Facebook Page Twitter Page Instagram Page You Tube Page Email Apple Application Android Application
 
Al Mustagbal Website
أخبار مصورة
الكعبة المشرّفة في صور
أشكال ملفتة للغيوم فوق مدينة صور اللبنانية
الأنوار القطبية تضيء سماء اسكتلندا
كهوف من الجليد في بحيرة بيكال في سيبيريا
شلالات نياجرا
اروع الصور لامواج البحر
الطائرة الشمسية التي ستجول العالم من دون وقود
من سماء لبنان الجنوبية الغيم يرسم في تشرين لوحات سماوية
حين زينت الثلوج جنوب لبنان
Weather Kuwait
2014-03-24 00:27:00
عدد الزوار: 653
 
الازمة السورية من العزلة الدولية الى التسوية سياسية

مع اقتراب موعد انتهاء الولاية الرئاسية في سورية تبدو الانتخابات المرتقبة في موضع جدل كبير بين الاطراف السورية والدولية حول ترشح الرئيس بشار الأسد لفترة جديدة. مأزق جديد في مجريات الازمة السورية يتمثل بتنظيم الانتخابات الرئاسية.

ويأتي هذا فيما يبدو أن العاصمة السورية ماضية في اعداد قانون جديد بات خاضعا للنقاش في قاعة البرلمان السوري، ولم تتضح من معالمه بعد إلا ما تسرب منه. وبين من يرى من السوريين في اجراء الانتخابات الرئاسية على موعدها امرا ستعوقه عملية الوصول الى كل المناطق السورية، وكذلك غياب شرائح من المواطنين هجرت من اراضيها بفعل الحرب، وآخرون يرون في تأجيل العملية الانتخابية مماطلة تضيف تشعبا جديدا إلى ازمة متشعبة ومستشرية، غير أن الرأي القانوني السائد يقول إن الرئيس الاسد مثله مثل اي مواطن سوري لديه الحق في الترشح ما دام يتمتع بالمؤهلات التي ينص عليها القانون.

ففي شهر نيسان المقبل، يعلن مجلس الشعب السوري عن بدء حملة الترشح للانتخابات الرئاسية في سوريا، التي من المتوقع أن تجري في شهر حزيران المقبل، بعد إقرار المجلس قانوناً جديداً للانتخابات العامة، متوافقاً مع الدستور الجديد للبلاد، يفسح المجال أمام تولي الرئيس السوري بشار الأسد ولاية دستورية ثالثة، إن لم يحصل أي تأجيل.

لن يكون المشهد السوري قد اختلف كثيراً بعد شهرين على الأرجح، كما من غير المتوقع، أن يختلف جذرياً قبل أعوام تأتي. الحرب المستمرة، وإن تخللتها مصالحات، ونجاحات ميدانية، ستبقى بهويتها الإقليمية والدولية، وربما تستعر حيناً، وتهدأ حيناً آخر.

ما يشغل بال القيادة السورية غير ذلك. هما أمران بالدرجة الأولى، ترسيخ التقدم الميداني وإعلانه «نصراً»، وتوسيع أكبر قدر ممكن لعمليات المصالحة الوطنية «لتحييد أكبر قدر من العامل المحلي».

عديدون في سوريا يرفضون قطعياً أي تسمية تشير إلى «حرب أهلية» في البلاد. المعارضة والحكومة تتفقان، كما نادراً، على رفض هذه التسمية. بالنسبة إلى الدولة، ما يحصل من قتال هو بين الجيش الوطني ومسلحين أجانب مدعمين ببعض المسلحين المحليين «المغرر بهم»، وبالنسبة إلى المعارضة الحرب هي «ثورة شعب» ضد نظام.

لكن بالتغاضي عن جدل المصطلحات، ثمة من في هرم القيادة السياسية، وبين فاعليها، من تثبت من القناعة بأن حاجة البلاد، تتمثل دوماً بعد الحفاظ على قوة الجيش وتماسكه باعتباره عنصر الأمان الرئيسي للدولة، هو في تحقيق «المصالحات الوطنية». وهي مصالحات تتم طبعاً بعد استبعاد الأجنبي، وبين الأخوة المتقاتلين من الشعب الواحد.

منذ أسبوعين، وفي استعراضه لنتائج اجتماعات «جنيف 2» أمام مجلس الشعب، قال نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية السوري وليد المعلم، إن خيار الدولة المتبقي هو «الاستمرار بإنجازات قواتنا المسلحة التي تدعو إلى الفخر، ومواصلة الحوار مع مختلف مكونات المجتمع السوري والمعارضة الوطنية والجبهة الوطنية التقدمية...، وتشجيع المصالحات الوطنية التي تجري في أكثر من منطقة وتعميمها على باقي أرجاء الوطن لأن من شأنها التخفيف من نزف الدم السوري».

والكلام لا يجسد رأي الديبلوماسي الأول في سوريا فحسب. فوفقاً لما قاله مسؤول حكومي رفيع المستوى لـ«السفير» فإن توجيهات رئاسية صدرت في الأسابيع الأخيرة من شهر شباط الماضي بالعمل على «استنساخ» نموذج الهدنة القائمة في حمص، التي جرت لإخراج المدنيين من الأحياء القديمة، وأسفرت عن تسليم 140 مسلحاً لأسلحتهم في الوقت ذاته.

وأعطيت التوجيهات لتشمل ريف دمشق وحلب، واللاذقية بالإضافة إلى حمص، خصوصاً كونها المدن التي تحوي «تجمعات سكانية كبيرة مختلطة».

وبالرغم من أن المسؤول يقر بأن كثراً يقفون ضد هذا النهج، سواء داخل الدولة أو بين المسلحين، «إلا أنه لا سبيل إلا باستمراره»، منوهاً بصعوبة الأمر على الطرف الآخر أيضاً، الذي اضطر أخيراً لإلقاء السلاح بعد سنوات من القتال، والخسائر الكبيرة..

ويعتقد سياسيون وميدانيون، ولا سيما في قيادات الجيش، أن استعادة المساحات الجغرافية المحتلة والمضطربة، والتمهيد لقيام دولة موحدة سليمة من جديد، لا يكون إلا بهذه الطريقة، التي تقي الجيش من خسائر إضافية، وتمهد لباقي أجهزة الدولة إمكانية العمل من جديد واستعادة السيطرة الكاملة.

وتجري «المصالحات» الحالية متزامنة مع الحملة العسكرية، في أغلب الأحوال، وتعتمد على الحصار وعامل الوقت، في مناطق، وعلى الاختراق الأمني أو الاقتحام العسكري في مناطق أخرى. وكما بات معلوماً فإن أول شروط المصالحات هو إعادة رفع علم البلاد، كتعبير رمزي عن عودة المنطقة إلى كنف الدولة، وذلك استمهالاً لعمليات شاقة أخرى، تتمثل في إعادة التأهيل النفسي والاقتصادي والتنموي لتلك المناطق.

عملية ذات تحديات كبيرة، كما اعترف رئيس الوزراء السوري وائل الحلقي، في لقاء أجراه منذ اسبوعين مع التلفزيون المحلي. طرح الحلقي رقماً مذهلاً لحجم الأضرار المادية التي أصابت البنية التحتية، في دولة فاخرت طوال عقود بقدرتها على الاكتفاء الاقتصادي الذاتي.

فحتى الأشهر الأخيرة، بلغت كلفة الدمار في سورية 4,7 تريليون ليرة سورية (ما يزيد عن 47 مليار دولار). وبما أن التخريب لم يتوقف بعد، يستمر الحديث عن إدارة أزمة، ومحاولة الإبقاء «على خط حياة المستلزمات الأساسية للحياة اليومية» من طاقة وغذاء.

وأقر الحلقي أن قسماً كبيراً من الإنفاق الحالي يأتي من المجهود الحربي، الذي كان يستهلك سابقاً قسماً كبيراً من التحصيل الضريبي، وتجهد الدولة في سياسة الدعم الاجتماعي التي تكلف سنويا 614 مليار ليرة سورية. ولا يبدو واضحاً كيف يتم تأمين تكلفة ما تبقى من متطلبات، خصوصاً أن الحلقي يذكر رقماً آخر يجفف اللعاب، لحجم الاستيراد النفطي كل شهر في سوريا، المتمثل باستيراد ثلاثة ملايين برميل من النفط مقابل 800 مليون دولار، في بلد كان مخزونه الاحتياطي المعلن من العملة الصعبة يقارب 18 مليار دولار.

فهل سوريا في طور التحول إلى دولة دائنة؟ أم أنها تحولت إلى دولة مديونة وانتهى الأمر؟ خصوصاً أن مجمل مستوردات سوريا هي من قطاعات تصديرية قبل الأزمة، كالقمح والطحين والنفط والقطن وغيرها من المواد الإستراتيجية، من دون التذكير بتعطل العملية الإنتاجية بشكل يفوق نسبة تسعين في المئة. ولا يستثنى من الأعباء الثقل الاقتصادي الذي سيمثله «العائدون» من المناطق المهجورة والساخنة، وأعدادهم بالملايين في مخيمات متفرقة في دول الجوار، من دون الإشارة إلى عبئهم الأمني المحتمل أيضاً.

ميدانياً، لم يعد ثمة شك بأن الجيش، متحالفاً مع «حزب الله»، وبخط إمداد مفتوح من إيران ومشروط من روسيا سيبقي على تفوقه في المعركة. ويقر كثيرون بأن «النصر» الميداني لا يعني «الاستقرار الأمني»، حيث ستبقى البلاد تحت وطأة هذا الهاجس لعقود تأتي، بعد انتهاء الحرب.

جغرافياً، وعلى المستوى العسكري، يبقى الأكثر غموضاً مستقبل مناطق الشمال. وبالرغم من أنه بات بحكم المعلوم سراً، أن اتفاقاً يظلل العلاقة بين مجموعات الحماية الشعبية الكردية والجيش السوري، في ظل الاقتتال الحاصل بين فئات المعارضة الإسلامية المختلفة في تلك المنطقة، إلا أنه لا يزال مجهولاً كيف سيتطور مصير تلك المساحة من سوريا، وفي أي اتجاه.

معروف أيضاً أن الأكراد ينشئون من دون توقف كيانهم الذاتي في الشمال الشرقي، ويرفعون أعلام كردستان، تماماً كما ترفع أعلام بقية الفصائل في المناطق المتصارعة.

ومفهوم أيضاً أن القبول بسيطرة كردية تامة على تلك المنطقة لاحقاً، لن يكون ممكناً، لظروف إقليمية ودولية معروفة، ولغنى المنطقة الاقتصادي من جهة أخرى. أما بقية مناطق القطر فمصيرها يبقى معلقاً بقدرة الحسم الميداني للطرف الأقوى، والتي يبقى حتى اللحظة الجيش السوري متقدماً فيها.

ولا يساور أحد شك، بأن المعركة مع التطرف في سوريا، هي معركة طويلة جداً، وممتدة إلى الدول المجاورة، بحكم توسع هذه الجماعات وتفرع اصولها، لتكون تهديداً إقليمياً وربما دولياً، لا سورياً فقط.

أما سياسياً، فمن المتوقع أن تستمر عزلة سوريا الدولية في الفترة المقبلة. وحتى اللحظة ما من مؤشرات فعلية على حصول قفزات، سواء بحجة «التعاون الأمني» لمكافحة «القاعدة» أم لأسباب أخرى. ويرى محللون قريبون من مركز القرار أن الاشتباك الروسي الأميركي المتجدد لا يساعد على «حلحلة» الأمور في سوريا، بل إن ثمة مخاوف من «انتقام أميركي» على الأرض السورية.

كما أن السعودية لا زالت بعيدة عن إعطاء مؤشرات لبقية البلدان العربية بتوجه مماثل. وقبل تحول الحكم في تركيا إلى نقيضه من الصعب حصول التفاتات سياسية. لذا تبقي سوريا على علاقات مبطنة مع الإمارات، وعلنية مع سلطنة عمان، وتشبك أمنياً مع مصر، واقتصادياً وعسكرياً مع العراق. عدا ذلك، التحالفات الاعتيادية، وعلاقات رسمية جداً مع دول «بريكس» حتى اللحظة.

أما داخلياً، فما هو المنتظر سياسياً؟ تآلفت التصريحات مع بعضها البعض في شهر آذار. حزب «البعث» الحاكم، حدد بالطبع مرشحه لانتخابات الرئاسة بعد شهرين من الآن، ومن جهته دعا وليد المعلم إلى «الحوار الوطني» مذكراً بأحد إطاراتها كـ«الجبهة الوطنية التقدمية»، والتي تشكلت في سبعينيات القرن الماضي، ومثلت تحالف عدة أحزاب مع «البعث»، وإن غابت تماماً عن الرؤية في ظل الأزمة. كما تحدث الحلقي عن العمل على إعادة «بناء نسيج المجتمع في بعض المناطق»، وتركيز العمل على «المصالحة الوطنية»، وتوسعتها، وهو ما يوحي بأنه ما من مقدمات لتغيير جذري في التوجه السياسي الحالي، وأن مجمل التركيز سيصب على الاستحقاق الدستوري المقبل، تمهيداً للانتخابات الرئاسية المتوقعة بأكثر من مرشح في صيف هذا العام، ولكن من دون أية مفاجآت، إلا في حال أسفر اتفاق دولي إقليمي يجري تداوله إلى تأجيلها، إلى حين «نشوء ظروف تسوية سياسية»، وهي فكرة لا يزال الجانب السوري يرفضها بالمطلق.

في خطوة يفترض أن تكون متوقعة، أعلنت عدة فصائل إسلامية متشددة بدء ما أسموها «معركة الأنفال» في الساحل السوري.

وهذه الخطوة متوقعة ليس فقط من باب محاولة هذه الفصائل الرد والثأر على الهزائم التي مُنيت بها خلال الفترة الماضية، سواء في يبرود ومحيطها أو في بلدة الحصن وقلعتها، ولكن أيضاً بسبب الانسحاب المفاجئ لعناصر «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) من مقارهم في الساحل السوري، وسط معلومات أن هذا الانسحاب جاء من طرف «داعش» بعد تذرع الفصائل الأخرى أنها لا تجرؤ على فتح معركة الساحل بسبب خوفها من غدره وطعنه لها في الظهر كما حدث في أماكن أخرى.

فانسحاب «داعش» خلال الأسبوع الماضي من كل مقاره في جبل الأكراد وريف اللاذقية الشمالي، الأمر الذي يفترض أن يكون بمثابة إشارة واضحة إلى أن الساعة الصفر في الساحل قد حانت، وخصوصاً أن أنصار «داعش» الإعلاميين أخذوا بعد يوم من انسحابهم يضغطون على الفصائل الأخرى بالقول: «انسحبنا فلماذا لم تتحرك جبهة الساحل بعد؟».

فأن المعركة كانت مقررة منذ أشهر، إلا أن المواجهات بين «داعش» و«لواء الهجرة إلى الله» تسببت بتأجيلها آنذاك.

وقال بيان مصوّر صادر عن الفصائل المشاركة في المعركة إنه «بعد إعداد دام أكثر من سبعة أشهر تم فيه تجميع العدة والعتاد والرجال بعدما واجه إخوانكم عوائق يعلم الله مدى تأثيرها على هذا الإعداد والتحضير».

وأضاف «ومع ما يحمل هذا العمل العسكري من أهمية عظيمة جسيمة من وسع الجبهة ووعورتها وكيفيتها ونوعيتها، قرر إخوانكم: إنشاء غرفة عمليات موحدة بقيادة أنصار الشام وجبهة النصرة وشام الإسلام لضرب العدو بخطة محكمة في عقر داره».

وتابع «فأعلنوها على الباغي ناراً حارقة تأكل أخضرهم قبل يابسهم، وليسمعها الطاغية كلمة من جند الله على الأرض أننا في الساحل السوري قد سحبنا السيوف من أغمادها ولن تعود حتى يأمن أهلنا على أرض سوريا من ظلمكم ويفك الحصار عن كل المدن ويخرج الأسرى من غيابات سجونكم» مؤكداً أن هذه المطالب لا هوادة فيها وإلا «فالسيف بيننا وبينكم هو الحكم في معركة الأنفال التي أضرم أوارها اليوم».

وانطلقت شرارة المعركة من محيط معبر كسب الحدودي الذي شهد هجوماً بأعداد كبيرة من عدة محاور: محور الصخرة ومحور نبع المر ومحور السمرا، مع معلومات عن دخول قسم من المهاجمين من داخل الأراضي التركية.

وشاركت في الهجوم على معبر كسب بنحو خاص «كتائب أنصار الشام» (الجبهة الإسلامية)، بينما كانت قذائف الهاون والقذائف الصاروخية تنطلق باتجاه القرى والمناطق الخاضعة لسلطة الحكومة السورية، أهمها تلا وكفرية وبيت الشكوحي وانباته واستربه (وهي مناطق استعادها الجيش السوري بعد اقتحامها من قبل المسلحين في آب الماضي).

واستمر تساقط صواريخ مطورة من نوع «غراد»، بحسب ما أكد مصدر ميداني لـ«السفير»، على منطقة كرسانا والتي أدّت إلى مقتل امرأة وإصابة عدة أشخاص بينهم ثلاثة جنود كانوا على حاجز كرسانا، كذلك الأمر على طريق البسيط. كما سقطت قذيفة صاروخية في حرم جامعة تشرين، تسببت بأضرار مادية في كلية الهندسة الكهربائية.

وقد ذكر مصدر ميداني من الفصائل المهاجمة أن الغاية من إطلاق الصواريخ على هذه المناطق قطع خطوط الإمداد ومنع الجيش السوري من إرسال تعزيزات إلى جبهة كسب.

وبالرغم من ذلك، فإن الجيش السوري كان يحشد تعزيزاته في المنطقة مستدعياً المزيد من وحداته ومن قوات الدفاع الوطني واللجان الشعبية، كما ذكر مصدر ميداني لـ«السفير».

وقال المصدر إن نوعية الأسلحة التي استخدمها المسلحون في الهجوم، لا سيما الصواريخ المطورة التي وصلت إلى مناطق بعيدة، وتمكنت من إصابة نقطة عسكرية في كرسانا (حاجز كرسانا) تشير إلى أن الهجوم تم بالتنسيق مع أجهزة استخبارات دولية، خصوصاً أن حجم التنسيق بين المهاجمين بدا كبيراً، كما اتُّبعت تكتيكات كانت تهدف إلى عزل كسب بالكامل والسيطرة عليها، معللاً سبب الهجوم بمحاولات لكسر حالة الهزائم المتتالية التي تلقوها في يبرود في ريف دمشق والحصن في ريف حمص، بالإضافة إلى تقدم الجيش في حلب.

في المقابل، كان الطيران الحربي والمروحي يحوم منذ ظهر أمس الأول، فوق المناطق الخاضعة لسيطرة المسلحين في ريف اللاذقية الشمالي، حيث نفذ بحسب مصدر معارض غارتين جويتين مستهدفاً في الأولى محيط قرية الشحرورة، والثانية استهدفت محيط قرية مزين، كما قصفت المدفعية مساء أمس الأول، منطقة سلمى وطريق آرا وقرية دويركة، من دون معرفة ما إذا كان هذا القصف استباقياً يشير إلى توقع المعركة قبل إعلان الفصائل المتشددة عنه.

واستمر الطيران الحربي ومدفعية الجيش بالقصف بعد بدء الهجوم صباح أمس، على مواقع تمركز المجموعات المهاجمة، وسط اشتباكات عنيفة تركزت في محيط معبر كسب الحدودي، ولا سيما على الطريق الواصل بين المعبر الحدودي والمخفر الجمركي، وكذلك في جبل النسر (المقابل لمعبر كسب) وجبل الـ45، وشملت الاشتباكات المخافر على محاور القتال مثل مخفر الصخرة ومخفر السمرا ومخفر جبل الأقرع ومخفر نبع المر على الزنار الحدودي، وقد شهد مخفر نبع المر وبعض المباني المحيطة به اشتباكات عنيفة، تمكن بعدها المسلحون من فرض حصار على هذه المباني التي يتمركز فيها عناصر شرطة.

تعيش مدينة اللاذقية هذه الأيام حالة صمت وترقب، خصوصا مع ارتفاع شدة المعارك في المناطق الريفية القريبة من الحدود التركية، وتكرار سقوط القذائف الصاروخية، التي استهدف آخرها خلال الأسبوع الحالي حي الزراعة، أحد أشهر أحياء المدينة، في صورة تعيد للأذهان الحالة التي عاشتها المدينة على وقع المجازر التي شهدها الريف الشمالي في شهر آب الماضي، وأحداث الخطف التي تعرض لها سكان قرى عدة، والتي باتت تشكل جرحاً نازفاً لسكان المدينة التي لطالما كانت هادئة.

"لم نعتد أن تصل الصواريخ إلى هذه المنطقة"، يقول أحد أصحاب المحال في حي الزراعة الراقي، ويضيف "تسبب الصاروخ بتوقف حركة السير بعض الوقت، وخروج الشبان من المقاهي التي يضج بها الحي، وما ان بدأت الحياة تعود إلى وضعها الطبيعي حتى اندلعت أحداث كسب"، في إشارة إلى المنطقة الحدودية مع تركيا.

وتشهد منطقة كسب اشتباكات عنيفة إثر قيام مسلحين ينتمون لـ"جبهة النصرة" و"الجبهة الإسلامية" و"شام الإسلام"، بشن هجوم عنيف على المنطقة الحدودية مع تركيا، تزامن مع إطلاق صواريخ عدة على القرى القريبة، منها كرسانا التي شهدت سقوط نحو عشرة صواريخ أصابت بعضها نقطة تفتيش للجيش، ما أدى إلى وقوع قتلى وجرحى، كما سقط أحد الصواريخ في "جامعة تشرين" في المدينة، تسبب بأضرار مادية في مبنى كلية الهندسة الميكانيكية، والتي كانت فارغة من الطلاب كون يوم الجمعة يوم عطلة رسمية.

ومع احتدام المعارك في الريف الشمالي، كثفت قوات الأمن ووحدات من الدفاع الوطني انتشارها في داخل المدينة، وسط تشديدات أمنية كثيفة وعمليات تدقيق وتفتيش خشية تسلل مسلحين إلى المدينة الآمنة وتنفيذ تفجيرات من شأنها أن تعكر صفو المدينة البعيدة نسبياً عن المناطق الساخنة، والتي تشكل ملجأ لأكثر من مليون ونصف المليون نازح من مختلف المحافظات السورية.

وتسبب اتساع رقعة سقوط الصواريخ بحالة رهبة مؤقتة بين المواطنين، الذين التزموا منازلهم، وسط خشية من تكرار سيناريو اقتحام القرى في الريف الشمالي وارتكاب المجازر، كما سرت شائعات عن وجود سيارة مفخخة تبين في ما بعد عدم صحتها.

وتسبب استهداف كرسانة، أمس، بقطع طرق رئيسية دفعت عددا من سكان القرى والضواحي إلى البقاء في مدينة اللاذقية، وخصوصا سكان منطقة البدروسية، ومعظمهم من النازحين، والذين قدموا إلى اللاذقية صباح أمس، ولم يتمكنوا من العودة إلى منازلهم.

ومع انحسار شدة المعارك في الريف الشمالي، وورود أنباء عن بدء الجيش حملة معاكسة لاستعادة المناطق التي فقد السيطرة عليها في كسب وفي محيطها، عادت الحياة جزئيا إلى المدينة، وزالت رهبة تكرار سيناريو المجازر السابقة، كما توقف سقوط الصواريخ وتم فتح الطرق الرئيسية المؤدية إلى الضواحي الشمالية، بالتزامن مع هدوء في حركة سيارات الإسعاف، فيما التزم كثيرون منازلهم، وبقيت الأسواق مغلقة برغم تزامن يوم الجمعة مع مناسبة عيد الأم والتي كانت محال عدة تجهز لها، بحسب ما قال سعد، وهو صاحب محل لصناعة الحلويات في منطقة الشيخ ضاهر، والذي أشار إلى أنّ الاستعدادات كانت سارية على قدم وساق لهذه المناسبة، ولكن معارك الريف منعت المواطنين من الخروج من منازلهم.

على وقع المواجهات في جبال القلمون واللاذقية، يتواصل التصعيد العسكري في حوران بعد تقدم جديد للفصائل المسلحة، وهو تقدم يضاف إلى احتمالات اشتعال الجبهة الجنوبية في الفترة المقبلة، في وقت بدأ فيه التسخين يطال مناطق وادي بردى التي يتوقع أن تكون الهدف النهائي لمعارك القلمون.

وأعلنت أمس، كتائب «الجيش الحر» سيطرتها على منطقة غرز ذات الأهمية الإستراتيجية في شرق مدينة درعا، حيث بثت قنوات وتنسيقيات المعارضة مقاطع مصورة تظهر تقدم المسلحين إلى منطقتي صوامع الحبوب وقصاد والمحطة. كما تظهر استيلاءها على أسلحة وصواريخ وعربات مدرعة.

وأشارت مصادر ميدانية إلى موقع البلدة غربي الطريق الدولي، حيث تكتسب أهميتها من مبنى السجن المركزي وسرية حفظ النظام، بالإضافة إلى أنها تشكل بوابة المدينة، إذ أصبحت مقار الاستخبارات الجوية وأمن الدولة مفتوحة أمام تقدم الفصائل المعارضة، فيصبح من السهل قطع الطريق الدولي انطلاقاً من هذه النقطة وصولاً إلى معبر نصيب الحدودي مع الأردن، بحسب المصادر نفسها.

وتشير المصادر أيضاً، إلى تعزيزات عسكرية على طريق دمشق - درعا، بالإضافة إلى قصف مدفعي وبالطيران الحربي يطال مختلف مناطق الريف الحوراني، وخاصة في بلدة الحراك وحي طريق السد، حيث تتمركز أكثر من خمسة مواقع عسكرية ضخمة للجيش في بلدات ازرع ونوى والصنمين وخربة غزالة، يتحكم الجيش من خلالها بالضربات التي يوجهها إلى باقي الريف الحوراني الخاضع لسيطرة «الجيش الحر».

ويلفت المصدر إلى أن المجموعات التي شاركت في المعركة هي «فرقة اليرموك» و«لواء فلوجة حوران» و«لواء أسود السنة»، فيما التحق «مغاوير سهل حوران» و«شهداء الحرية» و«لواء العمري» في الأيام الأخيرة للمواجهات.

ويكتسب «لواء العمري» أهمية كبيرة، على اعتباره أحد أبرز الفصائل في «جبهة ثوار سوريا» التي تشكلت قبل أشهر في إدلب بقيادة جمال معروف.

ويستبعد مصدر من المجموعات المسلحة أن يكون لما حصل أي علاقة بفتح الجبهة الجنوبية التي تم الحديث عنها مؤخراً، كما نفى الأنباء عن تسلل للمقاتلين من الأردن، وهو ما كان قد أشار إليه بيان القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة أمس الأول، في سياق إعلانه عن الهجوم الإسرائيلي على مركز له في الجولان السوري.

في المقابل، دارت اشتباكات عنيفة بين «داعش» ووحدات الحماية الكردية إثر محاولة التنظيم التقدم إلى بلدة صرين قرب عين العرب (كوباني باللغة الكردية). كما استهدف مقاتلو الوحدات الكردية مواقع لـ«الدولة» قرب مدينة رأس العين في شمال الحسكة.

أما في ريف دمشق، فتتجه الأنظار إلى منطقة وادي بردى التي بدأت تشهد تصعيداً ميدانياً مع مقتل 11 شخصاً بغارة جوية على مواقع في بلدة قدسيا على سفح جبل قاسيون، بحسب تنسيقيات المعارضة.

وذكرت مصادر مقرّبة من النظام أن الضحايا هم مسلحون تم استهدافهم في تجمّع لهم وسط البلدة التي تعيش في حالة هدنة مع السلطة منذ أشهر، في وقت ذكر فيه «المركز الإعلامي في القلمون» أن جميع من سقطوا هم مدنيون في ثاني غارة خلال أربعة أيام

Addthis Email Twitter Facebook
 
 
 
 
 
Al Mustagbal Website