تواصل "المستقبل" البحث عن الحقيقة في الملف الطبي، و عن ابرز اوجه العمل و العراقيل التي تواجه القائمين على هذا القطاع الحساس في البلاد ، خصوصا بعد ان واجه العديد من الاتهامات بين حين واخر فيما يخص مستوى الخدمات وتدنيها ، ففي ظل الازدحامات التي تغص بها صالات المراجعين ، فان هذا الملف يحتل اولوية حكومية وبرلمانية ، لحل ازمة ضعف السعة المكانية التي تعود اسبابها الى تنامي عدد السكان في البلاد ، اضافة الى ذلك فانه يتطلب من جهات الدولة غرس التوعية لدى المواطنين والمقيمين بشأن الوثوق بالاطباء في الكويت من محليين واجانب عبر قنوات الدولة المختلفة ، كما تطرقنا الى ملف العلاج بالخارج ، وغيرها من الملفات العالقة ، حيث كان لقاء مع مدير مستشفى العدان الدكتور بدر العتيبي الذي تحدث الينا بصدر مفتوح عن هموم الكادر الطبي .
بداية سألت "المستقبل" الدكتور بدر العتيبي عن اعداد المرضى التي تزور المستشفى فاجاب بقوله انه الاعداد تعتمد على المواسم ، فهناك اوقات من السنة تشهد ازدحاما اكثر من غيرها ، ووفق الاحصائيات، فان طوارئ المستشفى تستقبل شهريا ما يقارب 40 الف مراجع شهريا، حيث يخدم المستشفى مساحة كبيرة من البلاد تغطي ما يقارب مليون وربع نسمة! واردف بان المناطق الجنوبية في تمدد مستمر ، مشيرا الى ان مسشتفى العدان يغطي محافظتين هما القرين والاحمدي، و يستقبل المرضى على نطاق واسع يبداً من منطقة القرين وحتى الحدود بين الكويت والسعودية، بالاضافة الى العمالة الاجنبية في شركات النفط والشركات الاخرى واعدادهم هائلة في هذه المناطق.
11 الف وحدة سكنية جديدة في مدينة صباح الاحمد
وتطرق العتيبي الى صغر سعة المستشفى مشيرا الى انها لم تتغير منذ انشاء المستشفى، باستثناء التوسعة الاميرية التي ساهمت في تخفيض الضغط على قطاعات المستشفى ، فقد تم اضافة 6 اجنحة ولكنها رغم ذلك لا تكفي ، في ظل بناء مناطق سكنية جديدة مما يلقي العبء على العدان خصوصا ، كما ن مستشفى الدبوس بات يستقطب المرضى من كل المحافظات و ساهم ذلك ايضا في رفع اعداد المرضى المراجعين للمستشفى! ولفت العتيبي بان منطقة صباح الاحمد السكنية التي من المقرر ان تكون مأهولة بالسكان قريباً ، تضم 11 الف وحدة سكنية، مما سيزيد الضغط على مستشفى العدان.
و لفت العتيبي الى ان الحل الاوحد للمشكلة هو بناء مستشفى آخر جديد بالكامل ليخدم ابناء محافظة الاحمدي ، مفضلا ان يكون قريب من منطقة صباح الاحمد السكنية ، اضافة الى تفعيل دور المستشفى لاستقبال العمالة الوافدة التي تعمل لدى الشركات ، منوها الى دور وزارة الاشغال في هذا الصدد حيث ان المراكز الطبية التي تقوم بتشييدها الوزارة داخل المدن السكنية غير كافية في الوقت الراهن ، ووجه العتيبي تحذيرا صارخا من عدم وجود اسرة كافية للمرضى في المستقبل ، فهناك يتواجد 980 سرير ويشمل هذا العدد اسرة مستشفى الدبوس لامراض القلب، فيما يوجد هناك 8 غرف عمليات فقط وهي غير كافية، وتساءل عن تحديث بقية المستشفيات بينما مستشفى العدان يبدو بمعزل عنها.
غرف العناية المركزة مشغولة على مدار الساعة!
وقال العتيبي انه بالنسبة لغرف العناية المركزة هناك 44 سرير وجميعها مشغولة على مدار الساعة! وذلك بسبب الحوادث على الطرق السريعة للمسافرين تحديداً و مرتادي الشاليهات والاسطبلات و البر ، وتستغرق العمليات الاختيارية فترة طويلة لاجرائها بسبب نقص الاسرة ، وتصل مدة الانتظار الى اشهر للحصول على موعد لاجرائها.
وفيما يتعلق بالمشاريع المستقبلية ، كشف العتيبي عن الابراج الطبية كمشروع عملاق يرى النور في المستقبل ، في منطقة العدان الطبية ، حيث يضم كافة الاقسام ، ولكنه تأخر على الرغم من الانتهاء من كافة مراحل اقرار المشروع الاولية، من تصاميم وترسية على الشركة المنفذة ، الا انه معطل وينتظر "توقيع الوزير" ، مشيرا الى ان قيمة المشروع تصل الى 200 مليون دينار كويتي ويتكون من 5 ابراج وتصل عدد الاسرة الى 600 سرير! وسيكون كافيا في الوقت الراهن لاستقبال المرضى وحل ازمة السعة ، مشيرا الى انه لم يتبق سوى تحديد بدء التنفيذ ، مما يصعب من تحديد موعد استلامه، و"لا نعرف متى سيتم البدء بالعمل فيه ، حيث ان الاسباب مجهولة وراء التأخير".
ولفت العتيبي الى اهمية التأمين على المرضى الوافدين حيث ان اعدادهم كبيرة في محافظة الاحمدي ، بتطبيق مشروع التأمين الصحي لعلاجهم في القطاع الخاص بعيدا عن الازدحام في المستشفيات الحكومية ، او بانشاء مستشفيات الضمان الصحي التي ستحل المشكلة ايضا فالمواطنين قلة قليلة هنا، ناهيك ان الشركات مطالبة بالمحافظة على صحة موظفيها.
700 زيارة لقسم الاطفال يوميا
وبالنسبة للتخصصات في مستشفى العدان فانها مكتملة لكن نعود الى المربع الاول و مشكلة السعة المكانية حيث يصل عدد المرضى في قسم الاطفال على سبيل المثال الى 20 حالة دخول يوميا! بينما عدد الزيارات اليومية 700 مريض.
واشار العتيبي الى نظام الفرز الذي ليس له مثيل في الكويت ، كان قد انطلق من مستشفى العدان الرائد في هذا الشأن، وبعد ذلك تم نقل الفكرة الى بقية المستشفيات ، حيث يتم تصنيف المرضى حسب الاقسام وتخفيف الضغط على الكوادر الطبية بالعمل.
و اردف العتيبي يقوله بان عدد المراكز الطبية يتجاوز عددها الثلاثين ، وتلعب دورا هاما في تخفيف معاناة مستشفى العدان منها مستوصف القرين المنقف حيث يحتويان على قسمي طوارئ لاول مرة في الكويت وهي فكرة رائدة في هذا المجال ، و سيكونان مجهزان باحدث الاجهزة الطبية في مجال الطوارئ لاستقبال المرضى بالنيابة عن المستشفى ، وسيتم افتتاحهما قريبا ، وكل مستوصف منهما سيضم اليه مرضى المناطق القريبة.
الوعي الصحي .. مفقود
وتحدث العتيبي عن الوعي الصحي لدى المرضى بحيث يذهب الى المراكز الطبية قبل ان يراجع المستشفى ، لا سيما وانه تم تطوير المراكز مؤخرا لتحتوي على مختبرات لتحليل الدم واضافة لوجود اطباء على مستوى عالي، وايضا تم ادخال قسم الاشعة و عيادات تخصصية مثل جراحة وعيون وباطنية ، فيما تكمن مشكلتنا بكثرة ، ولكن الخطة الجديدة للمراكز الطبية ستساعد المستشفى على القضاء على اهم العراقيل في العمل، مشيرا الى اهمية زرع الثقة بالطب في البلاد.
و فتح العتيبي ملف العلاج بالخارج بعد اتهام القطاع الحكومي بضعف الامكانيات وانفاق الدولة الملايين لعلاج المواطنين بالخارج ، حيث اكد ان توجه المرضى الى العلاج بالخارج لا علاقة له بالاسباب الطبية ، ويوجد في الكويت الاطباء الذين تخرجوا من كافة الجامعات الامريكية والكندية ومن نفس الجامعات التي تخرج منها الاطباء في الخارج، بدليل اننا كنا نسافر للمستشفيات للخارج ونرى الكوادرالطبية والاجهزة العلاجية حيث لا نجد اية اختلافات عن الطب في الكويت لا سيما من خلال التشخيص الطبي، وحتى نكون صريحين فان السفر للعلاج عادة يكون لاسباب اخرى غير طبية، وبدليل اخر فان المستشفيات الحكومية تستقطب الاطباء من الخارج واجروا 48 عملية في الكويت وكان معهم اطباؤنا ولم يكن هناك فرق بالتشخيص والعلاج ، وواصل الحديث بشفافية بقوله "ان الاختلاف يكمن بالخدمة الفندقية التي تقدمها المستشفيات بالخارج" ، ولكن من الناحية العلمية فانها متساوية ، لافتا الى الاطباء في الخارج لا يصرفون الادوية باهظة الثمن بينما في الكويت يتم صرفها بالمجان.
وفي هذا السياق ، ذكر العتيبي بان الكويت الدولة الوحيدة في العالم التي تعالج المواطنين بالمجان الى جانب الاجانب الوافدين للعمل في الشركات بالكويت ، حيث ان الفئة الاخيرة تدفع مبالغ رمزية مقابل الخدمات الطبية والادوية التي تكلف الدولة مبالغ كبيرة وعلى سبيل المثال اشعة الرنين المغناطيسي واشعة السونار وغيرها التي تكلفهم الكثير في المستشفيات الخاصة.
مستوى الاطباء.. مرتفع
و سألت "المستقبل" الدكتور بدر العتيبي عن رأيه في مستوى الاطباء في الكويت ، واجاب قائلاً بان جميع الاطباء من كويتيين و اجانب يقدمون خدمة جيدة وعلى مستوى متميز وعالي ولكنهم يحتاجون الى المنشآت المطلوبة التي تساعدهم على اداء عملهم ، اضافة الى التجهيزات ، كما هو موجود في دول العالم ، حيث يقومون بدورات تدريبية وورش عملية ويملكون الخطط التي تطور الكوادر الطبية.