عبير النحاس- على احد البقاع التركية، وتحديدا في قرية «وان» ما زالت آثار يد الخير الكويتية شاهدة على انسانية بلد لم يُصدّر للعالم الا مبادراته الخيرية.
فهذه المدينة التركية التي نُكبت بزلزال 2011 تحتضن اليوم قرية «قائد الانسانية»، التي تم تنفيذها بدعم كريم من حكومة الكويت وبالتعاون مع مؤسسة الإغاثة الإنسانية التركية.
والمشروع الذي تم تنفيذه على مرحلتين، تضمن في المرحلة الأولى إنشاء بيوت جاهزة بهدف إيواء المتضررين، فيما المرحلة الثانية من المشروع كانت عبارة عن أربع عمارات تضم 64 وحدة سكنية أخرى تم تسليمها الى عائلة الأيتام التي تضررت.
وكان الزلزال اسفر عن مقتل 601 شخص وإصابة اكثر من 4 الاف اخرين وتدمير 2622 منزل ومحل تجاري وتخريب الآلاف منها مخلفا ثغرا عميقا في المجالات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية في المدينة والمنطقة.
ولم تكن الكويت قادرة على اقامة هذه المشاريع الانسانية في تركيا لو لم تكن العلاقة بين البلدين قائمة على مبدأ الاحترام والمحبة، لكن هذه المشاريع اعطت اندفاعة قوية للعلاقات الكويتية التركية.
رئيس مؤسسة الإغاثة الإنسانية التركية «بولند يلدريم» تحدث لـ»المستقبل» عن اعمال الكويت الخيرية في تركيا لا سيما دعم النازحين السوريين هناك موجها شكره لاميرها وشعبها على هذا الدعم منذ بداية الازمة.
يلدريم لـ»المستقبل»: الامير يستحق لقب قائد العمل الانساني
ولفت الى ان الكويت كانت دائما السباقة في فعل الخير وكانت بيت المحتاجين ووجهة لهم حيث احتضنت الكويت مؤتمر المانحين للشعب السوري منذ انطلاقته حين لم يكن عدد المحتاجين السوريين تجاوز العدة الاف.
يلدريم أكد في حديثه لـ»المستقبل» ان الكويت واميرها يستحقون لقب قائد العمل الانساني نظرا للمساعدة التي يقدمونها للمحتاجين في كافة الارض من سوريا الى افريقيا وآسيا.
ومن المنظار التركي فإن الكويت تمتاز بسياسة مستقلة اذ انها لا تتدخل في العديد من المشاكل الموجودة في الشرق الأوسط أو القضايا السياسية كما ان العمل الانساني جعلها أكثر قوة وتأثيرا في محيطها العربي والدولي.
تعاون تركي كويتي انساني
أما التعاون بين تركيا والكويت على مستوى المنظمات الانسانية كما يقول يلدريم «فيُعتبر من أفضل الشراكات التي قمنا بها حول العالم فقد نفذنا مشاريع للمحتاجين السوريين بملايين الدينارات الكويتية شملت هذه المشاريع مشاريع الايواء من مخيمات وبيوت مسبقة الصنع وتم تنفيذ اول مشروع في العالم لمخيم من طابقين من بيوت مسبقة الصنع. وفي مجال الغذاء قدمنا الاف الاطنان من المساعدات الغذائية العاجلة وفي المجال التعليمي قمنا باصلاح المدارس التي تضررت من الحرب واعدنا تاهيلها بالاضافة الى بناء مدارس من كونتينرات اما في المجال الصحي فقدمنا الادوية للمستشفيات الميدانية والنقاط الطبية ودواء للمعالجة من الهجمات الكيميائية».
وللاشارة فإن التعاون التركي الكويتي لا يقتصر على المجال الانساني، اذ انه وفي المجال الاستثماري تعد الكويت من أكبر المستثمرين في تركيا بمجالات اقتصادية عديدة. وبحسب الأرقام تزيد استثمارات الهيئة العامة للاستثمار الكويتية فى تركيا عن 56ر1 مليار دولار -بحسب أرقام وزارة الاقتصاد التركية- تتوزع فى مجال العقارات، ومراكز التسوق، والقطاع المصرفى، والاستثمار فى البورصة التركية، ومجالات النقل الجوي.
ويبلغ عدد الشركات الكويتية المستثمرة في تركيا 190 شركة كويتية من القطاع الخاص الكويتي، فيما بلغ حجم الاستثمارات الكويتية في تركيا عام 2014 قرابة 234 مليون دولار مقابل مليوني دولار حجم الاستثمار التركي في الكويت
قرية انجي بنار لاستضافة الاف اللاجئين
وتحدث يلدريم عن وجود العديد من المشاريع الجاري تنفيذها الان واهمها مشروع انشاء قرية انجي بنار-بمدينة كليس- غازأنتب للاجئين السوريين حيث سيستفيد منه 6.500 شخص حيث يتكون المشروع من 500 بيوت مسبقة الصنع كل كونتينر من طابقي.
وكان محافظ مدينة وان «ايدين دوغان» أشاد في تصريح سابق له «بدور الكويت في المشاريع الإنسانية في تركيا» مؤكدا أنها دائما في طليعة الدول التي تلبي نداء الإغاثة.
وأثنى على جهود صاحب السمو الامير في رفع الضرر عن مواطني وان، مهنئا سموه بمناسبة منحه لقب «قائد للعمل الانساني» والكويت لتسميتها «مركزا للعمل الانساني» من قبل منظمة الأمم المتحدة.
غوفال يهنئ سمو الامير
أما مدير القسم العربي في وكالة الأناضول «أورهان غوفال» فهنأ عبر المستقبل صاحب السمو الشيخ/ صباح الأحمد الجابر الصباح بمناسبة حلول ذكرى نيل سموه لقب «قائد الإنسانية» داعيا الله عز وجل أن تهل هذه المناسبة على جلالته بموفور الصحة والسعادة، وأن يبارك جهوده وجهود جامعة الدول العربية من أجل الوصول إلى مبادرة للوصول إلى حل دائم لقضية اللاجئين السوريين التي وصلت إلى حد لا يمكن السكوت عليه.
2100 منزل للاجئين بتبرعات كويتية
لم تقتصر الجهود الإنسانية للبلد الذي لقب بالمركز الإنساني على متضرري الزلزال من الشعب التركي بل كانت لها أياديها البيضاء على الشعوب التي لجأت إلى بلاد الأناضول هربا من ويلات الحروب في بلادها فكانت يدا بيد مع إخوة العقيدة الترك في دعمهم لللاجئين السوريين في كثير من مناحي ومجالات الإغاثة وتجلى هذا الدعم في أرقى معانيه في « القرية الكويتية» التي تقبع في سهول «غازي عنتاب» لتحتضن من انهكتهم الحرب وتمدهم بما يحتاجونه من الراحة والأمان.
و قد ذكر المسؤولون الأتراك أن هناك 2100 منزل جديد في المخيم تم الانتهاء من إنشائها بتبرعات مباشرة من اللجنة الكويتية العليا للإغاثة والتي ستحوي أكثر من 15 ألف لاجئ سوري، مؤكدين أن الكويت منذ بداية الأزمة السورية كانت سباقة في مساعدة ودعم اللاجئين السوريين في جميع مخيماتهم في تركيا وغيرها من الدول المحيطة بسورية.
ويضم المخيم إضافة إلى منازل اللاجئين مستوصفا صحيا ومدارس إعدادية وروضة أطفال وسوبر ماركت.
الناطق الرسمي لإتحاد منظمات المجتمع المدني السوري في اسطنبول «رامي الشيخ» وفي حديثه لـ»المستقبل» ثمن عالياً الدور البارز للشعب الكويتي الشقيق الذي استشعر جسامة المصاب والألم الذي نزل بالشعب السوري ربما لأنه ذاق من ظلم وبطش وغدر حاكم البعث سابقاً وديكتاتوره الهالك والذي لا يقل إجراماً عن سفاح الشام الحالي كما يقول، الذي شرد الملايين وقتل مئات الالاف ويتّم ورمّل أضعافهم في أكبر مأساة بشرية إنسانية في القرن الواحد والعشرين.
كما ثمّن عالياً «أولياء أخوتنا في الدم والدين والإنسانية وخصوصاً الأمير صباح الأحمد جابر مبارك الصباح لما له من دور بارز بشكل خاص وللمنظمات الخيرية الكويتية بشكل عام في تخفيف معاناة شعبنا المكلوم».
|