واشنطن- محمد الريس: في ختام القمة الأمريكية السعودية في البيت الأبيض وصف وزير الخارجية السعودي عادل الجبير اللقاء بأنه كان إيجابيا ومثمرا ومؤشرا على عمق العلاقات بين الدولتين.
القمة التي جمعت بين خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز والرئيس أوباما ناقشت ملفات عديدة على رأسها المخاوف السعودية من الاتفاق النووي مع إيران واحتمال استخدامها للأموال المجمدة بعد رفع العقوبات في زيادة نشاطاتها المزعزعة للاستقرار في المنطقة، وسبل إنهاء الصراع في كل من سوريا واليمن، والحملة ضد تنظيم داعش في نطاق التعاون في مكافحة الإرهاب، والوضع في العراق، بالإضافة إلى تعزيز التعاون الأمني مع دول مجلس التعاون الخليجي.
فكيف يقيّم الخبير في شؤون العلاقات الأمريكية السعودية، البروفيسور جريجوري جوز رئيس قسم العلاقات الدولية بجامعة تكساس إيه آند إم، نتائج هذه القمة. الاجابة يختصرها في حديثه لـ"المستقبل" بأنها "اتفاق حول الأهداف واختلاف حول طريقة تحقيقها".
اختلاف في وجهات النظر
البروفيسور جوز وفي حديثه لـ"المستقبل" دعا الى ضرورة التمييز بين عمق العلاقات السعودية الأمريكية وبين مواطن الخلاف بين الطرفين إزاء العديد من القضايا وليس هذا جديدا "فعلى مسار تاريخ تلك العلاقات كانت هناك دائما اختلافات في وجهات نظر الرياض وواشنطن، ولكن هذا التاريخ يسجل أيضاً أن الطرفين يتفقان كثيراً في الأهداف العامة ويختلفان في طريقة تحقيقها".
وبحسب البروفيسور جوز، فإن العاهل السعودي، وإن أبدى قلقه من الاتفاق النووي مع إيران، فإنه كان أكثر اهتماماً بما الذي يمكن أن تفعله واشنطن للتصدي للنشاطات الإيرانية المزعزعة للاستقرار في الشرق الأوسط. ومع أن الولايات المتحدة تتفق مع خادم الحرمين على ضرورة مواجهة هذه النشاطات، فإن واقع الحال يظهر أن فاقد الشيء لا يعطيه، فالرئيس أوباما نفسه أقر بأنه هو شخصياً ليس مطمئناً بأن إيران ستتوقف عن التدخل في الشئون العربية سواء من خلال دعم الأسد أو تمويل وتسليح حزب الله أو الزج بالحوثيين للسيطرة على اليمن، وحتى عندما أعرب خادم الحرمين الشريفين عن قلق بلاده من احتمال استخدام إيران للأموال التي سيفرج عنها بعد رفع العقوبات في تمويل تلك النشالطات المزعزعة لاستقرار المنطقة، خرج نائب مستشار أوباما لشئون الأمن القومي بن رودوس ليهدئ مخاوف الضيف السعودي بالقول "نعتقد أن الضغوط المالية والاقتصادية ستجبر إيران على استخدام ما يصل إل 56 مليار دولار أمريكي ستجنيها من رفع العقوبات في تحسين الاقتصاد والوفاء بوعود الرئيس الإيراني بتحسين مستوى معيشة الشعب".
وهكذا فإن كل ما استطاعت إدارة أوباما تقديمه لتهدئة المخاوف السعودية هو إطلاع المسئولين السعوديين على تفاصيل بنود التفتيش والتعهد بالعمل مع المملكة على مجابهة النشاطات الإيرانية المزعزعة للاستقرار وهو ما دفع وزير الخارجية السعودي عادل الجبير إلى القول، "نأمل أن يستخدم الإيرانيون أي دخل إضافي من رفع العقوبات في تمويل تنمية بلادهم بدلا من التدخل في الشئون العربية".
اختلاف حول تحقيق الأهداف في سوريا واليمن
البروفيسور جوز يؤكد في حديثه لـ"المستقبل"، أن الرياض وواشنطن تتفقان حول ضرورة إنهاء الحرب الأهلية في سوريا، ولكنهما يختلفان في كيفية الوصول إلى ذلك الهدف، فبينما تريد إدارة أوباما إنتقالاً سياسياً يستند إلى مبادئ مؤتمر جنيف الأول والتي لم تشترط بشكل واضح رحيل الأسد، تصر الرياض على أن الأسد لا يمكن أن يكون جزءاً من الحل، لذلك لا يتوقع البروفيسور جوز أي تعاون أمريكي سعودي في الحل السياسي إلا إذا طرحت الأمم المتحدة مبادرة دبلوماسية جديدة وجرى نوع من التفاهم بين الرياض وواشنطن على حل وسط قد يفضي في نهاية المطاف إلى رحيل الأسد دون أن يكون ذلك شرطاً مسبقاً.
أما بخصوص الوضع في اليمن، فلفت البروفيسور جوز الى تناقض المواقف بين الطرفين رغم صدور بيان مشترك اكد الحاجة لإنهاء الأزمة في اليمن وتشكيل حكومة قادرة وممثلة للقوى السياسية في اليمن" مشيرا الى انه ظهر الإصرار السعودي على مواصلة الحملة العسكرية حتى يرضخ الحوثيون مع الاستعداد لتقديم المساعدات الإنسانية، بينما ركز الطرف الأمريكي على ضرورة إنهاء المعاناة الإنسانية للشعب اليمني، ويظهر هذا أيضاً أن البلدين وإن اتفقا على ضرورة تنفيذ قرار مجلس الأمن، إلا أنهما مختلفان حول كيفية التوصل إلى حل سياسي".
لا اتفاق حول الملف العراقي
وبخصوص الجانب المتعلق بالعراق يقول البروفيسور جريجوري جوز أن المواقف خلال القمة اتسمت بالمجاملة الدبلوماسية، "فبينما لم يخف الملك سلمان قلق بلاده من النفوذ الإيراني المتزايد في العراق من خلال اعتماد بغداد على قادة عسكريين إيرانيين في توجيه مليشيات شيعية تقاتل تنظيم داعش، أسفرت القمة حسب تصريحات وزير الخارجية السعودي عن الإعراب عن الأمل في أن تسهم الإصلاحات السياسية التي يقوم بها رئيس الوزراء العراقي في تعزيز الوحدة الوطنية وتوسيع نطاق المشاركة السياسية دون التطرق لمسألة النفوذ الإيراني في العراق". البروفيسور جوز يفسر هذا الامر بقوله "يبدو أن أوباما اعتمد في القمة على تشجيع الرياض على زيادة دعمها ومساندتها للحكومة العراقية وزيادة التواصل السعودي معها كوسيلة عملية لتقليص النفوذ الإيراني في العراق".
|