الرباط – أحمد برطيع: أول مرة أسمع هذا التعبير "ذئب منفرد"..كان في بيان أصدره التنظيم الأكثر دموية في التاريخ، "داعش"، حول المغرب، أمام فشله المزمن في إيجاد موقع قدم له في الأقصى.

ذاك البيان كان نذيرا للسلطات المغربية، التي راكمت الخبرة في ميدان محاربة الجريمة وكذلك الإرهاب، منذ السبعينات قبل أن تتوجه بجهاز "المكتب المركزي للأبحاث القضائية" الذي أحدثته المخابرات المغربية كجهاز تابع لها، يقوم بعمليات تقصي أثر المجرمين والإرهابيين وتجار المخدرات وتجار المواد الغذائية الفاسدة، جهاز أثبت جدارته، المهنية، بل تدخل حتى في البحث عن مسربي امتحانات الباكالوريا واعتقل 57 شخصا.

بيان داعش حول المغرب، دعا أتباعه والمتعاطفين معه إلى سلوك أسلوب "الذئاب المنفردة"، ويقضي هذا الأسلوب أن يتعامل الداعشي مع الناس كواحد منهم، متلبسا بلباس الحملان، وبلباس الكلاب التي ينقصها الوفاء، لتتفاجأ به ينبعث من بين أقدامك حالما يركبه السعار، وأول من ينهش، ربه الذي أطعمه من جوع وآواه من خلاء.

داعش طالبت مرارا دواعشها المتخفين بيننا إلى الإستكانة واللطف وانتظار الفرصة للإنقضاض على الأبرياء، غير أن يقظة الأمن حاصرته، ونظرات المواطنين لاحتقه، لأن الحس الأمني والحذر في أعلى مستوياته.

آخر ما فطن إليه أحد الذئاب المنفردة في المغرب هو تسميم المغاربة، إذ كشفت عناصر البحث القضائي في أول أيام رمضان عن مخزن كبير في مدينة فاس (شرق) تحتوي على أطنان من المواد الفاسدة، يغير تواريخ صلاحيتها بعد أن يقوم بتجميعها من الأسواق، ثم يعيد بيعها للمواطنين الفقراء، والعوام، وتشمل المواد المحجوزة التمور والألبان والأجبان والمعجنات، لتتواصل عملية الاكتشافات.. مخازن للسم عبر الوطن، واحد في الجنوب وآخر في الشرق وثالث في الشمال.

بعد أن اعتقل صاحب المخزن الذي لم يكن إلا ذئب منفرد مكلف بتسميم الملايين دون أن يشقق عن صدورهم، ليعرف مقدار إيمانهم، والغريب، أن عائدات هذه المواد الفاسدة يرسلها لداعش في سوريا والعراق، كدعم مادي، بالإضافة إلى تسفير وتجنيد المواطنين..فعلا سلوك الذئاب.

ذئب منفرد، بعد أن كان منتظرا أن يظهر في المغرب، ظهر كالشبح في ثلاث رقع جغرافية في وقت متزامن، دولة الكويت الشقيقة، الديمقراطية، والجارة تونس الشقيقة، المتحررة،  والصديقة فرنسا المتنورة، الشقيقة، إرهاب يتمثل في أماكن متعددة في وقت واحد.

تبدو داعش كالمارد الذي أُخرج من قمقمه وصعب على خالقه أن يعيده إليه، والتاريخ مليء بالعديد من المردة ، وأثبت العقل أنه يستطيع وأدهم، وإن طال خرابهم العديد من البقاع المهمة، في الأخير..يختفون كما اختفى الأشرار من قبل داعش، وسيستولي على الأرض الأخيار.

"/المستقبل/" انتهى ا.ع