احمد الحافظ- الكويت باتت عنوانا للانسانية للخير وللعطاء. فلا غرابة ان يقع الاختيار العالمي عليها لتسميتها كمركز انساني عالمي وتكريم صاحب السمو امير البلاد الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح قائد للعمل الانساني العالمي وذلك بتاريخ 9 سبتمبر من العام الماضي. اختيار ما زال يفخر به جميع الكويتيين والمقيمين وكل من يعيش على ارض الكويت بحسب ما يؤكد مدير العلاقات العامة بجمعية العون المباشر عبدالرحمن الشطي في تصريح لـ"المستقبل". مياه السبيل للمارة الشطي وفي حديثه لـ"المستقبل" اكد ان اختيار الكويت وسمو الامير على هذه الالقاب امر غير مستغرب "اذ ان الكويت منذ نشأتها، جُبل جميع اهلها على عمل الخير والانسانية، ولعل ابسط الامثلة هو قيام العوائل الكويتية القديمة بتوفير ماء سبيل للماره، والى اليوم ما زالت اثار مشاريع مياه السبيل موجوده في المناطق التراثية بالبلاد، واذا ما نظرنا الى بيوت الكويتيين في وقتنا الحاضر فاننا نجد معظم البيوت وضعت ايضا برادات مياه للمحتاجين امام منازلهم، وذلك حتى يرتوي منها العاملين في الطرق او المارة، وهذا مثال يبيّن بان الكويت ايضا على المستوى الشعبي فُطرت على العمل الخيري". واذ اعرب عن فخره بهذا الاختيار من الامم المتحدة وجه اسمى ايات التحية والتبريكات لمقام صاحب السمو بمناسبة الذكرى الاولى لاختياره قائدا للانسانية واختيار الكويت مركزا للعمل الانساني. ولا يخفى على المتابعين ادوار سمو الامير في العطاء، ويكفي اقامته لمؤتمرات دولية لجمع التبرعات لصالح اللاجئين السوريين والمساعدات للشعب اليمني، وكان للكويت بصمة حكومية وشعبية في اغاثة المنكوبين من الكوارث والحروب. يقول الشطي ان "مبادرات حضرة صاحب السمو هي تتويج لمبادرات الشعب الكويتي"، مشيرا الى ان التعاون متبادل بينهما "وهذا ما يؤكد ان العمل الانساني جزء من تكوين الشعب الكويتي وحكامه"، مستذكرا الحكام السابقين ودورهم في عمل الخير مثل الامير الراحل الشيخ جابر الاحمد وكل من سبقه فله ايادي بيضاء. مبادرات الكويت التي طالت جميع انحاء العالم، كان لافريقيا حصة منها. جمعية العون المباشر حملت على عاتقها مسؤولية العمل الانساني على الرغم من صعوبة البيئات التي يمكن توصيل المساعدات الى المحتاجين فيها. يقول الشطي انه بدأ بالعمل الاغاثي من اول الثمانينات وكانت البداية مع لجنة مسلمي مالاوي في عام 1981 م، و ثم توسع العمل الخيري الى عدة دول افريقية واصبح اسمها لجنة مسلمي افريقيا، حيث غلب عليها المساعدات الاغاثية مثل حفر الابار واغاثة المنكوبين، علما بان افريقيا مرت بما يعرف بمجاعة القرن الافريقي انذاك". وفي مجاعة الصومال التي حدثت قبل سنوات قليلة وقفت الكويت موقفا مشرّفا في اغاثة الناس هناك. الشطي يصف تلك الوقفة بانها "فزعة" كبيرة جدا ، وكانت مبادرة من صاحب السمو بان يتم انشاء جسر جوي و امداد بحري لاغاثة الشعب الصومالي. وتطرق الشطي الى كارثة السودان بعد ان ضربتها السيول فخلفت وراءها عشرات الالاف من اللاجئين، لتبادر الكويت الى تقديم المعونات العاجلة لهم، وتم الاشراف عليها حكوميا وشعبيا، وتم توصيل التقارير للجهات المعنية، "ولعل هذا جزء من الصورة التي رسمتها الكويت في العمل الانساني في القارة السمراء". في الاونة الاخيرة عملت الكويت على إغاثة دولة افريقيا الوسطى الذين لجأ سكانها الى دولة تشاد وكانت اول دفعة لاجئين قدرت بسبعين الف لاجئ، وهو رقم مهول وكبير جدا، وسط حدوث جرائم بشعة ومآسي كثيرة في حق المسلمين هناك. بادرت جمعية العون بصورة سريعة في مد يد العون لهم وانتشالهم من ازمة تاريخية، كاول جهة كويتية بادرت الى نصرتهم، واستمرت لفترة طويلة كجهة وحيدة ثم لحقها بقية الجمعيات. وصلت مساعدات الجمعية الى 120 الف لاجئ هناك وتم صرف اكثر من نصف مليون دينار كويتي خلال الفترة السابقة على تلك المساعدة. الشطي لفت الى الازمة ما زالت مستمرة وبحاجة لمزيد من الدعم والتركيز لا سيما وان العملية اصبحت استيطانية في دولة اخرى وهي تشاد، حيث يتم بناء مساكن مؤقتة ومدارس ومستشفيات وشبكات الصرف الصحي والامن ، كما يحدث مع الاخوة السوريين وهم ينزحون الى لبنان والاردن وتركيا. مفهوم الاغاثة الجديد الشطي طرح مفهوم الاغاثة الجديد عبر المستقبل شارحا بانه "امتد من الجانب الاغاثة العاجلة والمباشرة بسبب الكوارث، الى الجانب التنموي لانه من خلال تجربة الجمعية والمرحوم الدكتور عبدالرحمن السميط خلال ثلاثين عاما السابقة، تبين بان مربع الطوارئ اساسي ولا يزال موجودا، ولكن المفهوم التنموي استحدث مؤخرا في اطار تطوير العمل الانساني". واكد الشطي ان المفهوم التنموي للعمل الخيري يصل الان الى 33 دولة افريقية بكل انواع المشاريع ، حيث تقوم استراتيجية جمعية العون المباشر على ثلاث ركائز اساسية وهي محاربة الجهل والفقر والمرض، ففي محاربة الجهل هناك استراتيجية في التعليم، وفي محاربة الفقر هناك مشروع تنموي اعتمادا على مبدأ اعطه فأسا ليحتطب، من خلال توفير فرص عمل للشباب الافريقي، اضافة الى المنح التعليمية الجامعية، واخيرا محاربة المرض بالمشاريع الطبية مثل معالجة ربع مليون مصاب بالمياه البيضاء في العيون وعلاج حالات العمى ونطمع لمعالجة مليون حالة، لافتا الى ان هذا المثلث "الفقر والمرض والجهل " مثلث الموت في افريقيا، والجمعية تحارب هذا المثلث باقصى طاقاتها المحترفة. مشاريع آبار المياه وتحدث الشطي عن مشاريع ابار المياه التي ترتبط باستراتيجيتين في وقت واحد، فهي تحارب الفقر والجهل اولا، حيث تبين ان الاطفال يقضون معظم وقتهم بالساعات والايام في جلب المياه حتى ينقطع عن المدرسة وبالتالي ينقطعون عن الفرص الوظيفية. وتحدث الشطي عن مشروع ينابيع الحياة حيث يتم بناء عدد 100 بئر ارتوازي في النيجر بشكبات توصيل مياه يخدم اكثر من نصف مليون مستفيد ، وكذلك احتفلنا في سبتمبر الماضي قبل عام من الان بافتتاح جامعة الامة وهي ذات خمس تخصصات وكليات وتتوسع الى 7 تخصصات وكلفته 4 ملايين دينار والمرحلة الثانية ستكلف ايضا نفس القيمة لتطويرها وهذا كله بتكاتف وجهود من الكويتيين وخليجيين حكومات وشعوب لدعم القارة الافريقية. امتنان الافريقيين للكويتيين تمنة الشطي لو يستطيع بعض المتبرعين الذهاب الى افريقيا حتى يشاهدون مشاعر الفرح عند استلام صندوق التبرع وما به من مواد غذائية او طبية او من يكون ابنه محروم من التعليم ويحصل على منحة دراسية من جمعية العون المباشر التي تكفله من الابتدائية وحتى الثانوية! قصة زينب وروى الشطي قصة مثيرة لـ"المستقبل" عن الطفلة زينب التي انتشرت صورتها التي التقطت في مجاعة كينيا وهي بين الحياة والموت بين ايادي المرحوم الداعية عبدالرحمن السميط، حيث تم معالجتها واعطائها الغذاء والدواء اضافة الى منحة دراسية، حيث تمكنت من النجاة وبعد ذلك تفوقت دراسيا، لتصبح الطالبة الافضل في جميع مدارس كينيا، وبعد ان تخرجت من الثانوية، دخلت الجامعة في كلية الطب بتبرع من اهل الخير، واصبحت طبيبة، واليوم هي مستشارة وزير الصحة في كينيا ومرشحة لتكون وزيرة الصحة في كينيا، ومثل زينب هناك مئات من القصص حيث نجد رؤساء دول تمت كفالتهم من المساعدات الكويتية في صغرهم. الشطي ذكر بان هناك امتنان كبير للكويت حيث هناك قرية افريقية تم تسميتها الكويت ، والان كلية التربية في الزنجبار اطلق عليها اسم الداعية عبدالرحمن السميط، لفت بانه وفي احد مشاريع الافطار قام احد كبار السن بموقف مؤثر حيث اوقف السكان عن تناول الطعام والقاء كلمة شكر وعرفان للكويت الذي جاء اهلها من اقاصي الكرة الارضية واستشعروا احزاننا ، و ابكى هذه الكلمة الحضور في موقف انساني كبير. الشطي استذكر ايضا قصة انسانية كان وراءها الامير الراحل الشيخ جابر الاحمد رحمه الله. فبينما كان المرحوم عبدالرحمن السميط يقوم باعمال الاغاثة في افريقيا، تعرف على قبيلة يصل عدد سكانها الى 70 الف شخص. دخل الاسلام الى قلب زعيم القبيلة المتمردة واسمه الحاج كورال –غير اسمه الى سليمان لاحقا- و الذي يملك قوة في اقناع قبيلته باعتناق الاسلام عبر نفوذه الاجتماعي، ولكن بحكم العادات والتقاليد عندهم طلب مقابلة الامير الراحل الشيخ جابر، بدوره قام المرحوم السميط بترتيب اللقاء مع الامير الراحل واقنعه بانه وراءه 70 الف شخص متوقع دخولهم الاسلام ، فما كان من الامير الا ان وافق واستضاف الزعيم سليمان رغم مشاغله، واسلم على يد الشيخ جابر ونطق الشهادتين وعاد "داعية" الى قومه. وفي النهاية اكد الشطي بان العمل الانساني الكويتي جعل العالم يقف الى جانب الكويت في كل ازماتها وتحديدا ابان الغزو في عام 1990 ، حيث كانت الكويت تنصر المستضعفين في كل مكان وهي تحمي الكويت وترضي الله سبحانه وتعالى. "/المستقبل/" انتهى ل . م
|