عبير النحاس- 2000 يورو كانوا الثمن الذي دفعه "عبد الله شنو" والد الطفل "إيلان" ثمن موت اطفاله وزوجته. وعلى قارب صيد صغير بدأت رحلة الموت لتنتهي في عمق البحر، ويعود من حيث اتى حاملا جثث عائلته. عبدالله وككل السوريين، لم يجد طريقة للهروب بأطفاله من جحيم الحرب والحاجة سوى أن يركب معهم في هذا القارب للوصول الى اوروبا بطريقة غير شرعية بعد ان رفضت كندا طلب هجرته في حزيران الماضي.
اخبر عبد الله وكالة دوغان التركية عن كيفية انزلاق ولديه من بين يديه عندما انقلب القارب الذي كان يقلهم من شاطئ بودروم إلى إحدى الجزر اليونانية"، مضيفا :"كنا نملك سترا للنجاة ولكن القارب انقلب فجأة لأن بعض الناس نهضوا بشكل مفاجئ".
ونقلت صحيفة ناشيونال بوست الكندية عن تيماء أخت "عبد الله" والمقيمة في مدينة فانكوفر كندا: "كنت أحاول التكفل بهم ولدي أصدقاء وجيران ساعدوني في أرصدة البنوك لكننا لم نستطع إخراجهم من ضائقتهم ولذا ركبوا القارب مشيرة الى انها كانت تدفع لهم ايجار مسكنهم في تركيا.
صورة الطفل "إيلان" والتي أثارت موجة من الغضب العالمي دفعت الرئيس التركي أردوغان الى اتهامه الدول الأوروبية الخميس الماضي بأنها حوّلت البحر المتوسط، مهد الحضارات القديمة, إلى مقبرة للمهاجرين".
ويقول مراقبون اتراك ان الدول الاوروبية تخلت عن شعاراتها في حقوق الإنسان وواجباتها تجاه اللاجئين السوريين وتركت تركيا تتحمل العبء الأكبر والذي شمل وجود أكثر من مليوني لاجئ على أراضيها بعد سياسة الباب المفتوح التي اتبعتها نظرا لظروف الحرب التي جعلت اللاجئين يفرون من بلادهم.
بدوره داوود أوغلوا رئيس الوزراء التركي قدم تعازيه لوالد الطفل أيلان في إتصال هاتفي بينما كان "عبد الله" في المطار برفقة عدد من النواب الأتراك متوجها إلى كوباني مسقط رأسه لدفن جثامين زوجته وولديه.
ونقلت الجثامين الثلاثة، الجمعة، إلى معبر مرشد بينار، بقضاء سوروج بولاية أورفا، ومن ثم إلى مدينة عين العرب "كوباني"، تمهيدا لدفنهم فيها.
واستقبل الجثامين، التي نُقلت إلى الولاية عبر طائرة، نواب ومسؤولين من أحزاب تركية مختلفة، إلى جانب مسؤول كردي من مدينة عين العرب.
غوفانتش لـ"المستقبل": قوانين الاتحاد تلزم بإنقاذ حياة اللاجئين
وفي تعليقه على الحادثة تحدث "مصطفى غوفانتش" المحلل السياسي التركي لـ"المستقبل" فأشار الى ان ثقافة الأناضول منذ القدم هي الوقوف إلى جانب الضعفاء والدفاع عن المظلومين وحماية المضطهدين معتبرا أن الموقف التركي الداعم للاجئين السوريين يعبر عن ثقافة وإرث تاريخي في بلاد الأناضول.
واذ اشار الى ان تركيا تحتضن اليوم ليس فقط السوريين بل اللاجئين من اليمن وفلسطين والإيغور ومصر اتهم الدول الاوروبية بأنها تأخذ بعين الاعتبار البعد العرقي وليس الإنساني في تعاملها مع أزمة اللاجئين حيث تعتبر هذه الدول استضافة اللاجئين تهديدا للمسيحية في أوروبا.
وأكد ان السفن التابعة للاتحاد الأوروبي تشاهد سفن اللاجئين وهي تغرق في عرض البحر الأبيض المتوسط وتتركهم يموتون مع أن قوانين الاتحاد الأوروبي تلزم دول الاتحاد بإنقاذ حياة اللاجئين ولكن هذه القوانين لا يتم تطبيقها إلا على اللاجئين الذين ينحدرون من الدول الغربية. الدول الأوربية يعاملون الشعوب الأخرى كما يعاملون الحيوانات".
يشيد غوفانتش بموقف الحكومة التركية وتعاملها الإنساني مع أزمة اللاجئين معتبرا انها تقدم تركيا من خلاله درسا للإنسانية.
|