مثلما تفعل شرارة صغيرة وتحرق أكبر الغابات ، هذا ما يفعله بعلاقتنا اﻹنفعال.
فتقام الحروب ، وتتشتت العائلات ، وتدمر العلاقات بكافة انواعها .
لا شيء سوى التسامح يمنحنا الفرصة ﻹعادة ترتيب خارطة حياتنا اﻹجتماعية، التسامح وما نعنيه هنا هو التّسامح الإنساني، وهذا يعني نسيان الماضي المؤلم الذي فائدة منه كذلك لا مصلحة ﻷحد به و بكامل إرادتنا.. وهو أيضاً التخلي عن رغبتنا في اﻹنتقام من الذين شاءت الظروف ان يجمعنا معهم خلاف ما ، فيكبر ليدفع البعض على إيذاء الآخرين، التسامح لمن يستطيع ترويضه ، هو رغبة قويّة في أن نفتح أعيننا لرؤية مزايا النّاس بدلاً من أن نحكم عليهم ونحاكمهم أو ندين أحداً منهم.
التسامح أيضاً أن تفتح قلبك، وأن لا يكون هناك شعور بالغضب ولا لوجود المشاعر السلبية لأيّ شخصٍ أمامك. وبالتسامح تستطيع أن تعلم بأن جميع البشر يخطئون، ولا بأس بأن يخطئ الإنسان. واذا كان التسامح في اللغة معناه التّساهل ، فهذا لا يعني التخلي عن الحقوق ، إنما العفو عن الذين لا يريدون سوى فرصة جديدة ﻹثبات انفسهم والعودة الى اول الطريق من باب جديد .. وبمنحهم هذه الفرصة نكون قد وضعناهم امام عتبة اﻷمل من جديد ..وهذا ما قد يحتاجه مطلق انسان في ظروف قد لا يكون له سيطرة فيها ..
فهو العفو عند المقدرة .. عندما يقف مطلق انسان امامنا ويرمي كامل اوراقه ويطلب الصفح ، فحينها من الخبث ان نبقى نفكر فقط كيف نردّ الإساءة باﻹساءة .. والتّسامح كمفهوم أخلاقيّ اجتماعيّ دعا إليه كافّة الرّسل والأنبياء والمصلحين؛ لما له من دور وأهميّة كبرى في تحقيق وحدة، وتضامن، وتماسك المجتمعات، والقضاء على الخلافات والصّراعات بين الأفراد والجماعات، والتّسامح يعني احترام ثقافة وعقيدة وقيم الآخرين، وهو ركيزة أساسيّة لحقوق الإنسان، والديمقراطية والعدل، والحريات الإنسانيّة العامّة.وليس التّسامح فقط من أجل الآخرين، ولكن من أجل أنفسنا وللتخلّص من الأخطاء التي قمنا بها، والإحساس بالخزي والذنب الذي لا زلنا نحتفظ به داخلنا، التسامح في معناه العميق هو أن نسامح أنفسنا. من هذه النّاحية نرى كم هي عظيمة تلك النّفوس المتسامحة التي تنسى إساءة من حولها، وتظلّ تبتلع حماقاتهم، وأخطاءهم، لا لشيء سوى أنها تحبّهم حبّاً صادقاً يجعلها تعطف على حماقاتهم تلك، وتضع في اعتبارها أنه لا يوجد إنسان معدوم الخير، ولكن يحتاج إلى مخلص يبحث عن ذلك الخير، فهي تعذرهم؛ لأنّها تضع في اعتبارها أنّ من يسيء لغيره قد يعيش ظروفاّ صعبةّ أدّت به أن يسيء لمن حوله، لكنّه لايجد من يعذره ويتسامح عن زلّته..
|