تداركا للنسيان السياسي، علاج جديد أطل اليوم من تحت قبة مجلس الأمة والذي يبدو أن هذا العلاج حديث الاكتشاف، انسجام نوعي لجلسة اتفقت على وصفها السلطتين التشريعية والتنفيذية بــ"التاريخية"..
علاج كنز قد يغني على كل السياسيات الكيدية والهفوات النيابية واسئلة الاساطير الخيالية، وصراخ المنابر الوسواس الذي يوسوس في عقول النواب وعن كل موازناتها الكلامية وحبرها ثقيل الدم على التاريخ.. وهذا العلاج حديث الاكتشاف، ألا وهو "ديوان المحاسبة".. حيث لم يتم خرق السقوف السياسية كالمعتاد بفضله. وظلت سقوف الكيديات والأرقام الحسابية المحسوبة بعقول انتقامية بعيدة عن الأجواء الاعلامية .. ولم نسمع أنه تم توجيه كلام انتقاد خارج عن الأدب او اي تلاسن يذكر أو اشتباكات كلامية.. أو حتى تحويل مجلس الأمة إلى حلبة مصارعة.. فكل هذا لم يحصل لأن المعجزة حلت وصارت دواء لجلسات نواب الأمة.
ولم يتجاهل اي من النواب الضوابط الأخلاقية في مجلسهم ولم يستحضروا مواضيع حساسة نسجت من باب الاحتمالات والعرافات.. بل كانوا منسجمين بالعاطفة الحسابية لملاحظات ديوان المحاسبة الذي ندعو له أن يعيش أكثر كي تعيش ايقاعات اللعبة الديمقراطية بدون الزجليات النيابية ولا يكررون معزوفات الاتهامات المبنية على كلام العرافات والساحرات ويظل مرزوق الغانم ضابط ايقاع بمطرقته سيدا لجلسات تشبه هذه الجلسة الموصوفة بالتاريخية، وأن يظل ديوان المحاسبة يحد من ذوبعتهم الجنونية..
ودوليا، حين يكتب روبرت فورد، آخر سفير لواشنطن في دمشق، مقالا بعنوان "أميركا تخسر الحرب في سوريا"، فهذا يعني أن أميركا تخسر الحرب في سوريا... وحين يكتب سبعة واربعون سيناتورا أميركيا رسالة إلى طهران حول اتفاقها النووي مع إدارة أوباما، فهذا يعني أن اسرائيل تخسر الحرب في أميركا، لمجرد أن صار لها ضرة شرق أوسطية في البيت الأبيض... وحين يشيد رئيس هيئة أركان الجيوش الأميركية بالدور الإيراني العسكري في العراق، وبقيادة قاسم سليماني بالذات، فهذا يعني أن داعش واخواتها وملحقاتها، ومن يقف وراءها، خسروا المعركة في بغداد... كل العالم تقريبا قد يقتنع بهذه الحقائق، الا أن حقيقة واحدة لا بد من أن نتنبه لها وهو الدور الايراني في العراق وخاصة ما كاد حبر الكلام المنسوب لمستشار الرئيس الايراني علي يونسي بأن ايران امبراطورية عاصمتها بغداد يجف حتى وصف قائد الحرس الثوري الإيراني الجنرال محمد علي جعفري "حزب الله" بمعجزة الثورة الإيرانية متباهيا بالمد الإيراني بالمنطقة. وخلال اجتماع لمجلس الخبراء زعم جعفري ان تأثير "الثورة الاسلامية يتزايد في العالم الإسلامي، مشيرا إلى أن صراع حزب الله مع إسرائيل هو إحدى معجزات هذه الثورة.. وما ينتظرنا من معجزات ايرانية هو الأخطر اذا لم نتنبه لدورها المشبوه حولنا..
وتلاحقت المستجدات الخارجية وسجل في العراق تراجع لداعش في تكريت وتركيزه المعركة في الانبار. وفي سوريا اشتداد المواجهات في محيط حلب واقفال تركي لمعبرين. أما في اليمن اتصالات غير مباشرة بين الرئيس هادي والحوثيين على التفاوض في الرياض. وفي الجزائر عدم توصل المفاوضات الليبية إلى حل سياسي بدل العسكري وجولة اخرى للحوار في المغرب. أما في واشنطن تأكيد كيري أن الكونغرس لا يستطيع تعديل الاتفاق مع ايران ان حصل. وفي استوكهولم مغادرة السفير السعودي بناء على استدعاء حكومته له بسبب خلاف مع السويد حول صفقة اسلحة. ولبنانيا فشل الانتخاب الرئاسي للمرة العشرين من جراء غياب نصاب جلسة اليوم.