الرباط – أحمد برطيع: استأثرت أحداث غرداية (جنوب الجزائر) باهتمام المنظمات الدولية والجمعيات الأمازيغية المغربية التي أعلنت تضامنها مع سكان وادي مزاب بعد اندلاع مواجهات أهلية بين المالكيين والإباضيين من المكون الأمازيغي، والتي ذهب ضحيتها 25 فردا واعتقال الشرطة لعدد كبير من النشطاء.

غرداية.. "الفتنة النائمة"

"غرداية" المدينة ذات الهوية الثنائية، تشتعل من جديد دون سبب مباشر، لتندلع الحرب التي كادت أن تتحول من نزاع عادي إلى أهلية.

مصادر جزائرية أفادت أن هذه الحرب الشعواء توقدت بعدما تعرض شابين من المذهب المالكي (عرب) للقتل، دون أن يعرف أحد من قتلهما؟ ثارت على إثر ذلك أسرتا الشابين، بعد اتهام عناصر أمازيغية بهذه الجريمة، لتتوسع هوامش المواجهات حتى طالت كل المدينة.

غرداية، مدينة تبعد عن العاصمة الجزائرية بـ600كلم في اتجاه الجنوب، وتتميز بتداخل الأحياء السكنية بين العرب والأمازيغ خلافا لما هو موجود في باقي المدن، إذ تعتمر كل فئة حيا بعيدا عن الأحياء التي تقطنها الطائفة الأخرى.

المواجهات التي اندلعت الاثنين الماضي ذهب ضحيتها 25 فردا خلال 48 ساعة وأكثر من 50 جريحا، مما اضطر السلطات، وعلى رأسها الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة، أن تتخذ إجراءات صارمة، أهمها: تسليم المدينة للجيش لاستتباب الأمن من جديد، واعتقال أكثر من أعداد كبيرة من المشتبه فيهم، وعلى رأسهم الناشط الحقوقي كمال فخار رئيس "حركة الحكم الذاتي لأمازيغ مزاب".

العفو الدولية تدعو إلى كشف الحقائق

وطالبت منظمة العفو الدولية السلطات الجزائرية بالتحقيق الشامل في أحداث غرداية التي اندلعت مساء الإثنين الماضي الواقع في 6 يوليو الجاري.

أمنستي في بيانها الصادر أمس الجمعة الواقع في 10 يوليو ذكرت أن "المنظمة تدعو السلطات الجزائرية إلى فتح تحقيق لمعرفة أسباب وظروف الأحداث العنيفة، وبذل الجهد الضروري لحماية الأفراد" مطالبة الحكومة الجزائرية بالتحقيق الدقيق في تعامل البوليس الجزائري مع الأحداث" بعد أن وجه نشطاء حقوقيون اتهامات إلى تواطؤ الأمن الجزائري مع المالكيين من العرب.

 المصدر ذاته لفت إلى اعتقال الناشط الذي قام بتصوير شريط عرضه على موقع يوتوب لرجال أمن ينهبون المحلات التجارية في أحداث مشابهة وقعت في شهر دجنبر من سنة 2013 والحكم عليه بسنتين سجنا مطالبة بإطلاق سراحه.

 مرصد حقوقي مغربي يتضامن مع مزاب الجزائر

المرصد المغربي للحقوق والحريات أعرب عن انزعاجه عما أسماه بـ"القلق البالغ" أثناء متابعته للأحداث "المأساوية الأخيرة التي عرفتها منطقة "مزاب" الجزائرية.

بيان المرصد ذكر أن ما وقع "استمرار لما عرفته هذه المنطقة من توتر وصراع قوي تصاعد بشكل ملحوظ منذ عامين، إلى أن تحول إلى ما يشبه مخطط إبادة حقيقي من طرف السلطات الجزائرية (بتواطؤ مكشوف.. مع مجموعات التطرف الديني الوهابي) لأمازيغ امزاب الذين أظهروا بكل الطرق السلمية إصرارهم على حماية ممتلكاتهم وثقافتهم وأراضيهم ضدّ الأطماع السلطوية التي عبرت عنها بالملموس، وبشتى الطرق المخالفة للقانون، السلطات المركزية بالجزائر" موضحا أنها "ما فتئت تسعى إلى الاستيلاء على أراضي أمازيغ امزاب، وتهميشهم اقتصاديا واجتماعيا، وحرمانهم من أداء شعائرهم الدينية الإباظية التي اعتنقوها منذ ما يزيد على ألف سنة".

البيان أشار إلى أن الأحداث طالت كل "مدن برّيان، أيت مليشت، أيت بونور، تاغردايت، كرارة، أيت إسكين، تادجنينت، أحداثا خطيرة خلال الأيام المنصرمة، حيث قامت عصابات إرهابية من المتطرفين السلفيين مدججة بالسلاح (بنادق الصيد وبنادق كلاشينكوف والسلاح الأبيض) بهجومات منظمة على العديد من أحياء المدن المذكورة، حيث قامت بإحراق العديد من المحلات التجارية واقتحام البيوت على مرأى ومسمع من السلطات التي لم تحرك ساكنا لإنقاذ السكان المزابيين الذين سقط منهم ضحايا كثيرون"

المرصد اعتبر ما وقع في غرداية "حملة إبادة حقيقية تستهدف وجود وحقوق السكان الأمازيغ، وتعبيره عن التضامن المبدئي والمطلق مع هؤلاء السكان في محنتهم" مطالبا "الأمم المتحدة بإدراج ملف أمازيغ مناطق غرداية ضمن اهتماماتها المستعجلة نظرا لخطورة ما يقع فيها من أعمال وحشية، وذلك من أجل إطلاق سراح المعتقلين وفكّ الحصار المضروب على السكان ضحايا العنف والإرهاب السلطوي الجزائري" وفق ما جاء في البيان.

"/المستقبل/" انتهى ا.ع