بقلم بقايا
كم جبناء نحن ..
كم غرباء نحن ...
وكم تعساء نحن ...
وكم نحتاج لمن يمسك بأيدينا حين نتوه في زحمة المدن المليئة بكل ما نجهل...
لا مطر في سمائنا ..لكننا نفتح مظلتنا لمجرد ان نرى أحدهم يفتح مظلته ...
لا كلاب تعوي ..لكننا نهرب خلف ظلال الهاربين أمامنا ...
لا ضباع تنتظر هلاكنا لتأكل أجسادنا الطرية ..لكننا نرتعب من بياض أسنانهم الواهمة ...
هكذا نحن دائما .. نقرأ الكتب ونصدق كل ما جاء فيها ، كذلك نشاهد التلفاز .. كذلك نسمع اﻷخبار ...
تزعجنا اﻵشياء حتى تلك نصنعها بأيدينا ...
نشكو من الواسطة مثلا ، نرفضها و ننبذها ونرمي عليها شتائمنا، ونحن أول من يبحث عنها ...الواسطة التي يحتاجها رجل ما ليصبح ربما ناطورا أو مزارعا في حديقة الحاكم .
آه ما أتعسنا نحن .. نشكو من عدم نظافة المدن .. ونحن الذين نحولها إلى سلة مهملات ..فنرمي حتى في طرقاتها احلامنا وافكارنا ..ونجعلها تفقد جمالها بين عواء اللعنات ...
نشكو من أخلاق شبابنا، من طريقة عيشهم .. من طريقة تعبيرهم .. من ثيابهم ، وننسى أنهم لا يفعلون الا ما زرعته بهم تربيتنا الخاطئة ...
كل ما ينبت في أرضنا هو ما زرعناه بأيدينا .. وما سقيناه بمياه العمر..وانتظرناه على شرفة اﻷمل بشوق وحب وشغف....
لم يأت شيء من الفضاء الخارجي ...
نعاتب النظام ونشتم الدولة ونلعن الحكومة.. فقط لنشبع تشتتنا في ذلك التعدد .. نحاول ان نغير التسميات كي تتلاءم مع شكل الشتائم التي تملؤنا وتعيش فينا...
وننسى أننا نحن صناع حكامنا ..بكامل وعينا وإرادتنا واستسلامنا ....
حكامنا الذين يستغلون الوطن ..ويحولونه لقطهة جبن على مائدة جوعهم وطمعهم العميق....
حقا نحن غرباء
حقا نحن جبناء ..
حقا نحن تعساء ...
ونحتاج لمن يمسك بأيدينا..في زحمة المدن القاسية ....