الأردن - ياسر شطناوي: جرعة عسكرية جديدة تصدّرت المشهد الاقليمي بعد أن اطلقها ملك الأردن كرسالة قوية ومفاجأه لدول المنطقة وللأردنيين باستعداد الممكلة لتسليح العشائر السنية في غرب العراق وسوريا . تحليلياً لايمكن اسقاط العنصر الزماني والمكاني لإطلاق هذه الرسالة من زعيم عربي عمل جاهداً خلال سنوات على ترشيخ مفهوم لدى الجميع بأن بلاده هي القبلة الوسطية السنيه، عقب ما لحق من تشوية لصورة الإسلام على ايدي الإرهابيين وجرائمهم . مدى التمايز في الرسالة الملكية يأتي من أن الممكلة تمر اليوم بمرحلة (التجييش العسكري) ضد كل الجماعات الإرهابية وعلى راسها تنظيم داعش ،الذي يهدد الأردن كل يوم باقترابه من الحدود في الجانب السوري والعراقي . على مدى العنصر الزمني، غالباً ما تكون زيارة الملك مخططه ومحكمة بأمتياز ، فالتوقيت المتسارع للأحداث في المملكة الآن يأخذ عداً عكسياً والساعة تنتظر إطلاق اول رصاصة أردنية على الارهاببين أو ما أسماهم الملك بالخوارج. فنيران الحرب ترتفع كل دقيقة في جوار المملكة والتطورات هناك باتت مصدر قلق ، لها خطورة كبيرة ، فتنظيم داعش بات على بعد اميال من الأراضي الأردنية في كل من سوريا والعراق ،كما أن علمياته تزداد اكثر فأكثر ،وآخرها التفجير الإنتحاري الذي أستهدف معبر طريبيل الحدودي مع العراق ،وسيطرة عناصر جبهة النصرة (التابعين للقاعدة )على معبر جابر الشمالي مع سوريا . تسارع الأحداث في المحيط المقلق أجبر الأردن على التحرك والانطلاق بسرعة، وبهذا كانت البداية بإعلان ملك الأردن تسليح العشائر السنية لمواجهة خطر الإرهاب وصناعة خط دفاع اول للحدود ،إضافة إلى تطوير قدرات الجيش القتالية . اما فيما يتعلق بالعنصر المكاني، فالأردن بتكوينته الديمغرافية يركز بالاساس على الثقل العشائري والذي يعتبر(الوريد الدموي) المغذي للحكم الأردني من جهة، واكبر مؤسسة سياسية شعبية لها أركانها وتأثيرها في البلاد ، وربما الضمانه الأهم لبقاء استقرار المملكة . من هناء جاءت رسالة الملك خلال زيارة له إلى البادية الشمالية للمملكة ،وكانت تظهر عليه وبوضوح علامات الحزم، كما باقي المتواجدين،وهي إشارة على أن التوجه الملكي وجد آذان صاغية من القواعد العشائرية الأردنية التي بايعته حتى الموت. غير ذلك، لايمكن التغاضي عن إختيار مؤسسة القرار الأردنية علامات الراية الهاشمية ،التي تمت مراسمها الاسبوع الماضي باحتوائها على عناصر ثابته في المرجعيات التاريخية عند الشعب الأردني ،كالنجمة السباعية ،واللون القرمزي ،وعبارتي البسملة والحمد ،وهي ثوابت تعيد الذاكرة الأردنية إلى الثورة العربية الكبرى التي أطلقها الشريف الحسين بن على عام 1916،والتي تجسد المرجعية الهاشمية، مرجعية آل البيت. ومع ذلك فليس من المجدي عدم الإعتراف بأن الأردن يقدم اليوم على مغامرة صعبة وخطره بنفس الوقت،وربما قد تضع البلاد على فوهة المواجهة مع أشد التنظيمات التي عرفها التاريخ إرهابا وقتلاً. فالأردن اليوم يتخلى عن سياسته التي إتبعها على مدى خمسة سنوات بإمساك العصى من الوسط، والتي حقق فيها ما حقق من خلال طاولة الحوار ،لكن يبدو أن المعادلة الجديدة قد إختلفت وتغيرت قواعد اللعب تماماً في هذا الإقليم المضطرب . "/المستقبل/" انتهى ع.د |
المصدر : المستقبل