التظاهر هو حق مشروع في كل بلدان العالم ،طبعاً  مع تفاوت خفيف في كيفية وطريقة التعبير بين شعب وآخر .. كذلك بين حكومات وحكومات ، 
وهي تأخذ شكل العزف والغناء ، فالمتظاهرون يعزفون والقوى اﻷمنية تغني ، فيخفت غضبها ويعلو بحسب التحركات التي أمامهم ، يصح هنا القول 
على قدر أهل العزم تأتي العزائم .. وتأتي على قدر اهل الكرام المكارم....
لكن ما نراه ونشاهده في مظاهرات لبنان يحتاج للكثير من الشرح والتوضيح .. فالمتظاهرون يبدون أحيانا كأهل الكهف وفي كل موضوع يهيمون .. بالمقابل نجد القوى اﻷمنية كأنهم في مكان آخر وفجأة وجدوا أنفسهم هنا ، وبنفس غضبهم وانفعالهم يهجمون على بعض العاطلين عن العمل الباحثين في أزقة الوطن عن الوطن . 
وما شاهدناه باﻷمس من هجمات وضربات واعتقالات شعرنا بأننا لسنا في بلد لطالما تغنى وغنى للحرية والسيادة واﻹستقلال ..ولكي يتم اﻹلتفاف وتحويل مسار التظاهرة كان هناك أكثر من خطة ...
التكتيك الأول يتعلق بتوقيف المتظاهرين في مخافر خارج بيروت ، وفي ذلك مخالفة قانونية واضحة تحت حجة عدم وجود أماكن شاغرة داخل مخافر بيروت. وهذه خطوة وليدة تخوف السلطة من انتقال التحركات إلى أمام المخافر ، اﻷمر الذي سيتسبب بضغط كبير وقد يتطور ليؤدي الى إحتكاكات وربما اشتباكات بين القوى اﻷمنية والمتظاهرين الذي باتوا يمشون الى حيث تشتهي الرياح .
أما التكتيك الثاني، هو أنّ عدد كبير من المخافر تمارس “كذباً هائلاً” عبر نكرانها وجود أي موقوف لديها، وطالما أخذت المسألة طابعاً عاماً وجماعياً، ذلك يدل على أن وراء ذلك الكذب قراراً سياسياً يهدف الى ارباك المتظاهرين وتحويل المطالب عن مسارها ، فيصبح اخراج المعتقلين هو اﻷساس وقبل أي شيء ..
إن ما يجري “خطير جداً”، ويثبت أن هناك من يتمادى في الاستيلاء على صلاحيات القضاء، ما يجعل ثقافة التدخل السياسي بالقضاء “لا حدود لها في أكثر وقت نحتاج فيه إلى استقلالية القضاء”، رافضاً تصوير المعتقلين على أنهم مشاغبون، مؤكداً أن “الأغلبية الساحقة من المتظاهرين جرى اعتقالها عشوائياً” حتى قبل أن عملية شغب واحدة ، وبالتالي قد يكون هناك نوايا مسبقة أو خطة ممنهجة لجعل المظاهرات مجرد تجمعات لمجموعة من الشبان الباحثين عن فرصة لقتل الملل ... ( بقلم : أريج سلمان )