تونس- سامي السلامي: يطرح على أنظار مجلس نواب الشعب قريبا مشروع قانون يزجر أي اعتداء على كافة القوات الحاملة للسلاحمن شرطة وحرس وجمارك. وقد أثار المشروع جدلاواسعا في أوساط الحقوقيين وشق واسع من مكونات المجتمع المدني وسط مخاوف من أنيتسبّب القانون إذا ما تمت المصادقة عليه في إطلاق يد الأمنيين وعودة الدولة البوليسية. ويرى المتابعون في تونس أنّ مجلس نواب الشعب أمام تحد تاريخي باعتباره مطالبا لحظة النظر في مشروع القانون بإيجاد صيغة تضمن حماية للأمنيين وتسهل عملهم في مقاومة الإرهاب وتحمي حقوق الإنسان وحرية التعبير، خاصة وأنّه قد شدّد في مجمل أبوابه وفصوله على محاسبة كل من ينتقد المؤسسة الأمنية أو أداء أعوانها أو يكشف معطيات عبر الإعلام من شأنها أن تفضح بعض الممارسات بالرغم من أنّ الدستور التونسي الجديد قد نصّ على أنّ الدولة تضمن الحق في الإعلام والحق فيالنفاذ إلى المعلومة. مخاوف جسيمة وفي تصريح خاص لـ"المستقبل" حذّر عضو المكتب التنفيذي للنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين يوسف الوسلاتي في من خطورة مشروع قانون زجر الاعتداء على الأمنيين المحال على أنظار مجلس نواب الشعب. وأوضح يوسفالوسلاتي أنّ مشروع القانون المذكور يضرب الحقوق والحريات، ويكرّس القمع، كما يجيز استباحة دماء التونسيين، بما يتناقض مع مبادئ الديمقراطية. وبيّن أنّه يتضمن فصولا زجرية سالبة للحرية وتمس من حرية الصحافة والتعبير، حيث يجرّم نشر معلوماتتخص المؤسسة العسكرية والأمنية بدعوى إفشاء السرّ الأمني والحطّ من معنويات القوات الحاملة للسلاح، وتصل العقوبات فيه إلى 10 سنوات سجنا. ومن موقعه الإعلامي والنقابي، دعا محدّثنا جميع الصحفيين ومكونات المجتمع المدني إلى عدم السكوت على مثل هذه المشاريع والتصدّي لها بقوة، كما دعا كافة الكتل النيابية في البرلمان التونسي إلى تحمّل مسؤولياتها والذود عن الحقوق والحريات كأبرز وأهم مكسب جاءت به الثورة التونسية. وبدورها، أكدت المدونة والناشطة الحقوقية لينا بن مهني في تصريح خاص لـ"المستقبل" أنّ المصادقة على مثل هذهالقوانين سيعيد إحياء الدولة البوليسية ويقنّن تجاوزات واعتداءات الأمنيين على المواطنين كما ستساهم في قمع الاحتجاجات السلمية. ولامت لينا بنمهني المجتمع المدني عن تقصيره في التصدّي لمثل هذه القوانين، معتبرة سكوته عنتجاوزات قوات الأمن في الفترة الأخيرة مقارنة بما كان يحدث أيام حكم حركة النهضة والترويكا حين كان يهب وينزل للشارع لممارسة الضغط على الحكومة وعلى البرلمان لا يخدمالحريات، ومن شأنه أن يزيد في تشجيع الانتهاكات. وشدّدت محدّثتنا أنّ مسألة الحقوق والحريات في تونس اليوم يجب أن تكون خطا أحمرا، كما لا يجب القبول بالمساومة بين الأمن والحرية. بين التحفظ والطمأنة ومن داخل مقرّ البرلمان التونسي في باردو، أبدى وفد من منظمة هيومن رايتس ووتش يتقدمه المديرالتنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا كينيث روث خلال لقاءه برئيس البرلمان محمد الناصر، تخوفاته إزاء المس من حقوق الإنسان وحرية التعبير والصحافة بالإمعان في الجانب الزجري لمكافحة الإرهاب. وعلّق مصدر مسؤول في المنظمة الحقوقية العالمية بقوله إن الجهود التي تبذلها تونس لتعزيز دولة القانون بعد الانتهاكات في عهد بن علي ستخطو خطوة إلى الوراء إذا ما تمّ اعتماد المقترحات الجديدة لمكافحة الإرهاب في شكلها الحالي . وقد قوبلت تلك التحفظات ببعض التطمينات من قبل رئيس البرلمان التونسي، بعد أن أكد انّه لا خوف على حقوق الإنسان والحريات في تونس، وذلك بالنظر إلى الإرادة القوية في تكريسها وتفعيل ما جاء في الدستور، مشيرا إلى دور مجلس نواب الشعب في حماية هذا المكسب، كما أكد حرص نواب الشعب على ضمان الانسجام بين احترام حقوق الإنسان وشروط المحاكمة العادلة وتطبيق القانون بكل صرامة في نفس الوقت. الحكومة والنقابات الأمنية وفي سياق متصل ومدافععن جوهر المشروع ، أوضح الناطق الرسمي باسم مجلس الوزراء أحمد زروق أنّ المشروع أكد أنّ الحماية من التهديدات والاعتداءات تخص تلك التي يتعرّض إليها الأعوان بسبب مباشرتهم لوظيفتهم أو بمناسبتها أو لمجرد صفتهم الأمنية أو العسكرية أو الديوانية. وأضاف أنّ هذا المشروع يندرج في إطار تعزيز الآليات القانونية لحماية قوات الأمن الداخلي والقوات المسلحة العسكرية وأعوان الجمارك حاملي السلاح، بما يساعد على الاضطلاع بالدور الموكول لها في ضمان المحافظة على الأمن والنظام العام وحماية الأفراد والمؤسسات والممتلكات . وبيّن أنّ هذاالمشروع سيأخذ في الاعتبار المعايير الواردة ضمن المواثيق الدولية والمبادئ الأساسية المعتمدة من قبل منظمة الأمم المتحدة في مجال حماية قوات الأمن الداخلي والقوات العسكرية المسلحة وأعوان الجمارك حاملي السلاح. وهو موقف تقريبا توافقت مع مجمل النقابات الأمنية في تونس ورحبت به جملة وتفصيلا، حيث أكد الناطق الرسميباسم النقابة الوطنية لقوات الأمن الداخلي شكري حمادة في تصريح خاص لـ"المستقبل" المسألة لا تستحق كل الجدلالذي أثير حولها، باعتبار أنّ عون الأمن يبقى مستهدفا في ظلّ تنامي ظاهرة الإرهاب. تجريم ومحاكمات هذا ويجرّم المشروع الاعتداء على أسرار الأمن الوطني باعتباره اعتداء على المؤسسة الأمنية والمصالح العليا للدولة والوطن وذلك بإتلاف مستنداتها أو اختلاسها أو الاستيلاء عليها أو إفشائها. كما يجرّم الاعتداء على قوات الأمن الداخلي باعتبارها هيئة رسمية، ومن هذه الاعتداءات تحقير القوات بهدف المس من كرامتها وسمعتها أو تحطيم معنوياتها قصد الإضرار بالأمن العام على غرار تجريم تحقير الجيش الوطني والمس من كرامته المنصوص عليه بمجلة المرافعات والعقوبات العسكرية. وهي تقريبا نفس النقطة التي حوكم من أجلها المدوّن ياسين العياري على خلفية نشره لمقالات على صفحته الرسمية شهّرت بضباط وكوادر في وزارة الدفاع ، ورأت فيها المؤسسة العسكرية وقياداتها مسا من هيبتها ومن شأنها إشاعة البلبلة بين الوحدات العسكرية، وليكون بذلك أول مدني يحال على المحاكم العسكرية في تاريخ تونس، وأول ناشط ومدون يسجن من أجل حرية التعبير رغم من دوره الفاعل أيام الثورة التونسية وفضحه لممارساتنظام الرئيس المخلوعزين بن علي في فرنسا وفي أوروبا. "/المستقبل/" انتهى ع.د |
المصدر : المستقبل