تونس- سامي السلامي: الهاشمي الحامدي مؤسس تيار المحبة وأحد أبرز الوجوه السياسية الفاعلة والمؤثرة في تونس، يُطل عبر «المستقبل» بمواقف عديدة يبرر فيها دخول تياره لتنسيقية الرباعي الحاكم في تونس، ويعلن عن موقفه من الحكومة «المقصرّة» بجانب العدالة الاجتماعية، نافيا ان يكون المعني بالحديث عن المرشح المتهم بالتمويل المشبوه». كما افرد مساحة للحديث عن مقترحه لمبادرة انشاء صندوق للتنمية والاستثمار في تونس برأس مال يقدر بـ5 مليارات دولار بغية إخراج الشباب المهمش من واقع البطالة.
تونس تمر بأوضاع استثنائية
استعداد التيار لدخوله تنسيقية الرباعي الحاكم، يوضحه الهاشمي الحامدي بأن دوافعه هي الاوضاع الاستثنائية التي تمر بها تونس التي تواجه خطر الإرهاب، مشيرا الى ان العمليات الإرهابية في باردو وسوسة أثّرت على الاقتصاد التونسي وعلى قطاع السياحة الذي يعتبر قطاع حيوي للاقتصاد التونسي وهذا يتطلب وحدة وطنية قوية، وانطلاقا من هذه الاسباب مددنا أيدينا للائتلاف الحاكم خصوصا أن التيار ممثل في البرلمان وحصل على المرتبة الرابعة في الانتخابات الرئاسية.
تصدينا للإنقلاب على «النهضة» رغم اقصائها لنا
وفي ما خص تغيّر موقف حركة النهضة من تياره بعد ان رفضت التعامل معه عقب انتخابات 23 أكتوبر 2011، يضعه الحامدي في اطار العودة للحق فضيلة لافتا الى ضرورة ان تسود العلاقات بين الأحزاب السياسية التونسية الاحترام والتعاون والتنافس على خدمة الوطن. وذكّر الحامدي بأن حركة النهضة التي اقصت تياره عن المشهد السياسي، وجدت التيار اول من دافع عنها عندما ظهرت دعوات انقلابية في تونس للإطاحة بحكومتها «وقلنا انّ الشعب التونسي لا يمكن أن يحكم الاّ بالانتخاب ولا يمكن أن نعود إلى نهج الانقلاب».
الحامدي يبرر مناداة تياره بتشكيل جبهة موحدة مع الائتلاف الحاكم لدخول الانتخابات البلدية القادمة، بسبب وجود ما اسماه خطرين: الخطر الامني والخطر الاقتصادي. وبرأيه فإن هذه الاخطار تتطلب الاتحاد وتكاتف الجهود «لكني لست متأكدا من أنّ هذه الدعوة ستلقى الاستجابة من طرف الأحزاب، ونحن على كل حال نسجل موقفنا من أننا دعاة لوحدة الصف الوطني وتكاثف الجهود، وبعد ذلك الكلمة تبقى للشعب».
برنامج التيار هو الأقرب الى روح الثورة
ارتفاع شعبية الحامدي في سيدي بوزيد وفي المناطق الداخلية الفقيرة والمهمشة يُرجعه الحامدي الى البرنامج الذي يطرحه «وهو أقرب البرامج إلى روح الثورة التونسية التي كانت شرارتها الاحتجاج على التهميش وعلى الفقر، وبرنامج تيار المحبة يعالج ويخاطب المشكلة بشكل مباشر ويقول لابدّ من عدالة اجتماعية في البلاد ولا بدّ من تطوير القطاع الصحي وتوفير الخدمات الصحية لكل التونسيين ولا بدّ من توفير منحة البحث عن العمل للعاطلين الذين يعانون اليأس والإحباط وتستهدفهم شبكة الإرهاب».
الحكومة مقصّرة بمعالجة العدالة الاجتماعية
تقييم تيار المحبة لحكومة الحبيب الصيد لا تبدو ايجابية. فبالنسبة الى الحامدي فإن الحكومة الى الآن لم تتخذ بعد الخطوات الضرورية المهمة في جانب العدالة الاجتماعية وجانب الاهتمام بالطبقات الفقيرة «ولذلك نحن نقترح على الحكومة أن تتبنى برنامج تيار المحبة، فما دام لا يوجد خطوات وإجراءات مباشرة تستهدف الطبقات الفقيرة والعاطلين عن العمل ستبقى أوضاعنا هشة واحتمالات التمرد الاجتماعي دائما قائمة، فأنا أدعم الحكومة وأدعوها إلى اتخاذ خطوات حاسمة وجريئة لصالح الفقراء والعاطلين عن العمل ولصالح المناطق المهمشة والمحرومة».
سعي للحصول على مليون صوت
يسعى تيار المحبة الى أن يكون الخيار الثالث للتونسيين في ظل الاستقطاب الثنائي القائم بين حزبي نداء تونس وحركة النهضة. الحامدي يقول ان تياره بسعى للحصول على مليون صوت في الانتخابات البلدية المقبلة «لنصبح قوة رئيسية أساسية محدّدة للوضع السياسي في البلاد».
الموافقة بين الاسلام والديمقراطية
وعن رأيه بإمكانية تحكيم الشريعة الإسلامية مع المبادئ الكونية والديمقراطية يوضح الحامدي ان «الإسلام يتفق مع مبادئ الديمقراطية بمعنى الشورى واحترام إرادة الأمة والشعب والإسلام يدعو الى العدالة الاجتماعية واحترام حقوق الإنسان ويقيم مجتمع راقي ويدعو إلى مكارم الأخلاق والعهود والعقود وهذه هي الشريعة الإسلامية التي تقيم العدل والتقدم وتحترم حقوق الإنسان، ونحن في تونس نستطيع أن نقدّم نموذجا معاصرا مقبولا للجمع بين الأصالة والمعاصرة وبين الإسلام والحداثة».
اجراءات لصالح الفقراء
أما مشكلة تجاوز الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها تونس فيكمن حلها بحسب الحامدي باقدام الحكومة على اتخاذ اجرءات عاجلة لصالح الطبقات الفقيرة لأنّنا إذا عملنا منحة البحث عن عمل فسننقذ 500 ألف تونسي من الفقر المدقع وسنضخ ونوفر 1.2 مليار دينار في الاقتصاد التونسي.
لدينا علاقات قوية بالكويت
الحامدي تحدث عن العلاقات القوية التي تربط تونس بدول الخليج وخاصة بالكويت والإمارات والسعودية «كما لنا علاقات تاريخية بجارتنا الجزائر ولدينا علاقات صداقة بالاتحاد الأوربي والولايات المتحدة، وأنا أريد توظيف علاقاتنا الخارجية بإنشاء صندوق التنمية والاستثمار وفي اقناع هذه الدول التي ذكرتها بالاستثمار فيه والدخول كشراكة استثمارية وليس كهبات ومنح، مع فترة سماح معينة ليتسنى لهذه الدول استرجاع أموالها ويساعدون تونس في تجاوز الصعوبات التي تمرّ بها».
هل يمكن ترسيخ النموذج الاجتماعي البريطاني في تونس؟
سؤال يجيب عنه الحامدي بالقول ان ذلك ممكن في منحة البحث عن العمل «رغم أنّ البعض يتهمونني بأني أريد أن أنقل التجربة البريطانية الى تونس رغم الفارق الاقتصادي الكبير بين تونس وبريطانيا، لكن أنا حسبت وقدمت ميزانية تكلفة منحة البحث عن العمل وهي 1.2 مليار دينار فقط، والآن نرى أنّ الحكومة قد تقدم مساعدات لإنقاذ القطاع السياحي بقيمة 3 مليار دينار أي ثلاثة أضعاف تقريبا قيمة المبلغ الذي أقول أننا نحتاجه، فبمبلغ قدره 650 مليون دينار إضافية لوزارة الصحة نستطيع أن نحدث ثورة في القطاع الصحي ونوظف العديد من الأطباء والممرضين ونستطيع تحمل تكاليف التونسيين الذين ليس لهم دفاتر علاج».
لا لخصخصة الصحة والتعليم
يرفض الحامدي خصخصة قطاعي الصحة والتعليم، «فنريد أن يكون قطاع الصحة العمومي قطاع قوي ومحل ثقة وهذا يتطلب أن يكون لنا الإمكانيات المالية والمادية لدعمه، فالصحة والتعليم يجب أن لا نتهاون فيهما كقطاعين حيويين».
لست المعني بالتمويل المشبوه
وعن تعليقه على تقرير دائرة المحاسبات وشبهة التمويل المشبوه لأحد مرشحي السباق الرئاسي والذي قيل أنّه ضمن الستة الأوائل بعد الإعلان عن النتائج النهائية للانتخابات الرئاسية، يقول الحامدي أنه حصل على المركز الرابع في الرئاسية، «وأنا أؤكد لك أنّي لست المعني بالأمر ولا أعرف المرشح المقصود، وما دمت لا أملك المعلومات الكافية حول هذا الموضوع فأنا أتحفظ وأنتظر المعلومات من الجهات الرسمية الموثوقة».
الشعوب العربية جديرة بالحرية
وفي تقييم سريع للمشهد العربي خصوصا ما يجري في سوريا والعراق وليبيا يقول الحامدي «ان مأساة العراق سابقة للربيع العربي إنما الأوضاع صعبة جدا ومأساوية في اليمن وفي ليبيا وفي سوريا، والشعوب العربية جديرة بالحرية وجديرة بأن تحكم نفسها من دون وصاية ويجب على الحكام أن يحترموا إرادة الشعوب ويجب على الحكومات أن تفتح أبواب التغيير السلمي وأبواب الإصلاح، والذي يحصل اليوم في اليمن وليبيا شيء مؤسف ويدمي القلب».
وفي ختام اللقاء وجه الحامدي تحية الى الكويتيين معربا عن تضامنه معهم «خصوصا بعد الحديث عن وجود تهديدات أمنية واعتقالات لخلايا إرهابية» مؤكدا ان أمن الكويت من أمن تونس، معربا عن تعاطفه مع البلاد.
|