لبنان- خالد الغربي: قبل ثمانية وعشرين عاما من هذا التوقيت، وفي حمأة الحرب الأهلية اللبنانية والصراع المسلح في لبنان، أغتيل رئيس وزراء لبنان رشيد كرامي المشهود له بنزاهته واستقامته ووطنيته وعروبته، بتفجير عبوة ناسفة وضعت تحت مقعده في مروحية عسكرية تابعة للجيش اللبناني كان يستقلها اثناء توجهه من مدينته طرابلس شمال لبنان الى العاصمة بيروت حيث مقر الحكومة اللبنانية. وكان الرئيس الشهيد رشيد كرامي وهو نجل الزعيم الاستقلال المفتي الشيخ عبد الحميد كرامي قد آثر الإنتقال في الفترة الأخيرة من حياته من مسقط رأسه الى بيروت ، بواسطة طوافة تابعة للجيش اللبناني ولضرورات أمنية لتجنب المرور في المنطقة الشرقية من بيروت ومناطق أخرى كانت تسيطر عليها ميليشيا القوات اللبنانية المسيحية ، حيث إتسم الراحل بمواقفه الحازمة حيال جميع الميليشيات اللبنانية لاسيما ميليشيا القوات اللبنانية المتهمة حينها بأنها مرتبطة بالمشروع الصهيوني نتيجة العلاقة التي ربطت هذه الميليشيات بالعدو الصهيوني وهي علاقة وصلت عام 1982 الى وضع القوات اللبنانية كل امكانياتها بتصرف القوات الاسرائيلية التي اجتاحت لبنان في ذاك العام وقد اشتركت هذه القوات جنبا الى جنب في القتال مع الاسرائيليين. ووفقا للتحقيقات التي أجراها القضاء اللبناني فإن عملية الإغتيال دبرها قائد ميليشيا القوات اللبنانية سمير جعجع للتخلص من كرامي المعروف عنه دفاعه عن عروبة لبنان وانتماء لبنان الى الوطن العربي. وقد أكتشف تورط جعجع وميليشيا القوات اللبنانية (التي تمتلك راهنا كتلة نيابية وازنة في المجلس النيابي اللبناني)، في اغتيال الرئيس رشيد كرامي عن طريق الصدفة، إذ ان جعجع الذي ألقى الجيش اللبناني القبض عليه عام 1994 للإشتباه به بالوقوف وراء عملية تفجير عبوة ناسفة وضعت في كنيسة سيدة النجاة بالقرب من جونيه شمال بيروت أدى انفجارها الى سقوط عشرات المصلين المسيحيين بين قتيل وجريح وهدفت الى تفجير السلم الأهلي في لبنان ، كان يحاكم بهذه التهمة وبتهمة أخرى هي إغتيال داني شمعون احد القادة الموارنة في لبنان، ليتبين للقضاة حينها ان سمير جعجع وميليشياته هما من يقفان وراء جريمة اغتيال رئيس وزراء لبنان الشهيد رشيد كرامي حيث أثبتت التحقيقات وبالأدلة الدامغة تورطه بعملية اغتيال كرامي، وقد أصدر القضاء اللبناني حكمه بهذه الجريمة بحبس جعجع مدى الحياة . لكنه ومع المتغيرات المحلية والاقليمية التي شهدها لبنان بعد اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وخروج الجيش السوري من لبنان، واختلال التوازن السياسي لصالح فريق الرابع عشر من آذار، فإن عفوا خاصا صدر عن مجلس النواب اللبناني قضى بالإفراج عن جعجع، الذي راح يتنكر للإتهامات القضائية بالوقوف وراء تفجير الطوافة العسكرية التي كانت تقل كرامي معتبرا ان الحكم القضائي الذي صدر بحقه في هذه القضية جاء بضغط من القوات السورية التي كانت تسيطر على لبنان. وكان برفقة كرامي في رحلة الموت عدد من الوزراء والشخصيات والمرافقين اصيب معظمهم ولم يقتل الا كرامي نتيجة للدقة التي وضعت بها العبوة (تحت مقعد رئيس الوزراء) وقد فجرت العبوة خلال تحليق المروحية في الجو، غير ان قائدها تمكن من الهبوط بها رغم الأضرار التي لحقت بالطوافة نتيجة انفجار العبوة. وبالأمس، أحيت مدينة طرابلس (مسقط رأس عائلة كرامي) ذكرى استشهاده ورفعت صوره واستذكر ابناء المدينة المواقف الشجاعة للرئيس الشهيد وتأكيده على عروبة لبنان ورفضه محاولات تقسيم لبنان الى كانتونات طائفية ومذهبية. وبالمناسبة صدرت مواقف عن شخصيات روحية وسياسية لبنانية حيت ذكرى الرئيس الراحل ومشيدة بدوره كرجل دولة، وكزعيم وطني قدم حياته فداءً لوحدة لبنان وسيادته واستقلاله مشيرة الى ان لبنان اليوم بالحاجة إلى أمثال الرئيس االشهيد رشيد كرامي لمجابهة التحديات المصيرية التي تواجه لبنان، ولكم نحتاج في إدارة دفة الحكم لحكمة الرئيس الشهيد، ولجرأته وتصميمه وثباته على المبادىء الوطنية. "/المستقبل/" انتهى ا.ع |
المصدر : المستقبل