لرجال الشرطة دائما هيبتهم .. وكلمتهم الحكيمة الحاسمة  في اللحظة الصعبة والحرجة ،وعادة يتدخل رجال الشرطة في الحالات الطارئة، كالسطو على بنك مثلاً، أو محاولة التعدي من فئة من الناس على فئة أخرى ، أو لقمع مظاهرة قد تهدد السلامة العامة ، أو في حالة خطف أو سرقة، أو بأي سبب يؤسس لهذه الحالات الصعبة التي تستدعي التدخل ، ويأخذ التدخل شكل العنف الذي يبدأ بالتأثير والضغط النفسي ، ليتطور ويصل الى العنف الجسدي كالضرب أحياناً وما يشبهها من وسائل قاسية ...
والرقص لم يكن يوما هو اﻹسلوب المناسب لحل إشكال كان من الممكن ان يتطور ليتحول الى اشتباك ومن ثم الى معركة باﻷسلحة الفردية ، لكن هذا ما فعلته شرطية في الولايات المتحدة اﻷمريكية ﻹنهاء شجار وقع بين عدة مراهقين في واشنطن ، إذ تدخلت بينهم وبدأت ترقص بشكل خاص ومميز جداً، ليهدأ الشجار الذي سرعان ما تحول الى حلقة رقص على أنغام أغنية "واتش مي" المنبعثة من هاتفها المحمول حيث شاركها بها كل من كان على الطريق  ، وسرعان ما انتشر الفيديو على مواقع التواصل اﻹجتماعي ليطل الرئيس أوباما في تغريدة على موقع تويتر ويقول "إنه مثال جيد على أن عناصر الشرطة ، إذ  يمكنهم أن يؤمنوا حمايتنا وأمننا وهم يلهون ويرقصون ".
وبحسب صحيفة واشنطن بوست، تدخلت الشرطة لوقف شجار، وطلبت من الشبان أن يتفرقوا، لكنهم رفضوا أن يغادروا المكان واقتربوا من الشرطية وهم يرقصون بشكل استفزازي على أنغام أغنية "واتش مي" المنبعثة من هاتف محمول ... 
وسرعان ما بادلتهم الشرطية الرقص بشكل رائع جداً، حيث كانت ترتدي درعا واقيا وحذاء ثقيلا وجعبة مدججة.
واستمرت الرقصة قرابة الدقيقة، وأدت إلى تبديد أجواء التوتر التي كانت سائدة. ولم يكتف الرئيس أوباما بتغريدته ليعبر عن إعجابه الشديد ، فدعا في اجتماع مع قادة الشرطة إلى نشر المقاطع التي تظهر نماذج جيدة لعناصر الشرطة، وليس فقط تلك التي تظهر التعامل بقسوة ، وقال "في ظل التكنولوجيا اليوم، إن قام أحد من عناصركم بأي تصرف غير مسؤول فإن العالم كله سيعرف بذلك في وقت قصير". وأضاف "قلة من النماذج الكثيرة الجيدة تظهر في نشرات الأخبار".
وصادف وقوع هذه الحادثة في اليوم نفسه الذي هاجم فيه شرطي بعنف تلميذة سوداء في مدرسة. وقد أثار انتشار فيديو لهذه الحادثة سخطا واسعا، وفصل الشرطي من عمله.. وقال أوباما "تعرفون أكثر مني أن التوترات في بعض الأحياء، والشعور بأن القانون لا يطبق بالتساوي، ليست من دون خلفية.. هناك تاريخ طويل لهذه الأمور في بلدنا".
من هنا ، من هذه الحادثة ، ومن هذه الشرطية بالذات علينا جميعا ان نتعلم درسا ، ونجعله دائما امام أعيننا ، بأن الغضب واﻹنفعال إذا تم صدهما بمثلهما يتحولان الى بركانين احمقين قد يجرفان كل ما هو أمامهما ...
تلك المرأة برقصة لم تكلفها أي شيء ، استطاعت ان تنهي الخلاف الذي ما كان لينتهي الا بالدماء ... ( بقلم : منال شرف الدين )