قالت صحيفة "الغارديان" البريطانية إن إعدام 21 مصريا قبطيا على يد داعش في ليبيا يشير إلى أن التنظيم كان ينتشر بشكل أكبر وأسرع من التقدم الهائل الذي أحرزه في وقت سابق، ويأتي هذا بعد تعهدات بالولاء لزعيم التنظيم أبو بكر البغدادي من قبل مسلحين من أفغانستان وحتى اليمن.
كان الجنرال فينسيت ستيورات، مدير وكالة استخبارات الدفاع الأمريكية، قد حذر مجلس النواب الأمريكي هذا الشهر من أن داعش بدأ يكون له بصمة دولية متزايدة مع وجود تابعين له في الجزائر ومصر وليبيا.
وكان العقل المدبر لذبح سائح فى الجزائر، والفيديو الذي يصور الهجوم على قاعدة للجيش وقتل الجنود، والتفجير الانتحاري بأحد أهم فنادق طرابلس في ليبيا، مسلحون أعلنوا صراحة ولاءهم لداعش. وتتبنى الأفرع التابعة للتنظيم نفس وسائل الإنتاج الإعلامى والأساليب الدموية، مما يضخم من تأثير العنف.
وقد أدى ذبح المصريين في ليبيا إلى غارات جوية مصرية ربما تلائم بعض قادة داعش الحريصين على جر أعدائهم في حرب مكلفة ومستنزفة، كما تقول الغارديان. وتمضي الصحيفة قائلة إن هناك أصداء لتوسع القاعدة عالميا حتى مع انكماش زعيمها واختبائه، وذلك من خلال وحدات موالية لكن شبه ذاتية في اليمن وفي شمال وشرق أفريقيا ومناطق أخرى.
إلا أن القاعدة توسعت ببطء وبحذر، وتحرت عن الحلفاء المحتملين الذين أرادوا أن يستغلوا اسمها المفزع في معاركهم الخاصة. في حين أن داعش رحبت بالفعل بالعديد من الداعمين المحتملين تحت ما يبدو أنه مظلة فضفاضة، من بينهم المقاتلون الأفغان الذين يقول المحللون إن هناك خلافات عقائدية كبيرة بينهم وبين التنظيم.
ومضت الصحيفة قائلة إن الثروة التي حصل عليها داعش، والقوة الاستثنائية لاسمه، وتحوله المثير من الغموض إلى السلطة في مناطق واسعة بدولتين جعله مغرياً. فيمكن أن يقدم الدعم في بعض المناطق، بدءا من الأموال وحتى امدادات السلاح والدعم العملي بإنتاج الفيديوهات.
وقد أثبت التنظيم جاذبيته للمانحين والمقاتلين الأجانب المحتملين. وقد وصل داعش لمصر بين عشية وضحاها عندما أعلنت جماعة أنصار بيت المقدس ولاءها للبغدادي في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
كيف نمنع داعش من استخدام الاغتصاب سلاحاً في الحرب؟
مع قيام داعش باغتصاب عدد كبير من النساء، فقد بدأت وصمة العار التي أحاطت بالضحايا تتآكل تدريجيا.
مؤخرا جرى في إسطنبول تجمّع لناشطات حقوق المرأة من سوريا و العراق. كان هدفهن المشترك هو وضع حد للاغتصاب المفروض عليهن بسبب الحرب الأهلية و ظهور داعش.
لكن كيف السبيل الى ذلك ؟ لا يمكن لجندي ان يحمل سلاحا فاسدا في الحرب، اذن كيف ننزع الاغتصاب كسلاح في الحرب ؟ جزء من الجواب يأتي من خلال قصص النساء المروعة، فقد تحدثت الناشطات عن تحوّل خفي لكنه حرج في مجتمعاتهن من أجل إنهاء وصمة العار التي تحيط بالعنف الجنسي .
تحدثت النساء في اسطنبول عن ان داعش استخدم الاغتصاب لممارسة السيطرة و نشر الرعب في المجتمعات، و فرض من خلال العنف قيودا صارمة على حرية المرأة في العمل أو الكلام أو التواجد في الأماكن العامة، كما اختطف الكثير من النساء و الفتيات و باعهن في سوق العبودية الجنسية .
هذه المحن ليست بالعشوائية و لا النادرة اذ ان الاغتصاب يوفّر فوائد لداعش؛ فهو يلحق الأذى بالأفراد و يقوّض إحساسهم بالاستقلالية و السيطرة و الأمان، كما انه يتسبب في نزوح جماعي عند انتشار الأخبار بين الناس.
لكن أكثر ما يدمر في الاغتصاب كسلاح في الحرب هو وصمة العار العميقة المرتبطة به، حيث تصبح الضحية منبوذة و حتى انها تتحمل اللوم في الاغتصاب، حيث تخشى العوائل من تشويه السمعة بسبب العار فتقوم بنبذ الأمهات و الزوجات و البنات، و في أسوأ الحالات تلتزم العوائل بمفاهيم الشرف المشوهة فتقوم بقتل الضحايا. كما ان الاغتصاب يمزّق النسيج الذي يربط عوائل الضحايا بالمجتمع.
لكن شيئا مختلفا بدأ يحدث في بعض المناطق التي يسيطر عليها داعش في العراق و سوريا، حيث يبدو ان العدد الكبير من النساء اللواتي تعرّضن للعنف الجنسي، بدأ يخلق نقطة تحوّل مرتقبة؛ فقد ذكرت النساء في سوريا و العراق انه مع اتساع نطاق الاغتصاب فقد بدأت العوائل باستقبال و قبول نسائها العائدات من أسر داعش . تقول الناشطة يانار " من الصعب لوم امرأة على الاغتصاب مع حصوله لعدد كبير من النساء ". شهدنا هذا التغير في رواندا حيث كان الاغتصاب سلاحا ممنهجا للإبادة الجماعية.
في ما بعد أثار عدد كبير من الضحايا حوارا وطنيا جديدا حول العنف الجنسي و أخلاقيات نبذ المغتصبات و حقوق المرأة على نطاق واسع . مثل هذا التغيّر يمكن حصوله الآن اذا ما استطاعت مناصرات حقوق المرأة في العراق و سوريا اقتلاع ردود فعل المجتمع، التي تعزل ضحايا الاغتصاب وتصمهن بالعار، فبالإمكان تقليص استفادة داعش من الاغتصاب كسلاح في الحرب و منعه من تفكيك المجتمعات.