كنا نقول أن الصراع العربي – الاسرائيلي جعل من العرب ارقاما في سجل الشهداء وأن البيوت المهدمة وغيرها من تفاصيل ارقاما، أم هم يظلون اسماء نظراً للفارق الهائل بينهم وبيننا.

أما بعد ما سمي بالثروات العربية صرنا ارقاما يميزها ضعف القرار وضعف المواجهة لأن الارهاب هو من جعل منا ارقام، الارهاب بكافة اشكاله..

ومن قال أن الارهاب فقط هو السيف المسلط والرصاصة الموجهة والنار المهددة، حرمان الشعوب من حقوقها والاستخفاف بتطلعاتها.. استحضرتني هذه الكلمات وانا اقر مقال للكاتب " غسان شربل " تحت عنوان "  أرقام الخريف العربي " مؤكداً أن المطلوب هو  "جهة محايدة وموثوقة. هيئة تمتلك الرصانة العلمية الضرورية. لا تخلط الأرقام بالتمنيات أو الأوهام. هيئة جدّية ومحترمة. تعمل بشفافية ونزاهة، ثم تضع حصيلة جهودها أمام القارئ العربي".

قائلا أنه "من حقّنا أن نعرف. كم عدد الرؤوس التي قُطِعت على يد تنظيم «داعش». ويُستحسن ان يُرفَق العدد بلائحة تُظهِر انتماءات من فُصِلت رؤوسهم عن أجسادهم. طبعاً مع الإشارة الى الذُّنوب التي ارتَكَبوا حتى استحقّوا هذا النوع من العقاب الذي كادت البشرية أن تنساه".

مضيفاً أنه "من حقّنا أن نعرف أيضاً التزايد المريع في عدد الأرامل في مسارح ما اصطُلِح على تسميته «الربيع العربي». ومن هي الجهة الموكلة إليها رعاية الأرامل الجديدات؟ وهل يحظَيْن برعاية نفسية وطبية، وهل يحصَلْن على شيء من التعويضات؟"

مشددا على أنه "من حقّنا ان نتعرف إلى جيوش الأيتام الجدد. أين يقيمون ومَنْ يتولى إعادة تأهيلهم ومن يوفّر لهم الحد الأدنى الضروري، لئلا يكونوا حطباً جاهزاً للتنظيم الذي سيخلف «داعش» في السنوات المقبلة".

مؤكداً أنه "من حقّنا أن نسأل عن عدد العرب الذين يقيمون الآن في الخيام، بعدما اقتُلِعوا من منازلهم بفعل الرعب من التنظيم المتوحش أو قذائف الميليشيات او براميل الجيوش".

كما تساءل الكاتب "ماذا عن اوضاع مَنْ فاضت بهم بلادهم ودفعتهم الى الدول المجاورة، ينتظرون صَدَقات المحسنين؟ وهل صحيح ان بعض أطفالهم مات من شدة الصقيع وشدة الجوع؟".

مضيفاً أنه "من حقّنا أن نعرف عدد الذين ماتوا تحت وطأة التعذيب، على حواجز الميليشيات أو في أقبية أجهزة الاستخبارات. ويُستحسن أن نعرف كيف لفَظوا أنفَاسَهم الأخيرة، ذلك أن الأنباء تتحدث عن فنون جديدة في الإجهاز على الخونة والعملاء والجواسيس، وهم في النهاية شريحة كبرى من شعوبنا".

كما اكد على أنه "من حقّنا ان نسأل عما حلّ بالأقليات، إذ تتحدث الأنباء عن تبخُّر بعضها وهجرة أقليات أخرى. وإذا كان إنقاذ الأقليات متعذّراً وسط امواج التسامح السائدة، فلتُعلَن نهايتها على الأقل ليتولى من بقي حياً تنظيم وداع شبه لائق لِمَنْ جرفتهم أمواج الكراهية العاتية".

وقال أنه "من حقّنا أن نسأل عن عدد العرب الذين قضوا في قوارب الموت، وهم يحاولون عبثاً الوصول الى أرضٍ غير عربية، علّهم يظفرون بكسرة خبز وكسرة كرامة. ويمكن الإشارة هنا الى عدد مَنْ نجحوا في الوصول الى إيطاليا وإسبانيا، ثم نجحوا في التسلُّل عبر حاويات الى فرنسا وبريطانيا".

وتابع أنه "من حقّنا ان نسأل أيضاً عن عدد «المجاهدين» الذين تسربوا إلى الأرض العربية السائبة، ليفرضوا فيها قوانينهم ويُقيموا محاكمهم ويطلقوا النار على بعض السكان الأصليين. يُستحسن تصنيفهم وفق بلدانهم الأصلية، خصوصاً بعدما تبيّن أنهم تجشَّموا عناء السفر من بلدان بعيدة، بينها افغانستان والصين والشيشان وداغستان وأستراليا".

مشيراً إلى أنه "من حقّنا أن نستفسر عن الثروات الهائلة التي أُنفِقَت على جيوش فشِلت في الدفاع عن الحدود الدولية والعواصم والمدن، وتُباهي الآن بالسباحة في مياه الميليشيات والخبرات غير المحلية، بعدما نجحت في مصادرة حناجر المواطنين وطحن اجزاء من الخريطة".

موضحاً أنه "من حقّنا ان نسأل عن عدد السُيَّاح الذين اغتيلوا على أرضنا، بعدما ضُبِطوا متلبِّسين بجرم التجسس على متاحفنا وبحرنا وأشجارنا، وبعدما افسدوا هناء عيشنا بكاميراتهم الصغيرة ومحاولتهم تشويش ثقافة أطفالنا بألوان ثيابهم وضحكاتهم".

كما شدد على أنه "من حقّنا ان نسأل عن عدد جلسات الحوار الوطني لتبديد سوء التفاهم العابر بين المكونات في هذا القطر أو ذاك، خصوصاً أننا نرفض بإباء وشَمَم تسمية الحروب الأهلية، ونحمّل الرّجعية والاستعمار مسؤولية التّرويج لهذه المفردات البعيدة عن تراثنا وثقافتنا".

مشيراً إلى أنه "من حقّنا أن نعرف ماذا طرأ على معدّلات البطالة والفقر وتكاليف إعادة الإعمار، حين تتعب القبائل من ولائمها".

وقال أنه "يُستحسن أيضاً وضع لائحة صريحة بالبلدان العربية التي تفكّكت حتى الآن، وتلك المرشحة للتصدُّع، ويُفضَّل إرفاق اللائحة بخرائط الأمر الواقع ليبدأ العربي في الاعتياد عليها، بدل البقاء في حال البكاء على الخرائط القديمة".

واعتبر أنه ما هو "مطلوب هيئة محايدة لإنجاز هذه المهمة القومية. وليت اللائحة تكون جاهزة لوضعها في تصرف نبيل العربي الأمين العام لجامعة الدول العربية، ليتمكّن من إطلاع القمة المُقترِبة على الأرقام الفعلية للخريف العربي المديد".

وبدورنا كأسرة موقع "المستقبل" نقول أنه من حقنا أن نجد من يجيب على الكاتب، ويقدم المعطيات التي تدل على مصائبنا، وأن يسموا الاشياء بمسمياتها، ويضعون النقاط على الحروف، بدل من أنهم يعرون الحروف من نقاطها....