الإسلامية في المغرب.

"/المستقبل/" انتهى ع.د