Facebook Page Twitter Page Instagram Page You Tube Page Email Apple Application Android Application
 
Al Mustagbal Website
أخبار مصورة
الكعبة المشرّفة في صور
أشكال ملفتة للغيوم فوق مدينة صور اللبنانية
الأنوار القطبية تضيء سماء اسكتلندا
كهوف من الجليد في بحيرة بيكال في سيبيريا
شلالات نياجرا
اروع الصور لامواج البحر
الطائرة الشمسية التي ستجول العالم من دون وقود
من سماء لبنان الجنوبية الغيم يرسم في تشرين لوحات سماوية
حين زينت الثلوج جنوب لبنان
Weather Kuwait
2014-03-01 00:00:00
عدد الزوار: 999
 
مأساة ميانمار..قصة لا تنتهي

وتشعر بأن الإنسانية قد اختفت، وتشعر بأن الأحاسيس لم يعد لها وجود، وكأن البشر دفنوا رحمتهم ومشاعرهم، وكأنهم وضعوا الحجر مكان قلوبهم.

نعم هم أقلية بالعدد لكنهم أكثرية بالقهر والظلم والوجع اليومي الذي يعيشونه بأدق تفاصيله، نعم هم مسلمون وضعفاء ولا حول لهم ولا قوة، لكننا عندما نقف مع الإنسان فذلك شيء لا علاقة له بالدم واللحم ولا بتذاكر الهوية وجوازات السفر.

فمجرد النظر إلى تلك الوجوه المليئة بالحزن والأسى، ومجرد الوقوف لحظة على مشهد من مشاهد المعاناة والجرح اليومي، سينفطر قلبك وينزف دماً.

منذ زمن طويل وهم يقتلون بصمت ويتعذبون بصمت، يعيشون حياة من القهر والظلم، وينتظرون الموت الذي يحل بساحتهم بين لحظة وأخرى، ففي كل يوم أسر تباد وأرواح تزهق وألام تتسع.

نعم هذا ما يحدث في ميانمار البقعة المنسية في كوكب الأرض.

 

ميانمار أو بورما هي من الدول التي يجهل الناس عنها تقريبًا كل شيء، ولا تظهر في الأخبار إلا مع الكوارث، وهي محكومة بمجموعة من الجنرالات منذ ما يقرب من ثلاثين سنة، ومن أكثر دول العالم فقرًا، تقع حالياً في الجنوب الشرقي لقارة آسيا، ويحدُّها من الشمال الصين والهند، ومن الجنوب خليج البنغال والهند وبنغلاديش، ويبلغ عدد سكانها أكثر من 50 مليون نسمة، وتُقدّر نسبة المسلمين بـ15% من مجموع السكان.

وتوجد بها قومية صغيرة، أصلها من بنجلاديش اسمها "الروهينجا" يسكنون في شمال بورما على الحدود مع بنجلاديش في منطقة تسمى "أراكان"، عليها صراع بين الفريقين في ملكيتها، ويزعم القائمون على بورما أنَّ "الروهينجا" نازحون من بنجلاديش، في الوقت الذي تتبرأ منهم بنجلاديش وتقول إنهم بورميون، وهذه هي لبّ المشكلة، بالإضافة إلى أنهم مسلمون.

مأساة المسلمين الروهينجا في ميانمار ليست وليدةَ اليوم أو الأشهر الأخيرة، انما تعود إلى سنوات بعيدة وتحديدًا إلى العام 1982م عندما صدر قانون ينص على أن أي أقلية في البلاد لا تستحق الجنسية الميانمارية إلاَ إذا ثبت أنها كانت موجودة في البلاد قبل عام 1823م، أي قبل الحرب الأنجلو-بورمية الأولى.

وبموجب هذا القانون يُحرم حاليًّا 800 ألف مسلمٍ سنِّي المذهب من الجنسية الميانمارية رغم أن زعماء الروهينجا يؤكدون أنهم عاشُوا في هذه البلاد قبل ذلك التاريخ بكثير (1823م). وتتعامل السلطات البوذية في ميانمار مع الروهينجيين على أنهم مهاجرون غير شرعيين من بنجلاديش المجاورة بذريعة أن اللكنة التي يتحدث بها الروهينجا تشبه لكنة أهالي مدينة شيتاجونج الواقعة في جنوبي شرقي بنجلاديش قرب الحدود مع ميانمار.

ما يحدث مع مسلمو الروهينجا، تقشعر من فظاعته الأبدان؛ حيث يتم ذبحُ المسلمين بالسكاكين في حفلات موت جماعية، وتُحرق جثثهم في محارق أشبه بالمحرقة النازية التي تحدَّث عنها العالَم وما زال، وتُهدم بيوت المسلمين فوق رؤوسهم، وتُغتصب نساؤهم دون أن يحرك العالم الإسلامي ساكناً، وكأنهم وباء لا بد من استأصاله.

بالضافة الى ذلك، تُصادرالحكومة البورمية أراضي المسلمين وقوارب صيد السمك دون سبب واضح، وتفرض الضرائب الباهظة على كل شيء، والغرامات المالية، وتمنع بيع المحاصيل إلا للعسكر أو من يُمثّلُهم بسعر زهيد بهدف إبقاء المسلمين لإبقائهم فقراء، أو لإجبارهم على ترك الديار، كما تمنعهم من شراء الآلات الزراعية الحديثة لتطوير مشاريعهم الزراعية، وتقوم بإلغاء العملات المتداوَلة بين وقت وآخر من دون تعويض، ودون إنذار مسبق، بالضافة الى حرصها على إحراق محاصيل المسلمين الزراعية وقتل مواشيهم، وعدم السماح لهم بالعمل ضمن القطاع الصناعي في (أراكان).

 ومن الناحية الدينية لا تسمح الحكومة بطباعة الكتب الدينية وإصدار المطبوعات الإسلامية إلا بعد إجازتها من الجهات الحكومية وهذا أمر صعب جداً.

وتمنع لبس الزيّ الإسلامي في أماكن العمل، وتصادر الحكومة ممتلكات الأوقاف والمقابر المخصصة لدفن المسلمين وتُوزّعها على غيرهم أو تحوّلها إلى مراحيض عامة أو حظائر للخنازير والمواشي!!

كما يتعرّض كبار رجال الدين للامتهان والضرب ويتم إرغامهم على العمل في معسكرات الاعتقال، ويُمنع استخدام مكبرات الصوت لإطلاق أذان الصلاة، ويُمنع المسلمون من أداء فريضة الحجّ باستثناء قلة من الأفراد الذين تعرفهم الحكومة وترضى عن سلوكهم، وتهدم المساجد اوتحول إلى مراقص وخمّارات ودُور سَكَن او إلى مستودعات وثكنات عسكرية ومنتزّهات عامة، وتقوم بمصادرة الأراضي والعقارات الخاصة بالأوقاف الإسلامية وتوزيعها على الماغ البوذيين.

وفي تقريرها الاخير اوضحت الامم المتحدة ان مسلمو الروهينغا هم الأكثر تعرضاً للظلم في العالم، وصنفتهم من أكثر الأقليات التي تتعرض للظلم في العالم، إذ يعيش أفرادها في قرى ومخيمات محاصرة بحواجز نصبتها الحكومة الميانمارية في مدينة "سيتوي" عاصمة إقليم "أراكان" غرب جمهورية ميانمار.

واشار التقرير الى ان نقاط التفتيش الأمنية المنتشرة حول تلك المخيمات والقرى لا تسمح بخروج المسلمين الروهينغا، إذ يعتبرون في عداد المعتقلين في مناطقهم، وفي حال رغبتهم بمغادرة المخيمات أو القرى يضطرون إلى أخذ إذن من السلطات وهو ما يحملهم أعباءاً مالية كبيرة ويستغرق وقتاً طويلاً.

وفي ظل تلك الظروف لم يبق أمام مسلمي الروهينغا سوى طريق البحر للذهاب إلى ماليزيا أوبنغلادش هرباً من جحيم العنف، إلاَ أن المئات منهم لم يستطيعوا الوصول إلى غاياتهم ولقوا حتفهم غرقاً في البحر. ومع ذلك، فلا يزال أعداد كبيرة منهم تحاول الهروب من الظلم الذي يتعرضون له.

أمّا قوات الشرطة فتكتفي بمراقبة مسلمي الروهينغا في المدينة، إذ يبدأ كل يوم في الساعة الثامنة مساءاً بالتوقيت المحلي لماينمار حظر للتجول، ولا يسمح بالخروج بتاتاً من المخيمات المحاطة بالأسلاك الشائكة.

كما لا يزال البعض من مسلمي الروهينغا يعيشون في مخيمات مصنوعة من أكياس الأرز الفارغة رغم مرور عامين لهم فيها. حيث تنقسم المخيمات إلى نوعين: الأول للنازحين المسجلين، والثاني لغير المسجلين، فالمخيمات المسجلة مصنوعة من الأخشاب وتُقدم لها المساعدات الغذائية، أما القاطنون في المخيمات غير المسجلة فيستطيعون البقاء على قيد الحياة بفضل سخاء بعض المسلمين الروهينغيين القاطنين في أماكن أخرى.

يعجز القلم عن وصف المذابح والمجازر والإبادة الجماعية فمهما أصور، فحال الانسان في بورما أشد وأبشع مما أصور، فصورهم تتقطع لها القلوب وتبكي لها العيون.

فليتنا نستطيع توصيل هذه المعاناة إلى أذانٍ صاغية لتحرك ساكناً، لكن حدَث ولا حرج من قتل وتشريد وتعذيب وإحراق، ومن انتهاك الحرمات وسلب أموال ومن مذابح لم يسلم منها الشيخ الكبير ولا الطفل الصغير ولا العجائز ولا النساء.

حدَث ولا حرج من حصد الرقاب وقطع الأعناق، ومن الدماء التي سقت وأغرقت الشوارع، ومن جثث بالمئات لمسلمي بورما تلقى كل يوم على قارعة الطرق في أراكان.

نكتفي بقوله تعالى: "لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ"

فعذراً مسلمي بورما، عذراً مسلمي الروهينجا، عذراً لأن الانسانية لا وجود لها في يومنا هذا.


اعداد: عُلا الكجك

Addthis Email Twitter Facebook
 
 
 
 
 
Al Mustagbal Website