الرباط – أحمد برطيع: يعتبر الرجل الثاني في جماعة العدل والإحسان" الاسلامية المحظورة، من حيث حضوره السياسي والإعلامي، وإن كان الثالث في هرميتها، التي يرأسها مرشدها العام القليل الظهور محمد العبادي، يليه فتح الله ارسلان العقل المدبر للتنظيم الإسلامي المحظور، وحسن بناجح، عضو الأمانة العامة للدائرة السياسية لجماعة العدل والإحسان، الرجل الذي يجيد الصمت، وإذا تكلم أوجع، معروف بهدوئه اليقظ ودهائه السياسي، وتصريحاته النارية.
"المستقبل" أخرجته عن صمته، في حواره معنا، فصوّب قذائفه ناحية رئيس الحكومة، وانتقد الانتخابات، وتحدث عن حضور الجماعة في الشارع، وعن خلافها مع القصر، وغيرها من القضايا الساخنة في الساحة السياسية المغربية.
ملف العدل والاحسان اكبر من الحكومة
هل ستطرق الجماعة باب رئيس الحكومة عبد الإله بن كيران؟ سؤال اجاب عنه حسن بناجح بأن المسألة حسمها السيد بنكيران بنفسه عندما قال بأنه ليس هو الباب، وقال أيضا أن ملف العدل والإحسان هو من المسائل الكبرى للدولة التي لا تدخل في اختصاصه. وهذا من جانب فيه وصف حقيقي للواقع كنا نقوله دائما ويزكيه ويؤكده الدستور، وممارسة الدولة المغربية طوال الفترة السابقة وأيضا خلال فترة حكم عبد الإله بن كيران، أن الحكومة لا تحكم وأن الحكم في يد الملك ومحيطه، ورئيس الحكومة وحكومته، كما سبق لبنكيران أن قال في محطات متعددة، أنه مجرد معاون للملك، مما يفقد العملية الانتخابية جدواها أصلا، لأن العملية الانتخابية وضعت في الديمقراطيات لتفرز من يحكم، ويترتب على مسؤوليات هذا الذي يحكم مساءلة ومتابعة، في حين أن الذي يحكم في المغرب لا تفرزه صناديق الاقتراع، ولا تقرن مسؤوليته وتدبيره سواء للسلطة أو للثروة بالمحاسبة.
حسن بناجح اضاف "من هذه الناحية فعبد الإله بنكيران أقر الواقع الذي يعرفه الجميع، لكن من جانب آخر هذا لا يعفيه بتاتا من مسؤوليته اتجاه ملف جماعة العدل والإحسان، وفي تناقض صارخ يقدم نفسه على أنه صاحب سلطة وقرار في حين أنه لا يستطيع أن يمد يده لهذا الملف، وهذا واقع ومفهوم، لكن هو لا يقف عند هذا الحد بل إنه من خلال الحكومة يشكل أداة لممارسة القمع على جماعة العدل والإحسان، حتى وإن كان الذي يصدر قرارات القمع هي الجهات المعروفة وهي التي قال عنها أنها تباشر الملفات الأساسية في المسائل الكبرى للدولة، لكنه أداة لممارسة القمع وتبريره، كما حدث في حواره الأخير، حيث قال: إن الدولة لا تتعرض بشيء لجماعة العدل والإحسان، وهذا مخالف للواقع".
وعليه، فنحن واعون بأن هذا الملف أكبر منه ومن الحكومة، وإن كان ذلك لا يعفيه من مسؤولية ممارسة القمع على الجماعة، ويبقى هذا الملف، ملف الجماعة وكل ما عنونه بنكيران بالمسائل الكبرى للدولة التي ليست تحت سلطته، يبقى كل ذلك، دليلا قاطعا على أن دوره لا يتجاوز ممارسة وظائف وأدوار ثانوية لا ترقى إلى مستوى أن تبذر كل هذه الأموال والأوقات من أجل انتخابات تفرز من يدبر ملفات صغرى.
الجماعة ليست في مرحلة انكماش
حسن بناجح يقول جماعة العدل والإحسان موجودة بقوة في الشارع المغربي وتساهم في بناء مغرب الحرية والعزة والكرامة بهدوء وسلمية رغم ظروف التضييق وقمع الحريات التي يمارسها نظام المغرب.
وينفي المسؤول في الجماعة الحديث عن دخول جماعته في مرحلة الانتظار الطويلة، مشيرا الى ان "الجماعة في كل مناسبة تثبت أنها فاعل قوي ومؤثر ومحرك للمشهد السياسي والتغييري في المغرب، وأي حديث عن انكماش أو تراجع يجانب الصواب ويعبر عن أمنية من الخصوم والمناوئين الذين يضايقهم ما تحققه الجماعة من نجاحات وتوسع في مجموعة من المجالات".
رفض العنف
وعما اذا كانت الجماعة تقوم بمراجعات نقدية لتجربتها على غرار الحركات الإسلامية في العالم العربي، اجاب بناجح بأن النقد الذاتي هو أحد الركائز التي يقوم عليها تصور الجماعة وفكرها ونهجها "فمن مبادئنا النصيحة والشورى، وبالتالي، فمراجعة المواقف والتكتيكات والقراءات هي عملية ملازمة لعملنا، غير انه يمكنني القول أنه بحمد الله أن الجماعة حسمت عند تأسيسها في كثير من القضايا التي تسببت في مشاكل للعديد من أبناء التيار الإسلامي، لعل من أهمها: رفض العدل والإحسان للعنف بكل أشكاله المادية والمعنوية، ودعوتها إلى السلمية في التغيير ورفضها للسرية وللارتهان للخارج، وأيضا، قبولها بالديمقراطية ورفضها للحزب الوحيد ولكافة أشكال الإقصاء والوصاية على الناس. لهذا فمراجعات بعض التيارات الإسلامية بالنسبة إلينا شكلت البداية، أما فيما يتعلق بمواقفنا الرافضة للاستبداد السياسي والفساد الاقتصادي والإداري ودعوتنا لمحاربته وعدم التعايش معه فالواقع يثبت كل يوم أن اختياراتنا صائبة".
تغييرات في مواقع المسؤولية
ويتناول بناجح الحقبة التي تلت رحيل مرشد العدل والإحسان ومؤسسها الأستاذ عبد السلام ياسين فاشار الى ان رحيله لا شك هو خسارة كبرى للجماعة وللحركة الإسلامية عموما، لافتا الى ان الفقيد كان رحمه الله الوالد المربي والقلب الرحيم والعقل الحكيم. وقال ان "من فضل هذا الرجل العظيم على الجماعة أنها استمرت بمؤسساتها ورجالها الذين تربوا في كنفه ومعه وفية لمنهاج الجماعة واختياراتها، بالطبع وقعت بعد رحيله عدد من التغييرات في مواقع المسؤولية وفي بعض الهياكل وتطورات طبيعية في برامج الجماعة بما يتناسب مع توسعها ومستجدات الواقع لأنها جماعة حية متفاعلة مع واقعها وزاخرة بالطاقات المتنوعة".
|