لبنان- خالد الغربي: "قاتلنا بشراسة وكدنا ان نحقق الانتصار على اليهود، لكن أوامرا أتتنا باخلاء مواقعنا والانسحاب"، يتذكر ذلك الحاج الفلسطيني مصطفى عوض 86 عاما من سكان بلدة عكرمة الفلسطينية والذي نزح الى لبنان قبل 67 عاما ويقيم راهنا في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين بمدينة صيدا بالجنوب اللبناني.

 الحاج عوض واحد  من الرجال الفلسطينيين الباقين على قيد الحياة من جيل النكبة يوم هجر الفلسطينيون  من ارضهم في 15 أيار العام 1948 حين قامت العصابات الصهيونية باقتلاع أصحاب الأرض من بلادهم لتقيم دولة اسرائيل المغتصبة.

يعرف هذا الرجل ان الحلم الذي رافقه طيلة سنوات عمره وناضل من اجله وهو العودة الى بلاده و"داره" في عكرمة، حلم لن يتحقق، قائلا لـ"المستقبل"، "انا على حافة قبري وقد بلغت من الكبر عتيا"، وصيته لأولاده وأحفاده هو الاحتفاظ بأوراق الطابو ومفاتيح منازل كانت تمتلكها عائلته وحملها معه بعد انجمعها على عجل ، جازما دون تردد "سيرجعون يوما وستعود فلسطين". اما وصيته الكبرى "لاتنسوا نقل رفاتي الى أرض الآباء والأجداد، حتى ولو بعد عقود طويلة".

انقسام فلسطيني في الداخل

تحل ذكرى النكبة بينما مأساة الشعب الفلسطيني تزدادا يوما بعد يوم "تكسرت النصال على النصال" تقول لـ"المستقبل" معلمة الرياضيات الفلسطينية فاتن القبلاوي مردفة " انقسام فلسطيني في الداخل، الأرض التي احتلت عام 48 تمت المساومة عليها، السلام مع اسرائيل وهم ولايعدو الا مزيدا من المجازر والجرائم، مخيمات اللجوء في سوريا وبخاصة اليرموك تعرض لأبشع جريمة، اللاجؤون في لبنان يتعرضون لمعاناة شديدة، هذا هو حال الفلسطيني معاناة فوق معاناة".

عذابات مفتوحة، وبالرغم من ذلك يتمسك الفلسطينيون بحق العودة باعتباره حقا مقدسا غير قابل للمساومة أو النسيان بتقادم الزمن. يمسك أحمد أيوب 13 عاما وهو شبل فلسطيني (مقاتل صغير يتدرب على استعمال السلاح ) ببندقية ك- 47 ( كلاشنكوف ) وأمام مدربه يحاول هذا الشبل أن يثبت مهارته بفك وتركيب البندقية قائلا " أتدرب اليوم واتمرس في التدريب من اجل ان أعيد أرضي المحتلة ( فلسطين) التي لا أعرفها الا في الصور وفي حكايات أجدادي،  لكني أغضب عندما أشاهد على التلفاز قطعان الماشية -اسم يطلقه الفلسطينيون على المستوطنين اليهود- وهم يقتلون  الاطفال في فلسطين، وبالبندقية نحرر فلسطين" .

لا ليس كل ابناء الشعب الفلسطيني تقبض على جمر حق العودة، فجمر المعاناة والمآسي التي يتعرضون لها  تدفع ببعض الفلسطينيين لاعلان رأي مغاير والقبول بأي حل يجعلهم يعيشون ضمن الحد الأدنى من مقومات الكرامة الأنسانية، هكذا ينظر بعض الشبان الفلسطينيين  معتقدين بان الهجرة الى اوروبا وطي أمل العودة هو خيار لابد منه، إذ يأمل الشاب الفلسطيني  محمد موسى مصطفى 24 عاما ان يحمله مركب او تحمله طائرة او بساط الريح لينقله من مخيم اللجوء في عين الحلوة الى اي مكان،  مبررا ذلك بالقول لـ"المستقبل"، "الكل ضدنا ونحن ضد بعضنا البعض نموت بالمجان، لن تعود فلسطين على ايامنا فنحن جيل الانهزام والاقتتال الداخلي الكل تخلى عنا، وأنا أريد ان اعيش بعيدا عن القتل وأريد أن  اشعر بأنني انسان" .

في شوارع مخيم الرشيدية بمدينة صور بالجنوب اللبناني، راح الفلسطيني احمد طه 19 عاما  يوزع أوراق طبع عليها احصائية عن الهجرة وثّقتها الفلسطينية عُلا عوض ويشير التوثيق الى التالي:

معطيات تاريخية للنكبة

يصادف الخامس عشر من أيار، الذكرى السابعة والستين لنكبة فلسطين، ومصطلح نكبة يعبر في العادة عن الكوارث الناجمة عن الظروف والعوامل الطبيعية مثل الزلازل والبراكين والأعاصير، بينما نكبة فلسطين وكانت عملية تشريد وطرد لشعب أعزل وإحلال شعب آخر مكانه حيث تم تهجير وتشريد نحو 800 ألف فلسطيني من قراهم ومدنهم إلى الضفة الغربية وقطاع غزة والدول العربية المجاورة، فضلاً عن تهجير الآلاف من الفلسطينيين عن ديارهم رغم بقاءهم داخل نطاق الأراضي التي أخضعت لسيطرة الاحتلال الاسرائيلي، وذلك من أصل 1.4 مليون فلسطيني كانوا يقيمون في فلسطين التاريخية عام 1948 في 1,300 قرية ومدينة فلسطينية.

 وتشير البيانات الموثقة أن الاحتلال الإسرائيلي قد سيطر خلال مرحلة النكبة على 774 قرية ومدينة، حيث قام بتدمير 531 قرية ومدينة فلسطينية، كما اقترفت القوات الإسرائيلية أكثر من 70 مذبحة ومجزرة بحق الفلسطينيين وأدت إلى استشهاد ما يزيد عن 15 ألف فلسطيني خلال فترة النكبة.

"/المستقبل/" انتهى ا.ع

.