بعد أن شاهدنا رجال الشرطة يتظاهرون في مصر مطالبين بحقوقهم المهدورة من قبل السلطة السياسية الغير مكترثة و التي تجاهلتهم الى أبعد الحدود ، وبعدها أيضاً في فرنسا بشكل رائع وحضاري بلا أي تتطورات سلبية أو أي إشكالات ...
يقتحمنا السؤال هنا ، هل سنرى المشهد نفسه في لبنان البلد الممسوك حالياً فقط من العسكر ، أي القوى اﻷمنية والجيش...؟!
فإذا دخلنا إلى خصوصية الصورة ، نجد بأن العسكري اللبناني يعاني ما يعاني ، ويتألم ما يتألم ، ويتحمل ما يتحمل بلا أي تعبير أو إنزعاج ، إذ ينتهي معاشه في اﻹسبوع اﻷول من الشهر ، ويبدأ بشراء حاجياته اﻷساسية بالدَّين من هنا وهناك ليتحمل بذلك أعباء نظرات الدائن الغير مرئية وصفعات الدين التي لا ترحم ....!
فكيف سيقدر هذا العسكري اليوم على تحمل فكرة تأخير معاشه دون أن يعرف الى متى ، وهو يرى ويعلم بأن اﻷسباب قاسية ولا حلول لها ، ولا أمل يلوح في اﻷفق ،فالعجز والدين يأكلان البلد بعد الكثير من المشاكل التي بدأت تكبر وتولد الكثير من اﻷزمات ...
وفي الوقت الذي بدأ فيه بعض السياسيين محاولة دفع الجيش للنزول الى الشارع وليس للتظاهر وحسب ، 
بل لما يشبه اﻹنقلاب العسكري واﻹمساك بالبلد ، خرج رئيس مجلس النواب نبيه بري عن صمته ليعلق على موضوع تأخّر دفع الرواتب للعسكريين ويطرح رؤيته وهي بأنه يجب إيجاد حل فوري لهذه المسألة لأنه لا يجوز ان يبقى العسكريون بلا رواتب وحتى لو اضطررنا إلى الاستدانة لدفع هذه الرواتب سنفعل ذلك ، مشيراً إلى أنّه إذا لم تنجح الجهود المبذولة حيالها فسوف يتدخل لدى حاكم مصرف لبنان لكي يتولّى تسديد الرواتب، على ان تعيد الدولة الاموال المستدانة الى المصرف لاحقا.
وما هجوم الرئيس بري وبشدة على لجوء البعض الى تحريض الجيش على الحراك العسكري إلا تسجيل موقف له في أصعب وأخطر المراحل التي تمر بها البلاد ، حيث اعتبَر أنّ ذلك ينطوي على مخاطر تهدد ما تبقّى من الدولة ومؤسساتها منتقدا مواقف الذين يرفضون البحث في مسألة الرواتب في الحكومة، فهو يرى بأنه هناك مَن يدفع الى الانتحار البطيء عبر غرسِ السكّين شيئاً فشيئاً في جسم الدولة ...
وما بين الحرص من جهة والغليان والوجع والحرمان من جهة ثانية لا نعرف الى أين ستتجه العيون ، وما هي الخطوة القادمة التي بات الجميع يجهل الى اين ستتجه.
ونطرح السؤال من جديد هل سيلجأ العسكر في لبنان الى التظاهر ، حقاً إنه لمشهد نرجوا ان لا نصل إليه. (بقلم : أريج سلمان )