في الوقت الذي انشغل فيه البيزنطيون بحوارهم الشهير
حول المرأة ان كان لها روح ام لا مثل جميع المخلوقات الثانية . كانت المؤمرة تحاك لﻹستيلاء على بلادهم ..فما عرفوا كيف يتكلمون ولا كيف يحرصون ولا كيف يسهرون ليردوا كيد اﻷعادي ...
وها نحن لم نتعلم بعد .. أو لم يعلمنا أحد بأن للحديث أداب وللحوار أصول .. كل شيء يجيء إلينا لوحده ..الحياة وحدها كفيلة بأن تمسك بأيدينا وترشدنا الى طريقنا الصحيح.. لكن ما اكثر التائهين والضائعين في تلك الطرقات الصعبة ..في تلك المنعطفات الصعبة الغريبة ...
فما زلنا حتى اليوم نغرق ونغرق في مستنقع الحوار البيزنطي .. ولا من رقيب او مدبّر أو حسيب ..وننسى بأن الحوار الحقيقي البناء المفيد هو الذي لا خاسر فيه ..ولا يقوم أصلا على هذا اﻷساس ...نجد مثلا ألطبيب يتكلم في الهندسة ولا مشكلة في اﻷمر ..لكنه مع اهل اﻹختصاص لا يسمع حتى رأيهم ، فهو الطبيب الذي ينتظره المرضى لساعات طويلة ويحق له ان يفعل بهم ما يشاء ..فكيف سيسمح هنا لمن يقف بوجهه ويعترض فكرته وربما يصده ، فهذا طبعا غير مسموح .. يجيء معلم الرياضيات فيدخل على التاريخ بما علق في الذاكرة من حروب ومحطات لا تنسى ..وما ان يقف في وجهه معلم التاريخ حتى يدخله في عملية حساب لا عالبال ولا عالخاطر ..
هنا يأتي دور الشاعر في اي مكان كان حتى لو في الشارع..فيرفع صوته في مديح احد ما .. دون ان يحترم ذوق كل الموجودين .. صحيح انه يحق للشاعر ما لا يحق لغيره ، فهذا ربما في بعض الشؤون اللغوية والعروضية .. لكن من قال بأنه يحق للشاعر ان يقول شعره في اﻷماكن العامة ليصبح مادة مزعحة مثل التدخين ....
ألحوار بكل بساطة يقوم به مجموعة من القادرين عقليا و فكريا على دخول صراعا حضاريا ، الغرض منه الوصول الى نتائج ربما تكون اكثر منطقية .. وان اختلف الجميع وهذا حق وامر طبيعي جدا ، إلا انهم يبقون ضمن حلقة المودة واﻹحترام .. نعم نحن نحتاج لحوار هادف ..ربما نبقى فيه حيث نحن لكن بطريقة مختلفة تجعلنا اكثر قوة وقدرة على مواجهة اي خطر ات من الخارج .. فالحوار ليس لإتلاف الفكر اﻷخر.. بل للتعاون معا للوصول الى المكان الصحيح .
|