Facebook Page Twitter Page Instagram Page You Tube Page Email Apple Application Android Application
 
Al Mustagbal Website
أخبار مصورة
الكعبة المشرّفة في صور
أشكال ملفتة للغيوم فوق مدينة صور اللبنانية
الأنوار القطبية تضيء سماء اسكتلندا
كهوف من الجليد في بحيرة بيكال في سيبيريا
شلالات نياجرا
اروع الصور لامواج البحر
الطائرة الشمسية التي ستجول العالم من دون وقود
من سماء لبنان الجنوبية الغيم يرسم في تشرين لوحات سماوية
حين زينت الثلوج جنوب لبنان
Weather Kuwait
2014-03-17 10:43:00
عدد الزوار: 746
 
تحت القبة دون مساءلة،هل تتحول الحصانة البرلمانية من ضمانة الى امتياز؟

مفهوم الحصانة وتطبيقها والاحتماء وراءها وكذلك رفعها، قضية شغلت الكثيرون وتناولها الكتاب والنقاد منذ عقود، فكانت الشخصية البرلمانية التي تدخل المجلس كأي شخص عادي لكنها بعد دخوله  تتربع فيه على عرش الحصانة رمزا لهذه القضية، اي هو النائب الذي تحول بانتخابه  في مجلس النواب إلى وجيه ذي جاه وسلطان يتعذر عقابه على جرائمه بعد أن أصبح صاحب حصانة. ولا تزال حصانة النواب مثار جدل ونقاش حتى الآن.

تتضمن دساتير معظم دول العالم نصوصاً تكفل الاستقلال لأعضاء المجالس البرلمانية ،والحماية لهم ضد أنواع التعسف والتهديد والانتقام ، سواء من جانب السلطات الأخرى فـي المجتمع أم من جانب الأفراد، وتحقق لهم الطمأنينة العامة والثقة الكاملة عند مباشرة أعمالهم النيابية، هذه النصوص تجسد ما يعرف باسم "الحصانة البرلمانية.

فبعد رحلة اسكشافية بوقائع جلسة مجلس الامة الكويتي أمس الأول تبين أن خطأ وقع في مجموع الأصوات وخلال الجلسة التكميلية للمجلس اليوم تبين بعد المراجعة ان 16 نائباً وافقوا على تقرير لجنة الشؤون التشريعية والقانونية الرافض لرفع الحصانة عن وزير الدولة لشؤون البلدية عيسى الكندري بصفته نائبا في المجلس في حين لم يوافق 17 نائباً على التقرير وبالتالي ترفع الحصانة عن الوزير في قضية جنح صحافة بحسب ما قاله رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم. ليكون الكندري هو أول وزير ترفع الحصانة عنه في تاريخ الحياة البرلمانية بالكويت. مما جعلنا اكثر رغبة في الغوص و الاستطلاع في موضوع الحصانة النيابية

فالحصانة النيابية في الكويت وضعت او شرعت لضمان استقلال اعضاء مجلس الأمة في الكويت وحماية لهم ضد انواع التهديد والانتقام سواء من جانب السلطات أو من جانب المجتمع أو من جانب الافراد فإن لأعضاء مجلس الامة حصانة تنقسم الى نوعي، حصانة موضوعية وحصانة اجرائية،

فالحصانة الموضوعية هي عدم مسؤولية أعضاء المجلس عن الاقوال أو الافكار أو الآراء التي تصدر منهم اثناء ممارستهم لوظائفهم البرلمانية، اما الحصانة الاجرائية فتعني عدم جواز اتخاذ اي اجراءات جنائية ضد أي من أعضاء مجلس الأمة في غير حالة التلبس بالجريمة الا بعد اذن المجلس .

اما لكي يتم رفع الحصانة البرلمانية عن نائب في مجلس الأمة يجب طلب اذن من مجلس الامة من قبل وزير العدل، ويجب ان تشكل لجنة من قبل مجلس الامة ليعرض فيها النائب المراد رفع الحصانة عنه ليدلي بأقواله.

وتمثل الحصانة سواء كانت موضوعية أو إجرائية استثناء من القانون العام، اقتضته ضرورة جعل السلطة التشريعية ـ الممثل الحقيقي للأمة ـ بمنأى عن اعتداءات السلطات الأخرى وطغيانها ، وهي وإن كانت فـي ظاهرها تخل بمبدأ المساواة بين الأفراد، إلا أن عدم المساواة هنا لم يقرر لمصلحة النائب ، بل لمصلحة سلطة الأمة، ولحفظ كيان التمثيل النيابي، وصيانته ضد كل اعتداء ولكن ليس معنى ذلك أن يصبح أعضاء البرلمان دون بقية الأفراد ـ فوق القانون لا حسيب عليهم ولا رقيب.

فالحصانة فـي الواقع ليست طليقة من كل قيد أو حد؛ بل هناك ضوابط وقيود عديدة تحد من نطاقها إذا ما تجاوز عضو البرلمان الحدود المسموح بها، أو الحدود المشروعة لها، فهي عندما تقررت إنما كان لهدف محدد وواضح لا يجوز تجاوزه أو الخروج عليه، وإلا تعرض عضو البرلمان للمسئولية كاملة.

ورغم أهمية موضوع الحصانة البرلمانية على هذا النحو ورغم أنه موضوع قديم إلا أنه يكاد يكون من الموضوعات التي لم تُطرق بشكل متعمق من جانب رجال القانون عامة، وعلماء السياسةخاصة.

فإذا كانت الحصانة البرلمانية هي نوع من الحماية القانونية التي يعطيها الدستور لنواب الامة في البرلمان كنوع من الحماية السياسية والقانونية. فهناك جملة من التساؤلات التي تطرح حول أحقية النائب في توجيه الاتهامات شرقا وغربا بدون مسوغات قانونية. اوحتى التعسف في استخدام هذه الحصانة فينفرد بعض النواب في كيل اتهامات شخصية لشخصيات سياسية واقتصادية واجتماعية وأكاديمية، دون تقديم بينات تثبت ما ذهبوا إليه. ويتمادون في استغلال مادة دستورية تعطيهم الحق في “قول ما يريدون تحت القبة دون مساءلة”، ويرون أن بعضهم يفسر تلك المادة “بشكل مغلوط على اساس ان الحصانة اي الدرع الواقي بطاقة مرور لتجاوزات لذوي الحصانة فقط .

هذا الانتقاد لايعني ان على اي نائب التزام الصمت بالعكس فلكل عضو من أعضاء مجلسي النيابي او مجلس الامة  ملء الحرية في التكلم وإبداء الرأي في حدود النظام الداخلي للمجلس المنتسب إليه. ولا يجوز مؤاخذة العضو بسبب أي تصويت أو رأي يبديه أو خطاب يلقيه في أثناء جلسات المجلس».

 و لكن حرية النائب بقول ما يشاء تحت قبة البرلمان كانت محطة نقاش  للمحكمة الدستورية  في الكويت لتفسير تلك المواد وتحديد السلطة الممنوحة للنائب والحرية في قول رأيه المتجرد او القذف والتطاول على الآخرين وتجريح كراماتهم والتعدي على حرياتهم الشخصية.

فالمادة 111 من الدستور الكويتي  أشارت الى انه اثناء انعقاد المجلس وفي غير حالة الجرم المشهود ان تتخذ نحو العضو إجراءات التحقيق او التفتيش او القبض او الحبس او اي إجراء آخر إلا بإذن من المجلس.

وكذلك بعض النقاط المهمة في المادة لحماية النائب من التعرض للتهديد او المساءلة عندما يصرح عن آرائه المعارضة للسلطة.فالمشرع الكويتي والحكومة اتفقوا على ان للنائب الحصانة التي تحميه من المساءلة السياسية او الجنائية عندما يتعرض للسلطة او الشخصيات العامة عندما يطرح آراءه الشخصية او يكشف بعض التجاوزات او يقدم أسئلة او استجوابا لأحد الوزراء او يطالب بطرح الثقة لوزير.

المساءلة السياسية حق للنائب لوقف انحراف السلطة التنفيذية ولكن هذا الحق يجب ان يكون تحت قبة البرلمان وليس خارجه. ففي السنوات الأخيرة حصل انحراف وتجاوز للبعض من أعضاء مجلس الأمة واستغل نص المادة 111 من الدستور في التعدي على الآخرين وارتكاب الأفعال المجرمة قانونا وبعدها الاختباء وراء الحصانة.

فمجالس الأمة السابقة ساعدت البعض على تجاوز القانون وقذف الآخرين عندما يرفض رفع الحصانة عن الأعضاء الذين يرتكبون أفعالاً او جرائم خارج قبة البرلمان ويتهمون الآخرين بالرشوة او الاختلاس او عندما يظهرون أموراً سرية تخص مؤسسة حكومية او بنكية وعندما ترفع عليهم قضايا ودعاوى يلجأون للمجلس لرفض رفع الحصانة عنهم بادعاء ان تلك الدعاوى كيدية وبنفس الوقت يسارعون لرفع قضايا على اي شخص يتطاول عليهم بالقول أمام المحاكم.

لقد مرت قضايا كثيرة شاهدها السواد الأعظم من المواطنين الكويتيين في استغلال بعض الأعضاء لعضويتهم عندما يشتمون الآخرين المسؤولين بالدولة او الآخرين ويسارعون للجوء للتخفي وراء الحصانة النيابية.إحالة المادة 111 لطلب تفسير من المحكمة الدستورية تعتبر ضربة معلم ممن قدمها من النواب يشكرون عليها.

وقد تم تقديم طلبات رفع الحصانة البرلمانية عن عدد من الأعضاء في المجلس، حيث كانت أول حالة في 1 مايو 1971 للعضو عبدالعزيز فهد المساعيد الذي كان يرأس تحرير جريدة الرأي العام حيث اتهمه رئيس تحرير جريدة السياسة احمد الجار الله بالقذف، وقد تم الاتفاق على رفع الحصانة بأغلبية 21 نائبا،

اما الحالة الثانية في 26 يونيو 1971 فكانت للعضو سامي احمد المنيس بصفته رئيس تحرير جريدة الطليعة بسبب نشره عدداً من المقالات، وقد تمت الموافقة على رفع الحصانة بأغلبية 34 نائباً، فيما جاءت الحالة الثالثة في 26 يونيو 1971 للنائب خالد مسعود الفهيد بصفته رئيس تحرير مجلة الرائد حول نشره لمقالات في مجلة الرائد وقد تمت الموافقة بأغلبية 36 نائبا.

اما الحالة الرابعة في 23 يونيو 1973 للنائب سامي احمد المنيس بصفته رئيس تحرير جريدة الطليعة حول نشره عدد من المقالات وقد تمت الموافقة بأغلبية 26 نائبا، وشملت الحالة الخامسة في 19 فبراير 1974 طلب رفع الحصانة عن النائب خالد مسعود الفهيد بتهمة اعتدائه على رجل أمن، وقد تم تعليق القرار لعدم اكتمال النصاب ورفعت الحصانة تلقائيا بعد ذلك.

 فيما جاءت الحالة السادسة في 3 يناير 1975 للنائب عبدالعزيز فهد المساعيد صاحب امتياز جريدة الرأي العام بتهمة القذف والسب للنائب احمد محمد الخطيب، وقد تم رفع الحصانة بموافقة 49 نائبا من اصل 50 نائبا، اما الحالة السابعة في 8 نوفمبر 1983 فكانت للنائب جاسر الجاسر بسبب توجيهه اتهامات لمسؤولي البلدية، ولم تتم الموافقة على رفع الحصانة بـ28 صوتا من اصل 49 نائبا،

اما الحالة الثامنة في 28 يناير 1986 للنائب سامي احمد المنيس بصفته رئيس تحرير جريدة الطليعة بسبب نشر مقالة يمس بكرامة شخص، وقد رفض الطلب بأغلبية 33 نائبا وموافقة 12 نائباً. الحالتان الاخيرتان شملتا طلب رفع الحصانة في 15 فبراير 1994 عن النائب احمد الشريعان بسبب دخول منطقة محظورة والاعتداء على رجل أمن وقد تمت الموافقة بأغلبية 36 صوتا من اصل 53 نائباً، فيما شملت الحالة العاشرة في 22 فبراير 1994 طلب رفع الحصانة عن النائب خالد العدوة بسبب شكوى مرفوعة من خمسة من اعضاء الهيئة التدريسية في جامعة الكويت بتهمة القذف، ولم تتم الموافقة برفض 26 نائبا من اصل 45 نائباً​.  وفي 2012أقرّ مجلس الأمة الكويتي في جلسته العادية رفع الحصانة البرلمانية عن تسعة نواب في قضية "اقتحام مجلس الأمة" بغالبية 53 عضوًا.

وكانت النيابة العامة قد طلبت الإذن برفع الحصانة البرلمانية عن 9 نواب، وذلك على خلفية اقتحامهم لقاعة البرلمان في العام الماضي أثناء عضويتهم في المجلس السابق للتعبير عن احتجاجهم على ما أسموه برشى مالية كبيرة، قدمتها الحكومة السابقة إلى بعض النواب.

كما أقرّ المجلس رفع الحصانة عن نائبين آخرين لم تسبق لهما العضوية النيابية، هما محمد الجويهل ونبيل الفضل، على خلفية عدد من القضايا، من بينها سب وقذف وجنح صحافة وجنح مرئي ومسموع. وذكرت وكالة الأنباء الكويتية أن المجلس رفض طلب وزير الداخلية رفع الحصانة البرلمانية عن النائب وليد الطبطبائي في قضية جنح "العارضية" الكويتية  و وحالات اخرى كثيرة ،و مؤخرا" رفع الحصانة عن وزير الدولة لشؤون البلدية عيسى الكندري بصفته نائبا في المجلس في حين لم يوافق 17 نائباً على التقرير وبالتالي رفعت الحصانة عن الوزير في قضية جنح صحافة بحسب ما قاله رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم. واضاف الغانم أن الكندري هو أول وزير ترفع الحصانة عنه في تاريخ الحياة البرلمانية بالكويت.

 ففي كل مناقشة لاجتماع النواب في جلساتهم الاسبوعية  في الكويت كان  يظهر النواب من خلال نقاشات تتطاير فيها الاتهامات بحق مسؤولين سابقين وحاليين من دون تقديم بيانات تثبت حقيقة تلك الاتهامات. حيث لا تخلو الكلمات من عبارات جارحة وأوصاف مؤذية لرؤساء وزارات سابقين ووزراء وشخصيات أكاديمية، و تاتي قضايا الفساد أو استغلال الموقع كأولية للتدوال فيها. فبعض النواب «يتعمدون استغلال منبر المجلس من أجل الضغط على المسؤول لتمرير ما يريد من معاملات وواسطات. وإذا رفض الاستجابة يقوم النائب بتوجيه شتى أنواع الاتهامات له».

فيرى بعض المحللين السياسين في الكويت  ان الحصانة غير موجودة في مجلس الامة للنواب  بشكل مطلق، وتحديدا فيما يتعلق بالذم والقدح والشتم،  فالنائب الذي يمارس ذلك الأسلوب يعرض نفسه للمسؤولية الجزائية، إذا عجز عن إثبات ما ذهب إليه.

وإذا كان الأمر متعلقا باستغلال مبدأ الحصانة، بتحويله من ضمانة إلى امتياز، فلابدّ أن تصاغ مادة توضح الأسباب التي تبيح اتخاذ الإجراءات ضد التعسف في استخدام الحصانة، وكذا الإجراءات ضد التلفيقات التي تنتهجها جهات ما ضد النائب.

إما في مسألة تأجيل اتخاذ تدابير القبض على النائب الذي توفرت في حقه أدلة الاتهام، أنّ رفض المجلس طلب القضاء ، فيه مساس بمبدأ المساواة، خصوصا في حالة انتفاء الأسباب الكيدية، فإن عدم توفر الأسباب المباشرة في توظيف هذا الاستثناء -الحصانة- مثل تعسف واستبداد الأغلبية أو الأقلية المدعومة من ذوي النفوذ،

 فاذا اخذنا مثلا" قضية النائب السابق فيصل المسلم الذي وكانت وزارة الاعلام اتهمته مع موظفين في القناة بالطعن علناً من خلال وسائل الاعلام بسلطات مسند الامارة والاشتراك في بث برنامج «الكلام الحر» والحديث بعبارات تعيب بالذات الأميرية.

 فقد انتهت القضية بحجز محكمة الاستئناف برئاسة المستشار ابراهيم العبيد الاستئناف المقدم من النيابة العامة ضد حكم محكمة أول درجة القاضي ببراءة النائب السابق فيصل المسلم وأربعة من العاملين في قناة «اليوم» في قضية أمن الدولة بتهمة الطعن علنا بمسند الامارة، الى جلسة 20 الجاري للحكم.

والجدير بالذكر ان المتهمين قد تمت احالتهم الى المحاكمة بعد ان استدعتهم النيابة العامة وحققت في القضية بتهمة المساس بمسند الامارة وذلك قبل ان تقرر اخلاء سبيل كل منهم بكفالة مالية قدرها 100 دينار بعد التحقيق معهم.

وقد أحالت الوزارة ذلك البلاغ الى النيابة العامة معترضة على ظهور المسلم في لقاء تلفزيوني عبر قناة اليوم بعد تجمع ساحة الارادة والذي تحدث فيه عن الأوضاع السياسية التي تشهدها البلاد.

واسندت النيابة «للمسلم» تهم الطعن علنا من خلال وسائل الاعلام بسلطات مسند الامارة والاشتراك في بث برنامج الكلام الحر حال كونه ضيفا فيه والقيام بالحديث بعبارات من شأنها التعرض لمسند الامارة.

 ومن جهتها اكدت مرشحة الدائرة الثالثة د.رولا دشتي أن القضاء قد قال كلمته في قضية النائب السابق فيصل المسلم ويجب احترامه بعيدا عن أي تلميحات غير مبررة، معتبرة أن الحصانة البرلمانية لم تأت لانتهاك كرامات الناس داخل قاعة عبدالله السالم، ولا لتحمي من يرتكب الجرائم، بل أتت للرقابة الفعلية على أداء الحكومة. وشددت على أن المؤسسة القضائية هي دائما الملاذ الأخير لتحقيق العدالة والحق، وقالت: نحن دائما ننتصر للقضاء، وقد انتصرنا على من أراد تعطيل العدالة واتخذنا موقفا لتحقيقها.

وفيما يتعلق بقرار الشطب الأخير، قالت دشتي: لم أطلع عليه بعد، ولكن أتمنى أن يكون قد تم وفق الإجراءات القانونية، إذ لا يجوز أن يكون هناك تعسف في أي إجراء، وأن يعامل الجميع تحت مظلة القانون دون الخوف من أي ترهيب، ومن جانب آخر لكل مرشح حق الطعن ليأخذ حقه والعدل سينصف كل ذي حق، مطالبة الحكومة بأن تعامل الجميع دون تمييز.

 ولذلك يميل فقهاء القانون الدستوري إلى ضرورة تحليل المادة الدستورية وتزويدها بمجموعة من التفسيرات حتى لا تكون مطية لذوي النفوس المغرضة لكي يوظفوا هذا المبدأ لأغراض مشبوهة، كما أنّ رفض المجلس وانتظار نهاية المدة النيابية، فيه غمط لحق صاحب الدعوى، إذ ربما يؤدي سكوت المجلس أو رفضه قبول الطلب إلى السكوت عن القضية ونسيانها في أدراج اللامبالاة، فتضيع الحقوق، وهو مبدأ منافٍ لحقوق الإنسان.

 اما اذا ذهبنا لنتحدث وبلا حرج عن كيفية استغلال  الحصانة كطعم لصيد الاموال ولتصبح عضوية البرلمان الموقرة  البنك الذي يسعى بعض من يدخله للحصول على المال الحرام تحت حماية الحصانة .. وسواء صدقت كل هذه الأقاويل والتسريبات ولها شواهد سابقة ، أم كانت تخضع للكثير من التهويل والمبالغة والتضخيم المغالى فيه ، فإن الحل الحاسم الذي يحفظ هيبة المجلس الموقر ومكانة المقعد المحترم وسمعة العضو البرلماني المبجل ، قبل أن يحفظ على الوطن والمواطنين حقوقهم المادية والمعنوية ، هو رفع الحصانة الجنائية عن عضو البرلمان فهو ليس في حاجة إليها لأنه في الأساس ليس موضع شبهة ولا ملاحقة جنائية وفق سجل سوابقه الجنائية النظيفة التي تقدم بها كشرط من شروط الترشيح في الانتخابات .

 كما أن حصوله على ثقة جمع من الناخبين يؤهل ذمته المالية والمعنوية للخلو مما يشين .. ومن شذ عن ذلك فليس من مصلحة الوطن ولا من مصلحة المجلس الموقر ولا من مصلحة الشرفاء من السياسيين حمايته والتستر عليه..

 أما الحصانة السياسية التي تتيح للنائب المبجل أن يصول ويجول ويحاسب الحكومة ويعارض ما يراه مخالفا من القرارات ، ويفتح ملفات كشف المستور ، فهي فعلا التي تحتاج إلى حصانة سياسية حقيقية .. حصانة تحميه من الملاحقة الأمنية السياسية حتى بعد خروجه أو إخراجه من عضوية البرلمان ، بصرف النظر عن مساحة الاتفاق والاختلاف حول طبيعة قانون  الحصانة طالما ظل نشاطا سياسيا مشروعا لعضو برلمان منتخب من قبل أبناء دائرته.

واذا سلمنا جدلا"بأن الحصانة  هي الحماية الممنوحة للنائب او لأي شخص يتبوء منصب ما في الدولة  له لأداء العمل المنوط به بالشكل الأكمل وهي تمثل سياجا له يحميه من المكائد، ولكن حينما يرقص نائب في ملهي ليلي ويرفض دفع الحساب أو يستغلها للحصول علي ميزات كما رأينا فيما سمي بنواب العلاج علي نفقة الدولة أو غيرها من حالات التجاوزات التي مثلت جرائم أو تعديا علي المال العام وتجاوز القانون ومن هنا فإن الحصانة تحيد عن غرضها وتتحول الي حماية الفاسد وتحصينه ضد القانون رغم تجاوزاته ولذلك فإن الحصانة يجب ان تكون مقترنة بضوابط حتي لا تحيد عن هدفها.

لذالك يجب علي كل من يتمتع بالحصانة ان يعلم علم اليقين ان الحصانة لا تتنافي مع المبادئ والأخلاق وهي لم تشرع لستر أي عيوب أو أن تكون ذريعة للتعدي علي القيم ومن يتمتع بالحصانة يجب ان يحرص علي حماية هذه الحصانة لا أن تحميه الحصانة ويجب ان يتحوط في علاقاته مع الآخرين قدر العناية التي يبذلها وتفوق عناية الشخص الذي لا يتمتع بها وذلك حرصا علي اسمه والحصانة التي كفلها له القانون وان يكفل لذاته خطا محددا يجب الا يحيد عنه فالحصانة شرعت لحماية ممارسة عمل أو موقف لا لحماية شخص

 وأن الحصانة قد أعطيت للشخص بناء علي هذا التمثيل الذي ارتأي فيه المشرع وجوبها سواء في النواحي الدبلوماسية أو القضائية أو البرلمانية، وفي كل الأحوال يجب علي الشخص الذي تمنح له الحصانة ان يحافظ علي المفترض من تشريعها حفاظا علي أن يؤدي الشخص دوره تجاه الجهة التي يمثلها من خلال الحصانة التي يجب ألا يوظفها لأغراض شخصية وإنما شرعت لمساعدته علي القيام بوظيفته علي الوجه الأكمل دون أن تنال منه السلبيات.

فهناك من يجد من الحصانة مرتعا لتنفيذ أغراضه الشخصية وهناك من يري في الحصانة قيدا علي تصرفاته فيحافظ عليها وعلي اسمه، وكل من يعرف مفهوم الحصانة فانه يتحرك من خلال المبادئ التي أرساها المشرع حفاظا علي هذه الحصانة.

ولكن مع الأسف فإن الحصانة استغلت في ارتكاب افعال وجرائم مستندين للحصانة وهذا يعني ان النائب قد حاد عن هدف الحصانة واستغلها فيما يضر المصلحة العامة ولذلك اذا شئنا الحقيقة فإن فكرة الحصانة لأن الحصانة ـ الانسان ـ سواء أكان نائبا أو مواطنا عاديا يستمدها من سلوكه الشخصي بمعني ان الشخص الذي يريد ان يعيش في أمان سواء أكان نائبا أو مواطنا عاديا يجب ان يلتزم بالقانون والأعراف المقررة، ولذلك نجد الكثير من المواطنين خارج البرلمان أسوياء ولا يمس أحد بسوء.

لذالك اذا صح التعبير فيجب ألا يكون لأحد في الدولة حصانة الا سيادة القانون فالحصانة قد تمثل انتهاكا لسيادة القانون وقد تحمي من ينتهكه، ويجب ألا يسعي شخص للحصانة للحصول علي مميزات أو وضعية خاصة.

وتري أنه إن كان لابد من استمرار الحصانة أو الابقاء عليها فيجب ان تكون أولا محصورة في الجرائم البسيطة التي تمثل مخالفات أو جنحا ولا تمتد الي الجنايات بمعني انه لو طلب وزير العدل رفع الحصانة عن شخص لارتكابه جناية يجب علي المجلس ان يرفع الحصانة دون ان يكون له حق الاعتراض ويكون الأمر متروكا للقضاء وهو سلطة محترمة للفصل فيه .

بحيث لا يكون هناك أي شكل للحماية له وهذا قيد قاس، وأيضا الأمر الثاني دعوة النواب الي ضرورة النظر إلي طلب رفع الحصانة نظرة موضوعية بمعني ألا يتعاطفوا مع زميلهم المطلوب رفع الحصانة عنه، وبالنسبة للحصانة يجب ان تقصر رفع الحصانة علي طلبات وزارة العدل لان الطلبات التي تقدم من المضرور من الجريمة كثيرا ما تكون طلبات كيدية وبهذا نحصر الحصانة في إطار تحقيق الهدف الأساسي منها وهو حماية النائب في اداء عمله.

وهناك نماذج عديدة لاساءة الاستغلال ويتضح ذلك من الوهلة الاولي فهناك من البعض أن اصبح نائبا رفع بناء العمارة دون ترخيص وكذلك جرائم اصدار شيك بدون رصيد للحصول علي سلع شراء أشياء، وكذلك أعمال الرشوة فهناك نماذج عديدة لاستغلال الحصانة أسوأ استغلال وبالتالي يفقد النائب مصداقيته.وتصديقا"على ذالك فنري قلة من البرلمانيين يسيئون استخدام الحصانة وليس بعيدا عنا نواب القروض والتهرب الجمركي والعلاج علي نفقة الدولة وغيرها ومن ثم يتعين التضييق في الحصانة بحيث ترتبط بمهام ومسئوليات عضو مجلس البرلماني ولا تترك مطلقة حتي لا يساء استخدامها.

فإن الحصانة البرلمانية معناها باختصار ألا يساء للنائب عما يبديه من أقوال أو اعمال تتعلق بممارسة عمله النيابي ولا تنتقل هذه الحصانة لمعاملات مالية لأنه لا عمل لها في هذه الحالة ومع ذلك فإن النائب الذي يخطئ في ارتكاب جرائم ترفع عنه الحصانة ويقدم للمحاكمة .

Addthis Email Twitter Facebook
 
 
 
 
 
Al Mustagbal Website