افتتح امس، منتصف شهر أغسطس، في ما يشبه المزاد العلني، موسم الانتخابات المحلية والجهوية المرتقب تنظيمها في المغرب، في شهر سبتمبر المقبل.
تعالت حمى الاستقطاب بين التيارات السياسية المتصارعة في المشهد السياسي المغربي، كل حزب «بما لديهم فرحين»، وكل قوم بألوانهم ملوحين، ومنهم من يلوح بأوراق نقدية فاقعة الزرقة من فئة 200 درهم (20دولار)، يشتري بها صوت إنسان مقهور، مغلوب، منهك..من توالي الحملات الانتخابية التي تتبدل وجوهها بين وزير سابق ووزير لاحق «ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام» ويبقى شوق الفقير يهفو كل عمره للحرام..
يعلم المهرولون إلى مقاعد البلديات، وأغلبهم فاسدون في الأرض، أن المواطن صاحب الصوت لا يعنيهم، بمعنى أدق..لا تعنيهم مصالحه، ويدركون أن هذا «الصوت» يساوي بضع أوراق مالية يجهز عليها قبل تسلمها..
السؤال: كيف للوزير الحالي..أن يقنع رجلا سلبه لقمة عيشه بالتصويت له؟ بعد أن رفع أسعار المواد الأساسية؟ من شاي وسكر وزيت ودقيق..أين حمرة الخجل؟ أين خفقان القلب من الوجل؟ أين انتصاب الهامة يا رجل؟.
لن نلوم من يبيع صوته بدريهمات..وكل اللوم والتنديد بمن ارتضى أن يصبح وزيرا آمنا على حياة الناس بشراء الذمم..كانت لولا الإملاق ما انحنت..ولولا الفقر الكافر ما باعت..ولولا احتياج الرجل والمرأة لعلب حليب للصغار..ما باعت..وإن جاعت.
أكره أن يستغل وزراء كانوا حملانا وديعة، تكثر من الإبتسام والوقيعة..وتترنم بأقوال من كتب مقدسة، وحكايا أنبياء، ينصبون بها على عقول عطلتها البطون الفارغة..فلا الله رب الفقر، ولا الأنبياء قساة..وهم من كانوا رعاة.. يبدو..تتوق النار لألسنة مرنتها كثرة الإفك على الكذب.. عيثوا فسادا في القوم..طوبى للمفسدين.. تذكروا: دائما يبقى في الجحور يرقات تكبر في الظل..حتى تصير ثعابينا تهاجم مضاجع العابثين بمصائر الناس..فاليرقات..أمل، والثعابين رجال لبسوا الحق واقتلعوا الذل بفحيحهم المشهر في وجوه المشترين..
قد تجدون الصناديق «خاوية على عروشها» يملأها الغضب، فالرجال رجال مواقف..والنساء أصلهن أمهات..يرضعن الرجال قناعة الفرسان..قد تكبو..ولكن لا تبقى جاثما مكانك..وقد تصاب..ستنتصب، وقد تموت جوعا.. اعلم: أن الشهداء كالأنهار ..لا تجف خائفة.. وكالأشجار..دائمة تموت واقفة.