القاهرة – أحمد سليم: أكد عدد من الخبراء المصريين في مجال المياة والري أن توقيع الاتفاق بشأن سد النهضة بمشاركة مصر وإثيوبيا والسودان يؤكد نجاح إثيوبيا في فرض سياسة الأمر الواقع وجرّ مصر فى مفاوضات واتفاقيات مبهمة لا طائل منها، سوى منحها الوقت لاستكمال إجراءات بناء السد.
ومن جانبه قال الدكتور حسام مغازي وزير الموارد المائية والري أن وثيقة المبادئ التي من المقرر أن يوقع عليها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يوم الأثنين المقبل تنص على أن تلتزم الدول الثلاث بتوصيات المكتب الاستشاري الدولي المُنفذ لدراسات سد النهضة أياً كانت، وهو ما يوجب على الجانب الإثيوبي تعديل مواصفات السد حال ثبوت وقوع ضرر بمصر في تقرير المكتب الاستشاري".
وأكد المغازي في تصريحات خاصة "للمستقبل" أن هناك خبراء من رجال القانون والسياسة والأمن القومى والموارد المائية على دراسة وتقييم الأبعاد القانونية والسياسية والأمنية والفنية لوثيقة المبادئ الخاصة بسد النهضة الإثيوبي، بناء على توجيهات السيسي، قبيل التوقيع عليها من رؤساء الدول الثلاث خلال الأيام المقبلة بالعاصمة السودانية الخرطوم.
وأكد أنه "سيتم الإعلان عن تفاصيل مشروع الوثيقة التوافقية حول سد النهضة بعد مرجعتها من الخبراء والموافقة عليها من قبل رؤساء الدول الثلاث"، موضحا أن "بنود الاتفاق تضع نظاما للمراقبة وتنظيم ووضع قواعد التشغيل".
وشدد وزير الري على أن هناك تنسيقا وتعاونا كاملا بين المسارين الفني والسياسي للمفاوض المصري، لافتا الى أن المسار الفني يتعلق باختيار مكتب استشاري دولي لوضع الدراسات الفنية المتعلقة بالسد الإثيوبي، حيث تم تحديد مكتبين استشاريين سيتم اختيار أحدهما قبل نهاية الشهر الجاري، أما المسار السياسى فيتعلق بآلية تشغيل السد وطريقة إدارته والتى حددتها الوثيقة.
وقال مغازى إن الاتفاق بين الدول الثلاث على المسار السياسي هو الضامن الفعلي للمسار الفني لإزالة التحفظات التى تخص كل جانب والتى تم وضعها فى إطار حاكم للعلاقة بين جميع الأطراف.
هل تنجح اثيويبا في فرض الأمر الواقع؟
من جانبه أكد الدكتور محمد نصر علام وزير الري المصري الأسبق أن الإعلان عن توقيع اتفاق تعاون بشأن سد النهضة بين مصر والسودان وإثيوبيا بالعاصمة السودانية الخرطوم 23 مارس، يؤكد نجاح إثيوبيا في فرض "سياسة الأمر الواقع"، وجرّ مصر فى مفاوضات واتفاقيات مبهمة لا طائل منها، سوى منحها الوقت لاستكمال إجراءات بناء "سد النهضة"، وهو نفس ما اتبعته مع كينيا بعد إنشائها لسد «جيب 3»، والتى أصبح فيها السد أمراً واقعاً.
وأضاف في تصريحات خاصة "للمستقبل" وإذا صح ما يقال من أن هذا الاتّفاق تضمن بنودا خاصّة بتشغيل السد وملء الخزّان، فذلك يعني أن مصر وافقت على استكماله من دون النظر إلى تأثيراته، ودون التزام من الإدارة الإثيوبية بالتوقّف المرحلى لبناء السد، إلى حين ورود تقارير اللجان الفنية، والتأكد من نتائج الدراسات الخاصّة بتأثيراته على دولتي المصبّ.
وأشار الي أن إثيوبيا بذلك تكون قد حصلت على اعتراف مصري يعقبه اعتراف عالمي بشرعية سدها المقام على مجرى نهر النيل بارتفاع 170 مترًا، وبعرض 1800 متر، ويقلل حصتنا من المياه التي تبلغ 55,5 مليار متر مكعب، وذلك أثناء ملء خزان السد، بنحو 11 مليار متر مكعب.
وأكد أنه بهذا الاتفاق تكون كل المفاوضات المصرية التى جرت على مدى الـ4سنوات الماضية "فاشلة" ,وانه يجب مساءلة الإدارة التى قامت على هذا الملف ، وأضاعت الوقت والجهد والمال فى حوارات واجتماعات "الطرشان " ,حتى أوشكت اثيوبيا على اتمام مشروعها المشبوه .
تقاسم مياه نهر النيل
ومن جانبه قال الدكتور هاني رسلان، رئيس وحدة السودان ودول حوض النيل بمركز الأهرام للدراسات السياسية إنه من المفترض توقيع وثيقة تفاهم بين مصر وإثيوبيا والسودان حول تقاسم مياه نهر النيل، مشيرًا إلى أن الموقف السوداني حتى الآن يساهم في ترجيح كل إثيوبيا على الجانب المصري لأنه يتوافق معاها.
ولفت "رسلان في تصريحات خاصة "للمستقبل" إلى أن الرئيس السوداني عمر البشير سبق وأن أعلناها واضحة بأن السودان تؤيد إثيوبيا تأييدًا مطلقًا في بناء سد النهضة للاستفادة من عوائد بناء هذا السد، مؤكدًا أن هذا الموقف سياسي بحت لأن البشير يتمسك بالسطلة على حساب أي شيء آخر وهذا ما ستساعده فيه اديس أبابا على حسب قوله.
ومن جانبه أكد الدكتور محمد عبدالرحمن رئيس المجلس القومي للفلاحين والمنتجين الزراعيين، أن زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي، لدولة إثيوبيا، في الفترة من 23 إلى 25 مارس الجاري، لبحث العديد من القضايا، على رأسها ملف المياه، وذلك قبل عقد القمة العربية، يؤكد أنه رجل يعمل على حل المشاكل المستعصية بالحوار، وأنه رجل يدعو للسلم .
ودعا "عبدالرحمن"، في بيان رسمي له اليوم الخميس الرئيس السيسي، إلى عدم التهاون في الحقوق المصرية والعمل على الحفاظ على الحقوق التاريخية في النيل، مؤكدًا أن زيارته لأثيوبيا تؤكد أنه رجل أفعال لا أقوال وتؤكد مدى حبه للوطن والسعي للحفاظ على حقوقه التاريخية، وحقوق الأجيال القادمة في المياه .
وطالب رئيس قومي الفلاحين، أجهزة الدولة باتخاذ رئيس الجمهورية قدوة لهم في حل الأزمات المستعصية، وذكرهم بموقف الرئيس المعزول الذي حاول حل أزمة سد النهضة ودعوته لاجتماع دعا فيه أذنابه وعمل شو إعلامي وأذاع الاجتماع على الهواء مما أدى إلى أزمة دبلوماسية مع إثيوبيا الدولة الشقيقة.
صعوبات بناء السد
وتقوم إثيوبيا حاليا ببناء سد النهضة على شاطئ نهر النيل الأزرق الذي ينبع من هضبة الحبشة ويمد مصر بأكثر من 80% من حصتها من المياه، وأعلنت إثيوبيا قبل ثلاثة أعوام مضاعفة الطاقة التخزينية لسد النهضة من 14 مليار متر مكعب إلى 74 مليار متر مكعب، ما دفع مصر إلى الاحتجاج والإعراب عن قلقها.
وتكمن صعوبة تراجع أثيويبا فى مواصفات بناء السد الي الهوس الشعبى والذي لن يسمح للقيادة السياسية هناك بأى تنازلات كما أن تحركات مصر متأخرة ومتكاسلة بل و"مهرجة", تجاه بدء إنشاءالسد ,ووقتها عقد الرئيس المعزول محمد مرسى "اجتماع الفضيحة و العار " الذى بث على الهواء مباشرة ,دون علمه ، وتحدث فيه بعض المشاركين ووضح جهلهم سياسيا وأمنيا ,وطالبوا بضرورة ضرب السد , ودعم المتمردين الإثيوبيين,فيما اقترح احدهم إرسال اللاعب " أبو تريكة" إلى أديس ابابا ,لحل الأزمة لمكانته الأفريقية.
وتزامن ذلك فى الوقت الذى انتقل فيه موقف السودان وبشكل مفاجئ من خانة "الحليف" إلى "مربع الوسيط " غير المحايد والمنحاز لاثيوبيا !! ومنذ تولي الرئيس السيسي المسئولية في يونيو الماضي , وقطعه وعدًا على نفسه بحل القضية فى السنة الأولى لحكمه، تسارعت المفاوضات , ففي أغسطس 2014، تم تكليف مكتب استشاري لدراسة آثار "سد النهضة" بالتنسيق بين الدول الثلاثة، وترأس وزير الري حسام مغازي في سبتمبر 2014 ، وفدًا مصريًا إلي إثيوبيا لمعاينة الوضع على الطبيعة. وكان اللافت للنظر، هو تصريحات وزير الري في أكتوبر الماضي، بأن مصر توافق على بناء سد النهضة بشروط تحددها هيّ، رافضًا الإفصاح عن تلك الشروط، إلا أن أنباء تسربت عن إسناد الأمر بأكمله إلى مكتب استشاري عالمي لدراسة وتقييم السد ثم الاستقرار على رأي نهائي بشأنه".
وبالفعل تم الاستقرار على 5 مكاتب استشارية يتم المفاضلة لاختيار واحد منها لدراسة آثار السد، وذلك في نوفمبر الماضي،ولم يحسم الأمر حتى الأن ,رغم أن وزارة الري أعلنت أن منتصف 2015 ,سيكون حاسمًا لقضية سد النهضة، وهو ما كان يؤسس للتوقيع المرتقب على اتفاق الخرطوم "السياسى ",ووفاء بتنفيذ وعد السيسى!.
انتهى ا.س.