بحضور زعماء من العالم .. والسيسي بملابسه العسكرية
مصر - قناة السويس الجديدة، الشريان الحيوي لمصر والمستقبل الواعد لإقتصادها، افتتحها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في مراسم إحتفالية حضرها عدد لا يُحصى من الفعاليات والحشود. هذا المشروع الجديد سيساهم، بحسب الدراسات الاخيرة، يخلق فرص كبيرة لتطوير مناطق صناعية تخدم قطاعات مختلفة، وهذه القناة تتمتع بموقع متميز في التجارة العالمية سيجعل مصر تستفيد من التنمية المستدامة لإقتصادها بشكل كبير عن طريق خلق فرص عمل جديدة لسنوات مقبلة.
بحضور عدد كبير من القادة العرب والافارقة والاجانب، افتتح الرئيس السيسي "قناة السويس الجديدة" التي تعقد عليها الآمال لإنعاش الاقتصاد المصري، بعرض جوي وبحري. مراسم الاحتفال بدأت وسط إجراءات امنية كبيرة في الاسماعيلية شمال شرق البلاد.
السيسي بملابسه العسكرية، دخل مجرى القناة على ظهر يخت "المحروسة"، المملوك سابقا للعائلة المالكة في مصر، وتبعته قطع بحرية عسكرية، بينما حلّقت طائرات عسكرية مقاتلة فوق مجرى القناة في عرض جوي كبير.
وكان من أبرز الحاضرين في المراسم الإحتفالية، سمو أمير الكويت الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح حفظه الله، بالاضافة الى الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند ، وملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة والعاهل الاردني الملك عبد الله بن الحسين ونائب رئيس دولة الامارات حاكم امارة دبي الامير محمد بن راشد آل مكتوم والرئيس الفلسطيني محمود عباس.
وفاء بالوعد
لإضفاء جو من الفرح والوطنية، عزفت فرق موسيقية عسكرية أناشيد وطنية وموسيقى عسكرية فيما كان ضيوف الحفل يتوافدون على خيمة عملاقة شيّدت على ضفة الممر المائي.
بعد هذه الإحتفالات، لا بد من إلقاء كلمات تشيد بالمشروع الجديد وسرعة تنفيذه؛ ففي كلمته، السيسي أشار إلى ان "الشعب المصري قام بإنجاز مشروع القناة الجديدة في ظروف صعبة على الصعيدين الاقتصادي والأمني"، مضيفا "وعدنا نحن المصريين العالم بأن نقدم له القناة الجديدة هدية، وها نحن نوفي بالوعد الذي قطعناه على أنفسنا، وفي زمن قياسي".
ورغم حرارة الطقس، أجواء السعادة والفخر خيّمت على المشاركين المصريين الذين لوح بعضهم بأعلام صغيرة لمصر، والمناطيد الطائرة حلّقت في سماء مدينة الأقصر في جنوب مصر وفوق معابدها حاملة العلم المصري وشعار قناة السويس الجديدة وصور الرئيس عبدالفتاح السيسي في أول فعاليات إحتفالات المحافظة بإفتتاح قناة السويس الجديدة.
والمدينة كانت قد تزيّنت بلوحة مساحتها 125 مترا مربعا، أقيمت في مدخل الطريق السياحي غرب المدينة وأكبر لوحة مضيئة في مدخل الطريق السياحية في شرق المدينة وآلاف الأعلام وشبكة ضخمة من اللوحات المضيئة التي انتشرت في شوارع وميادين المحافظة، بينما يحمل 1500 شاب علما بطول 500 متر في كرنفال فني وشعبي.
أكثر من 43 ألف عامل تعاونوا لحفر وبناء قناة السويس الجديدة، ما أدى إلى تطوير واحد من أضخم المشاريع الوطنية، والمشروع كلّف حوالى 8 مليار دولار تم جمعها في اكتتاب شعبي بالجنيه المصري، من خلال طرح شهادات استثمار بنكية بفائدة 12%. والسلطات المصرية تتوقع أن يقلل المجرى الجديد والتوسعات مدة مرور السفن عبر قناة السويس من 22 ساعة إلى 11 ساعة، ومدة الانتظار من 11 ساعة إلى 3 ساعات.
صلة الوصل بين الاحمر والمتوسط
يذكر ان هذا المشروع يهدف إلى تحقيق تنمية مستدامة إقتصادياً، مصحوبة بخلق مجتمعات عمرانية جديدة في شرق بورسعيد والسخنة وخليج السويس، وباكتمال مشروع قناة السويس الجديدة تتضاعف المساحة المأهولة بالسكان في مصر إلى 12% بدلا من 6%.
وقناة السويس التي افتتحت عام 1869 بعد أشغال استمرت 10 سنوات، تربط بين البحرين الاحمر والمتوسط وهي من طرق الملاحة الرئيسية للتجارة العالمية ولا سيما لنقل النفط، ومصدر مهم للعملات الاجنبية بالنسبة للسلطات الساعية الى تحريك عجلة الاقتصاد الذي تصفه بعض الارقام بالمتدهور بعد الإطاحة بنظام الرئيس السابق حسني مبارك.
الهدف من تشغيل المجرى الجديد البالغ طوله 72 كلم هو مضاعفة القدرة الاستيعابية لحركة الملاحة في القناة، وتتوقع هيئة قناة السويس ان يكون بوسع نحو 97 سفينة عبور القناة يوميا بحلول 2023 مقابل 49 سفينة حاليا. كما ان إفتتاح القناة الجديدة سيؤدي الى زيادة ايرادات القناة السنوية من 5،3 مليارات دولار أي ما يعادل 4،7 مليار يورو متوقعة للعام 2015 الى 13،2 مليار دولار أي 11،7 مليار يورو عام 2023.
مصر بتفرح..مصر بتصرخ
مواقع التواصل الاجتماعي وكعادتها، كانت شاهدة على سجالات بين مؤيدي ومعارضي مشروع توسعة قناة السويس. فبينما رأى البعض أنه سيحقق رخاء اقتصاديا، رأى آخرون أنه بلا جدوى وأنه مجرد دعاية سياسية.
صفحة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أطلقت على مواقع التواصل الاجتماعي وسماً بعنوان "مصر بتفرح". وتفاعل معه المؤيدون الذين اعتبروا أن المشروع سيحقق فوائد عظيمة للبلاد.
المعارضون في المقابل، أطلقوا حملة من الصور المفبركة للسخرية من المشروع، ومن المبالغة التي جرت من قبل نظام السيسي وأنصاره في تصوير فوائده المتوقعة.
المعارضون دشنوا كذلك وسماً مضادا بعنوان "مصر بتصرخ" تحدثوا فيه عما يمثله المشروع من ضغط على الاقتصاد المصري وفق رأيهم، كما أشاروا إلى الواقع السياسي الذي تعيشه مصر فيما يتعلق بالقمع وانتهاك حقوق الإنسان.
المشروع، الذي أشرفت عليه القوات المسلحة على مدى عام، أثار جدلا بشأن جدواه الاقتصادية والتوظيف السياسي له من قبل نظام السيسي.
ورأى بعض المحللين المصريين أن السلطة الحاكمة سعت لتقديم نفسها على أنها صاحبة مشاريع إستراتيجية للتغطية على "أزمة سياسية" تعصف بالبلاد.
في إطار آخر، وفي 5 آب 2014، السيسي افتتح أعمال حفر الفرع الجديد لقناة السويس وطلب انذاك ان تنتهي الاعمال خلال عام واحد بدلا من 3 كما اقترحت الهيئة الهندسية القائمة على المشروع. وطرح مصرف مصر المركزي اكتتابا عاما للمصريين لتمويل اعمال انشاء الفرع الجديد للقناة جمع خلاله نحو 9 مليارات دولار، وتضمن المشروع حفر قناة جديدة طولها 37 كلم وتعميق وتوسيع القناة الاساسية بطول 35 كلم.
السويس تاريخياً
وقناة السويس هي من الممرات التي تشهد اكبر حجم من الملاحة في العالم وفي 2007 شكلت حركة الملاحة عبرها 7،5% من حركة الملاحة التجارية العالمية، بحسب مجلس الملاحة العالمي. لا ننسى عندما أغلقت قناة السويس سابقا لمدة 8 سنوات اعتبارا من العام 1967 ليعيد الرئيس المصري الاسبق انور السادات افتتاحها في العام 1975 في حفل صاخب ارتدى فيه الزي العسكري على متن يخت "المحروسة" الشهير.
وتعليقا على إفتتاح قناة السويس الجديدة، الخبير في مركز كارنيغي للشرق الاوسط عمر عدلي، رأى ان "النظام المصري الجديد يخوض معركة سياسية من اجل ترسيخ شرعيته داخل البلاد انما كذلك خارجها، ومشروع القناة الجديدة جزء من خطة اقتصادية طموحة لتطوير منطقة قناة السويس لتجعل منها مركزا لوجستيا وصناعيا وتجاريا من خلال بناء عدة موانئ تقدم خدمات للاساطيل التجارية التي تعبر القناة".
ومن المتوقع ان يوفر هذا المشروع اكثر من مليون فرصة عمل خلال السنوات الـ15 المقبلة. وبهذا المشروع الكبير الذي حققته مصر، رسّخت مكانتها كلاعب لا يمكن تجازوه على الساحة الإقليمية، ويبقى على القيّمين على المشروع الحفاظ عليه في الأعوام المقبلة لمزيد من التقدم والإزدهار لبلد لم يعرف، على مدار سنوات وقرون، سوى الشهرة والتقدم نحو الامام. "/المستقبل/" انتهى ل . م
|