بقلم د. يعقوب أحمد الشراح
لفت نظري الخبر الذي نشر منذ فترة عن مقتل (أبو مالك)، الخبير في الأسلحة الكيماوية بالقرب من الموصل، شمال العراق، بعد أن هاجمه طيران التحالف في هذه المنطقة.. ويقال إن «أبو مالك» خبير في الأسلحة الكيماوية في عهد صدام حسين، ثم انضم إلى «القاعدة»، وبعدها إلى تنظيم «الدولة الإسلامية» في عام (2005). فإذا كان أبو مالك خبيراً في السلاح الكيماوي فإن أمثاله كثيرون في عهد صدام عملوا واستخدموا السلاح الكيماوي في قتل المدنيين الأكراد وغيرهم ولم يترددوا في استخدامه في الحرب العراقية – الإيرانية التي دامت نحو ثماني سنوات قتل فيها الآلاف من الناس الأبرياء.
إن نظرية امتلاك التنظيمات أو الجماعات الإسلامية التي تحارب في العراق وسورية واليمن ولبنان وليبيا للسلاح الكيماوي أو البيولوجي ليست مستعصية مثلما هي ليست صعبة في حصولها على الأسلحة الأخرى المتنوعة التي تستخدمها حالياً في حروبها وقتالها.. فهناك تقارير تشير إلى أن تطوير الأسلحة الكيماوية كان هدفاً لتنظيم «القاعدة»، وأن وزارة الدفاع العراقية في (2013) أعلنت عن إلقاء القبض على مجموعة تقوم بصنع غاز السارين والخردل.
ومما يجعل سهولة امتلاك الأسلحة الكيماوية والبيولوجية، والمحظورة دولياً لما تسببه من دمار شامل وأذى، خاصة بالمدنيين، وجود مجموعة من الأسباب كسهولة التصنيع، وبمدة زمنية قصيرة، وبتكلفة منخفضة، كما أن نقلها سهل لا يحتاج إلى آليات حربية أو وسائل معقدة قد تكتشف بسهولة. فلقد وجد أن حقيبة يد صغيرة يمكن أن تحوي معدات وجراثيم تطلق من أي مكان حتى لو كان ذلك في طائرة ركاب أو مكان عام فيحدث الدمار الذي لا يخطر على البال لأن السلاح المستخدم في هذه الحالة قد يكون مثلاً سلاحاً بيولوجياً.
وحيث إن كلفة السلاح الكيماوي أو البيولوجي منخفضة فإن ذلك يسهل كثيراً على شرائه من تجار الأسلحة أو الاستيلاء عليه في الحروب إذا كانت مخزّنة في أماكن يسهل الوصول إليها. احتمالات كهذه تحدثت عنها التقارير الدولية عن التفتيش على السلاح الكيماوي في سورية والعراق. والمعروف أن خطورة السلاح الكيماوي وسهولة انتشاره جعلت الأمم المتحدة تحرم استخدامه وتصنيعه، وأن المراقبة عليه من الأمم المتحدة لا يقل عن مراقبة وكالة الطاقة الذرية على السلاح الذري.
لقد ظل خوف أميركا وحلفائها من استخدام السلاح الكيماوي في الحرب الدائرة في سورية من الأسباب الرئيسية في الاتفاق على وقف التدخل العسكري في سورية مقابل تسليم سورية للسلاح الكيماوي. ومع ذلك مازال هناك خوف من عدم التخلص كاملاً من هذه الأسلحة ووصول الإرهابيين إليها واستخدامها في القتال.
وحيث إن القاعدة والفصائل الأخرى تحارب اليوم في سورية والعراق وتتعاونان مع المنشقين فإن احتمالات الحصول على السلاح الكيماوي وارد، خصوصاً وأن هذه التنظيمات تملك المال الكافي، ولها حضور في مناطق جغرافية واسعة، وعلاقات متشعبة مع مختلف الأطياف السياسية والاجتماعية، ويمكنها أن تحصل على الدعم والخبرة ليس فقط في مجال الشراء، وإنما أيضا في إنتاج السلاح الكيماوي.
كل ذلك يدفعنا ألا نتجاهل احتمالات الحصول على السلاح الكيماوي من قبل الإرهابيين والتي لو تمت فإن مخاطر كبيرة ستحدث جراء استخدامها على نطاق واسع، ربما تغلب موازين القوى لدى الجهات المتحاربة، وتزيد من الدمار والقتل، وخاصة معاناة المدنيين من هذا النوع من السلاح الخطير.
المصدر : الراي
تصنيفات :
almustagbal.com