الرباط – أحمد برطيع: "ولا تزر وازرة وزر أُخرى وإنْ تدْعُ مُثقلةٌ إلى حِمْلِها لا يُحمَلْ منه شيءٌ ولو كان ذا قُربى" صدق الله العظيم. بإيجاز شديد جدا، الآية تحمل ما تحمل، من المعاني، وعلى ظاهرها، أن كل فرد "طائره في عنقه" ومعه كتاب منجزاته في الحياة، دون وساطة ولا وصاية ولا "كود دو بيسطون". "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا" هكذا كانت تقام الحرية، مع الرعيل الأول للدولة الإسلامية، "من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر" كل تلك الدلائل والكلام المقدس لا ينهي بعض الغلاة من الاستمرار في إرهاب الناس، وكل لديه بدل الحافز ألف، من لديه جنون العظمة..هناك من تتملكه رغبة القتل.. ومنهم من يرنو إلى الجنة مع أنه لم يعش الحياة.. وأغربهم من به هوس جنسي، والمشترك بين تلك الفئات: الأمية ودناءة المعرفة والأصل، والفشل في الحياة، والجهل بالله. الحرية لا تعطى، بل تكتسب، والعبودية كانت دائما عارا تخلصت منه البشرية بتضحيات جسيمة، دفعتها نساء حرائر ورجال افتدوا أهلهم. ومن التاريخ قصص عديدة لأناس رفضوا الظلم وسخروا أنفسهم لخدمة الغير. والسؤال: كان المبدأ حرية..فهل لهذه الحرية حدود؟ في ظل ما نرى، كل من امتلك القوة يصرح أنه حر، ويفعل ما يريد، بل يعتقد جازما أن ما يفعله هو الصحيح، والنماذج، من دولة تسمي نفسها "دولة إسلامية"، ولا يربطها بالإسلام إلا ما تملكه من مقذوفات نارية، وبعض المواقع الافتراضية التي لا تدعو عبرها بـ"الموعظة الحسنة" بل تدس وعدها ووعيدها بشكل صارخ يرفض التسامح. الحرية أن تتنفس بملء رئتيك، وأن تمشي كما شئت ومتى وأين شئت، وأن تنام وقت شئت وأن تسافر محافظا على ابتسامتك، وأن تأكل ما تشتهي وإن خالفت الآخر..هي أنماط عيش في ظل قبول الأخر، وكلما انزاحت هذه السلوكات تتحول تلك الحرية إلى إرهاب. لأن لا أحد يُنشر مع الآخرين، وإن جاء إلى الحياة صحبة توأم أو توائم، فالبعث والنشور يكون مع الذات وحتى الروح "فهي من أمر ربي". لا أعتقد أن هناك من يرضى للناس مصيرا قاسيا إلا إذا كان خاضعا للعبودية الذاتية، بعيدا عن إله يفترض أنه عادل، حتى العبيد يتوقون للحرية كيف لهؤلاء قست قلوبهم وتاقت لترقيق المختلفين، ألم يروا..؟ حتى الصخر تشقق وانبثق منه الماء؟ أم أن على قلوبهم أقفالها؟. "/المستقبل/" انتهى ا.ع |
المصدر : المستقبل